العنف ضد المرأة هو انتهاك لحقوق الإنسان، وينجم العنف عن التمييز ضد المرأة قانونيًّا وعملياً وكذلك استمرارا لنهج اللامساواة بين الجنسين، ويبقي العنف ضد المرأة وباءً عالميًّا تعاني أكثر من 70 في المائة من النساء من العنف في حياتهن. وتشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أنه يتعرض ما بين 500 ألف إلى 2 مليون من الأشخاص سنوياً للإتجار بهم، ويتمثل ذلك في عدة صور منها البغاء والسخرة والرق والعبودية، وتمثل النساء والفتيات نحو 80 في المائة من الضحايا المسجلة، بالإضافة إلى أنه أكثر من 130 مليون فتاة وامرأة – على قيد الحياة اليوم – تعرضت لتشويه أعضائها التناسلية (فيما يُعرف بالختان)، ولا سيما في إفريقيا وبعض دول الشرق الأوسط. وأكدت المنظمات الدولية والمحلية أن العنف ضد المرأة والفتيات ليس بالأمر الذي لا يمكن اجتنابه، فمكافحته أمر ممكن وحتمي. ونظرا لأهمية هذه القضية التي تعاني منها المرأة تحتفل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنوياً بتاريخ الخامس والعشرين من نوفمبر، ومنذ العام 1999 باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وتوصي المنظمة الدولية جميع المنظمات الرسمية وغير الحكومية ووسائل الإعلام حول العالم بالترويج لثقافة القضاء على العنف تجاه المرأة. ولكن كعادة الاحتفالات ثمة سبب وراء تخليد هذا اليوم ليخصص للاحتفال ب"اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة"، حيث يرتبط التاريخ المذكور بقصة مهمة تعود إلى عام 1960 متلازمة بحادثة وقعت بالدومنيكان تلك الجمهورية الصغيرة الواقعة في الكاريبي على مشارف كوبا وهايتي.. حيث قتلت الأخوات ميرابال، لتصبح تلك الحادثة لاحقاً إلهام للعالم فيما يتعلق بقضايا مناهضة العنف ضد المرأة. الأخوات ميرابال.. ثلاثة شقيقات دومنيكيات أغتيلن من قبل مجهولين وبتوجيه حكومي في الخامس والعشرين من نوفمبر عام 1960 في عهد الدكتاتور رافاييل تروخيلو، وأصبحن لاحقاً معلماً من معالم الحرية في الدومنيكان والعالم. كان والدهن رجل أعمال ناجح وكن يعيشن حياة الطبقة الميسرة المستقرة مع شقيقتهن الرابعة (لازالت حية) وكانوا معارضين سياسيين لنظام الدكتاتور "تروخيلو".. الذي ظل على هرم السلطة في بلاده حتى عام 1961، فارضاً سيطرة مطلقة على البلاد من خلال تحالفه السري مع الكنيسة والأرستقراطيين والصحافة، مع إدارته لسلطة عسكرية بوليسية وإعدامه آلالاف من معارضيه. وفي إحدى المناسبات العامة التي تواجدت بها (مينيريفا) إحدى الشقيقات وكانت تريد أن تصبح محامية، وتواجد بهذه المناسبة الدكتاتور تروخيلو.. حاول الدكتاتور التحرش الجنسي بمينيريفا إلا انها واجهته بشكل رافض مهين (وقيل أنها صفعته) وغادرت المناسبة مع عائلتها، وشكلت لاحقاً حركة ضمت مجموعة من المعارضين لنظام تروخيلو، وعرفت باسم حركة الرابع عشر من يونيو، وضمن هذه المجموعة، كانت الشقيقات ميرابال يلقبن بالفراشات لجهودهن وحيوية الشباب التي يعشنها. إلا أن الدكتاتور سرعان ما أمر باعتقالهن وذويهن وجرى سجنهن والتنكيل بهن، ولاحقاً وبعد الإفراج عنهن قتل مجهولون الشقيقات الثلاث بطريقة وحشية وكشف لاحقاً بأن الدكتاتور كان وراء الاغتيال. اغتيال الأخوات ميرابال كان الضربة القاضية لنظام تروخيلو، الذي اغتيل بعد ستة أشهر من حادثة اغتياله للشقيقات. بعد انهيار نظام الدكتاتور "تروخيلو"، كرمت ذكري الأخوات ميرابال، وقامت أختهن المتبقية على قيد الحياة لاحقاُ بتحويل المنزل الذي ولدن به إلى متحف للرحلات يضم مقتنياتهن ويجمع العديد من الكتب والأفلام الوثائقية والسينمائية التي خلدت ذكري الأخوات ميرابال. وفي 17 ديسمبر 1999، أعلنت الأممالمتحدة عبر الجمعية العامة تحديد 25 نوفمبر (ذكري اغتيال الأخوات ميرابال) موعدا سنوياً لليوم العالمي للقضاء علي العنف ضد المرأة تقديراً لأخوات ميرابال، هذا اليوم يصادف أيضا بداية من 16 يوما من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة، تنتهي يوم 10 ديسمبر المصادف لليوم العالمي لحقوق الإنسان. ويعد العنف ضد النساء والفتيات واحدا من انتهاكات حقوق الإنسان الأوسع نطاقا في العالم. فهو يتخطي الحدود والعرق والثروة والثقافة والجغرافيا. ويحدث في كل مكان في المنزل أو في العمل، في الشوارع أو في المدارس، في أوقات السلم أو الصراع. ولكن هذا ليس أمرا حتميا. إذ يمكن مواجهة العنف ضد النساء والفتيات والحد منه بشكل منهجي، ومع مزيد من الإصرار يمكن القضاء عليه.