تحقيق: حنان المصري- هذه المفارقة لم يحدث مثلها من قبل, ولا نتوقع أن تتكرر فيما بعد! الحكاية باختصار بدأت عام2000 عندما تقدم أصحاب عقار بحي الجمرك بالاسكندرية بطلب لترميم المنزل الذي يبلغ عمره120 عاما. ويتكون من طابقين: أرضي وأول لكن الحي أصر علي ازالته, وبعد8 سنوات علي هذا القرار سجله الحي في مجلد التراث وبالتالي فإنه يحظر علي أصحابه هدمه!! التفاصيل تشير إلي أن العقار تعرض لانهيارات جزئية أصابت السيارات والمارة وسجلتها الشرطة في5 محاضر اتهمت العقار بأنه يشكل خطرا داهما علي المارة وممتلكات الغير بعد أن سقطت أسقف الدور العلوي وتناثرت جدرانه وأعمدته الخشبية العتيقة, وحتي لا تنتقل التهمة إلي مالكي العقار فقد سارعوا الي حي الجمرك الذي أصدر قراره رقم29 لسنة2000 الذي يقضي بسرعة هدم العقار حتي سطح الأرض لما يمثله من خطورة داهمة وعدم جدوي الترميم ويستوجب ذلك الاخلاء الاداري... وعقب إعلان السكان وهم للعلم ثلاث أسر فقط ومستأجرون لأربعة محال أسرعوا كالعادة إلي ساحة القضاء للطعن في قرار الهدم رغم كل الشواهد التي تؤكد بأن العقار يمثل خطورة علي أرواحهم وأرواح سكان العقارات المجاورة وأيضا رغم تربص الموت لهم في كل لحظة ولكنها طبيعة بشرية: الاعتراض لمجرد الاعتراض!!! وجاء حكم محكمة أول درجة برفض دعواهم وتأييد القرار رقم29 لسنة2000 الصادر من حي الجمرك بهدم العقار وقد أستند الحكم إلي تقرير الخبير الذي أورد في تقريره أن حالة العقار لا يجري معها الترميم وتوجب إزالته حتي سطح الأرض والإخلاء الاداري لسكانه. ويأتي الفصل الثاني من حكاية العقار العجيب حيث لجأ السكان للمرة الثانية لساحة القضاء بدعوي حقهم القانوني في الاعتراض علي حكم محكمة أول درجة وهذا حق حتي لو كانت النهاية هي مصرعهم تحت أنقاض العقار المتهالك المخيف. وأمام محكمة استئناف الاسكندرية كان الطعن في قرار حكم محكمة أول درجة ولكن خابت الآمال للمرة الثانية حيث أيدت محكمة الاستئناف الحكم بضرورة ازالة العقار من سطح الأرض وعقب ذلك تنفس أصحاب العقار الصعداء بعد أن توهموا انتهاء المشكلة دون حدوث كارثة وأسرع أصحابه الطريف أن صاحبته سيدة مسنة تخطت عامها الثمانين لحي الجمرك لتنفيذ الحكم القضائي خاصة بعد أن أخلي السكان العقار وحصلوا علي التعويض المناسب لكل منهم. وحمل الفصل الثالث من الحكاية مفاجأة عقدت الألسنة عندما تلقي أصحاب العقار خطابا من حي الجمرك بتاريخ2008/6/1 برقم كودي1535 يتضمن أن العقار محظور ترميمه ومحظور هدمه لأنه تم تسجيله بمجلد الحفاظ علي التراث المعماري رغم أنه عقار تتوالي الانهيارات به وأصبح بلا سقف أو أبواب وشبابيك تسجيل العقار كتراث جاء بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم2008/278 والمنشور بالجريدة الرسمية!!! وكأنه منزل لاحد المشاهير أمثال الفنان خالد الذكر سيد درويش الذي هدموا منزله رغم قيمته... أو حتي منزل كوكب الشرق أم كلثوم... أما عقار حي الجمرك فلابد من الابقاء عليه لأنه تراث!!! رغم سقوط أجزاء منه الشهر الماضي وتم تحرير المحضر رقم12 أحوال بتاريخ2010/2/27 بقسم شرطة الجمرك بالاسكندرية.. ورغم ذلك أيضا يسجل تراث مع أن سكان المنطقة يخشون المرور بجواره تحسبا لانهياره في أية لحظة... ولإخلاء المسئولية وحتي لا يقع أصحابه تحت طائلة القانون تقدموا بتظلم لحي الجمرك منذ عامين ولم يفصل فيه حتي الآن... والعقار يزداد وضعه سوءا والانهيارات بداخله وخارجه تزداد. ونحن بدورنا نتساءل... لماذا أصدر حي الجمرك قرارا بإزالة العقارحتي سطح الأرض عام2000 وفي عام2008 يخبر أصحابه بأنه محظور ترميمه ومحظور هدمه لأنه تم تسجيله كتراث؟! معقول أن تصدر جهة واحدة قرارين متناقضين يؤديان لكارثة محققة؟! من المسئول عن انهيار العقار في القريب العاجل وحدوث خسائر في الأرواح؟... هل حي الجمرك أم مجلد التراث؟!!