قبل الشروع فى إجراء الانتخابات البرلمانية الحالية لمجلس النواب القادم بعدة أشهر، والبعض يحاول وضع العراقيل وافتعال المشكلات فى طريق تحقيق الاستحقاق الثالث والاخير فى خارطة المستقبل، سواء بحسن نية أو سوء نية ، وربما عن جهل بالدستور والقوانيين المكملة له ، ومنها ما هو متعلق بمصير اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وكيف يعقد أولى جلساته ، وما مصير القوانين والتشريعات التى صدرت فى غيبة المجلس، واسئلة اخرى كثيرة حول صحة العضوية وشروطها، وحالات حل البرلمان وطبيعة تكوينه طبقا للدستور الجديد، كل هذه الاسئلة تجيب عنها الدكتورة فوزية عبد الستار استاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة ،ورئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان الاسبق فى عدة مقالات متعاقبة حتى يدرك الناخبون أهمية مجلس النواب القادم . يثور الجدل فى هذه الأيام حول ما اعتبره البعض مشاكل عصية على الحل ، وهذا الجدل يتعلق بأمرين الأول: ما نص عليه الدستور فى المادة 156 منه، والتى تنص على أن يتم عرض ومناقشة القرارات بقوانين التى أصدرها رئيس الجمهورية قبل عقد المجلس خلال خمسة عشر يوما من وجود المجلس الجديد . مصير القوانين الجديدة . الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائى ورئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان سابقا: تقول " لا شك أنه من المتعذر على المجلس مناقشة الكم الكبير من القرارات بقوانين التى صدرت قبل عقده، والمشكلة التى تثار الآن كيف يمكن تطبيق هذا النص الدستورى فى هذه المدة الوجيزة؟ فى تقديرى أن ضرورة إعمال نص الدستور يقتضى عرض كل القرارات بقوانين السابق صدورها على المجلس فيناقش أهمها ويقرها أو يرفضها فى المدة المحددة، أما باقى هذه القرارات بقوانين فيوافق عليها مبدئيا خلال هذه المدة حتى لا تسقط، ثم تبحث بعد ذلك وتناقش فى الوقت الذى تتطلبه الدراسة المتأنية الدقيقة، فيقر ما يراه منها أو يعدل ما يقتضى التعديل أو يلغى ما يرى إلغاءه ، وذلك بمقتضى سلطته التشريعية فى وضع القوانين وتعديلها وإلغائها. وبذلك نعمل نص الدستور الذى لا يجوز إغفاله أو مخالفته، وفى نفس الوقت تدرس هذه القرارات بقوانين دراسة دقيقة تحقيقا للمصلحة العامة، أما ما يثار فى هذا الشأن من أنه يجب حسن النية فى تفسير نص الدستور وصولا إلى مخالفته فهو أمر غير مفهوم إذ لم تعرف الدراسات القانونية تفسيرا بحسن نية وآخر بسوء نية ، ذلك أن تفسير النص يعنى البحث عن قصد المشرع منه، والحل الذى اقترحناه تفرضه الضرورة واحترام الدستور وتحقيق المصلحة العامة وتسمح به صلاحيات المجلس التشريعية . اللائحة الداخلية لم تسقط . الأمر الثانى : ثارت فى الفترة الأخيرة بعض الخلافات حول اللائحة التى سوف يعمل مجلس النواب وفقا لها قبل أن يعد اللائحة الجديدة التى عهد إليه الدستور بوضعها فى المادة 118 بقوله : « يضع مجلس النواب لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه ، وكيفية ممارسته لاختصاصاته والمحافظة على النظام داخله ». ونصت على هذا الحكم أيضا المادة 49 من قانون مجلس النواب ، ولكن ذهب البعض إلى القول بأن اللائحة الداخلية القديمة لمجلس الشعب قد سقطت ، وطالب رأى آخر الحكومة بوضع لائحة مؤقتة يعمل بمقتضاها مجلس النواب إلى حين وضع اللائحة الجديدة .وترى الدكتورة فوزية عبد الستار أن كلا الرأيين غير مقبول، فلا يجوز إطلاقا أن تضع الحكومة وهى السلطة التنفيذية لائحة مؤقتة يطبقها المجلس إلى حين أن يضع لائحته الجديدة ، إذ يعتبر ذلك اهداراً صارخاً لمبدأ دستورى بالغ الأهمية هو مبدأ الفصل بين السلطات وهو أمر لا يجوز قبوله فى دولة القانون ، أما القول بسقوط اللائحة القديمة فيثير التساؤل عن الأداة القانونية التى سقطت بها اللائحة ؟؟ ومن المعلوم أن اللائحة الداخلية للمجلس تصدر بقانون ، ومن المسلم به فى القواعد القانونية أن القانون لا يسقط أى لا يتم الغاؤه إلا بأحد طريقين : الأول : الإلغاء الصريح ، بأن ينص القانون الجديد على أن ينتهى العمل بالقانون السابق . والثانى : الإلغاء الضمنى بأن يأتى القانون الجديد بأحكام جديدة تتناول ذات الموضوع الذى كان يتناوله القانون السابق . وليس هناك طريق آخر لسقوط القانون، وعلى ذلك لا تسقط اللائحة الداخلية للمجلس – وهى تصدر بقانون – بحل المجلس النيابى بدليل أنها ظلت قائمة دون أن يسقط على الرغم من حل مجلس الشعب عدة مرات . كما أنها لا تسقط بقيام الثورة بدليل عدم سقوط القوانين الأخرى . وتسليما بهذه الحقيقة نجد أن قانون مجلس النواب الجديد قد ذكر فى ديباجته .... بعد الاطلاع على القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب .... مما يفهم منه حتما أن هذا القانون ظل قائما على الرغم من حل مجلس الشعب ولم يلغ إلا بصدور قانون مجلس النواب الجديد ، إذ لا يمكن القول بأن المشرع يطلع على قانون ساقط أو ملغى أى معدوم ، وبناء على ذات المنطق نرى أنه لا توجد أى مشكلة إذ تظل اللائحة الداخلية لمجلس الشعب قائمة ومطبقة إلى أن تصدر اللائحة الداخلية الجديدة لمجلس النواب .