يتداول فى مجتمعنا تعليقات وقلق وآراء عن ضعف الإقبال على الانتخابات، ومهما اختلفت الآراء فإن النتيجه الحتمية هى اننا ننتخب مجلسا للنواب سوف يبدأ العمل سريعا بعد طول انتظار، سواء تم اختياره بأقلية أو أغلبية من المجتمع لانه سيدخلنا فى مصاف الدول الديمقراطية، ومنوط به واجبات وادوار عاجلة وحرجة تحتاجها البلاد بشدة وهذا هو الأهم كثيراً. وقبل استعراض بعض المعايير الأساسية اللازمة لإنجاح اعمال المجلس، يجدر بنا ألا ننزعج أبدا من ضعف الإقبال على التصويت والذى يرجع إلى عوامل عدة، أولها ان الشعب الواعى لم يقتنع تماماً بكفاءة عشرات الأحزاب أو مئات المرشحين، ولا باحتمال تأثيرهم فى التغيير أو الإصلاح لحل مشكلات المجتمع الصارخة، خاصة بعد ان تداولت وسائل الاعلام نزول أعضاء من الحزب الوطنى أو الاخوان للترشح وهو ما يلفظه الشعب بعد طول معاناة من الطرفين، وثانيا ان الشعب اصابه الملل من ازدياد مرات الدعوة للتصويت، فخلال اربع سنوات فقط دعى الشعب ثلاث مرات إلى التصويت على اعلان دستورى ثم على دستورين، وثلاث مرات لانتخاب رئيس، وثلاث مرات لانتخاب مجلس شعب ثم مجلس شورى ثم مجلس نواب وكل منها يتم على مرحلتين، وقليل من الشعوب فى العالم هو من يبذل هذا الجهد فى مثل هذه الفترة الزمنية وهى اربع سنوات، خاصة ان عملية التصويت وترتيباتها مرهقة ومجهدة، فإذا علمنا ان نسبة التصويت فى أكثر الشعوب ممارسة للديمقراطية تتراوح بين 40 60% نجد ان نسبة التصويت الاخيرة فى مصر وهى 27% تقريبا هى منطقية فى ظل هذه العوامل، ومع حداثة عهدنا بالممارسة الديمقراطية الحديثة والانتخابات الحقيقية السليمة دون ديكتاتورية حزب أو تزوير. نعود الى الممارسة النيابية، فأولا نحتاج بشدة الى تغيير مفهوم النائب ليتحول من نائب خدمات الدائرة الى ممثل حقيقى لمصالح الشعب، ولو تحقق. ممثلا فى عدد محدود من النواب المثقفين والمخلصين يقود هذا المجلس، وذلك يحتاج إلى إدخال معايير حالمة وجديدة أولها حظر الخدمات الشخصية ومجازاة النائب الذى يطلب، والوزير الذى يستجيب إلى طلبات استثنائية للتعيين فى وظائف أو تغيير أماكن العمل أو الحصول على ميزات استثنائية مثل العلاج على نفقة الدولة أو الحصول على مسكّن أو قطعة ارض أو ماشابه ذلك وكلها تقع تحت بند الوساطة غير الشرعية وتجاوز المعايير التى يجب ان تطبق بعدالة على جميع المواطنين، وهى تمثل رشاوي. مستترة من الوزراء الى النواب لشراء اصواتهم أو رضاهم أو سكوتهم، وكل ذلك يضر العملية النيابية ويعيد لنا كوارث البرلمانات السابقة على أوسع نطاق، ويجب ان يحظر ذلك فى لائحة المجلس الجديد وفى تعليمات رسمية واضحة من الرئيس إلى الوزراء، اما المعيار الأهم فهو استبعاد كل من له تضارب مصالح من عضوية اللجان النوعية فى المجلس.. نريد مجلسا حديثا يغلب عليه اُسلوب العمل العلمى الأمين، ويظهر فيه الأداء الوطنى الفعّال. لمزيد من مقالات د.سمير بانوب