خبراء يطالبون بتطوير تدريس حقوق الإنسان بمؤسسات التعليم    المؤتمر الطبى الأفريقى.. "الصحة" تستعرض التجربة المصرية في تطوير القطاع الصحي    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    وفد من مجلس كنائس الشرق الأوسط يعزي بشهداء كنيسة مار الياس في الدويلعة    وزير الاستثمار المغربي يدعو الشركات المصرية للمشاركة بمشروعات كأس العالم 2030    معهد التخطيط القومي يختتم فعاليات مؤتمره الدولي السنوي التاسع    محافظ الغربية: مشروع رصف وتغطية مصرف الزهار يرى النور    إزالة 15 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية بقرى مركز المحلة خلال 24 ساعة    رئيس هيئة الدواء المصرية يعقد اجتماعاً مع وزير الصحة التونسي لتعزيز التكامل    ترامب يشيد بتصريحات وزير دفاعه: من أعظم المؤتمرات الصحفية لتفنيد الأخبار الكاذبة    الحوثي: أي استهداف إسرائيلي لليمن سيقابل برد مزلزل    الخارجية الفلسطينية: عجز المجتمع الدولي عن وقف "حرب الإبادة" في قطاع غزة غير مبرر    وكالة فارس: نتائج التحقيقات لم تثبت استخدام الولايات المتحدة "لليورانيوم المنضّب" في الهجمات الأخيرة    ميرتس: الاتحاد الأوروبي يواجه أسابيع وأشهر حاسمة مع اقتراب الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية    على طريقة الأهلي والزمالك.. النصر يرفض التخلص من بروزوفيتش خوفًا من الهلال    موهبة يوفنتوس تستفز مانشستر سيتي قبل المواجهة المرتقبة    مجلس اليد يحفز منتخب الشباب ويضاعف مكافأة الفوز علي البرتغال في المونديال    وقع من الدور السادس.. مصرع نجار مسلح سقط أثناء عمله في الفيوم    خبير تربوي يوضح أسباب شكاوي طلاب الثانوية العامة من امتحان الفيزياء    سكب عليه بنزين..شاب يُشعل النار في جسد والده بقنا    تكثيف جهود مكافحة الإدمان بحملات توعوية ميدانية في الأقصر    الطقس غدا.. ارتفاع بدرجات الحرارة والرطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة    فرقة الطارف تعرض "الطينة" ضمن مهرجان فرق الأقاليم المسرحية ال47    من القطيعة إلى اللحن الجديد.. كيف أنهى ألبوم ابتدينا خلاف عمرو دياب وعمرو مصطفى؟    شاهد.. أرتفاع إيرادات فيلم "ريستارت" أمس    مقاومة النسيان بالصورة    هيئة الرعاية الصحية توقع 4 بروتوكولات تعاون استراتيجية    الكشف على 2888 حالة وتحويل مئات المرضى في قوافل طبية بدشنا وقوص    أفضل وصفات العصائر الطبيعية المنعشة لفصل الصيف    أفكار لوجبات صحية وسريعة بدون حرمان    رئيس اللجنة المنظمة لمؤتمر "التخدير والرعاية المركزة" بجامعة عين شمس: قدمنا خطوة خضراء    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    وزير الشباب والرياضة يهنئ أبطال مصر بعد حصد 6 ميداليات في اليوم الأول لبطولة أفريقيا للسلاح بنيجيريا    مبدأ قضائي: مجالس التأديب بالمحاكم هي المختصة بمحاكمة الكُتاب والمحضرين وأمناء السر    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    وزير الري يتابع إجراءات رقمنة أعمال قطاع المياه الجوفية وتسهيل إجراءات إصدار التراخيص    ب 4 ملايين دولار، محمد رمضان يكشف عن سبب رفضه عرضا خياليا للعودة إلى الدراما (فيديو)    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    جوارديولا يكشف تفاصيل إصابة لاعب مانشستر سيتي قبل مواجهة يوفنتوس في مونديال الأندية    وفاة أحد مصابي حريق مطعم المحلة الشهير في الغربية    عصمت يبحث إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة والأنظمة الكهربائية في مصر    رئيسة حكومة إيطاليا تحتفل ب"وحدة الناتو" وتسخر من إسبانيا    تنسيق الجامعات 2025، شروط قبول طلاب الدبلومات الفنية بالجامعات الحكومية 2025    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    الجوزاء يفتعل الجدل للتسلية.. 4 أبراج تُحب إثارة المشاكل    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    رسميًا.. موعد صرف المعاشات بالزيادة الجديدة 2025 بعد قرار السيسي    الرئيس السيسي يهنئ الشعب المصري والشعوب العربية والإسلامية بالعام الهجري الجديد    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    تشديدات أمنية مكثفة بلجان الدقي لمنع الغش وتأمين سير امتحاني الفيزياء والتاريخ للثانوية العامة    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    بينهم إصابات خطيرة.. 3 شهداء و7 مصابين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوبل تحتفل بالمجتمع المدنى التونسى
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 10 - 2015

أعلنت لجنة (نوبل) النرويجية منح جائزة نوبل للسلام عام 2015 جاءت للمنظمات الأربع التى شكلت (الرباعى الراعى للحوار الوطنى) فى تونس تقديرا لمساهمتها فى بناء ديمقراطية تعددية بعد ثورة الياسمين فى عام 2011. وأوضحت اللجنة كما ورد فى جريدة الوطن - أن الوساطة الرباعية تشكلت صيف 2013 بينما كانت عملية الانتقال إلى الديمقراطية تواجه مخاطر نتيجة اغتيالات سياسية واضطرابات اجتماعية على نطاق واسع.
وهذه الوساطة التى قامت بها المنظمات الأربع نظمت حوارا وطنيا طويلا وصعبا أفضى إلى التوافق لتجاوز شلل المؤسسات.
والواقع أن جائزة (نوبل) للسلام الرفيعة القدر والتى كان مرشحا لها شخصيات عالمية مرموقة من أبرزها (ميركل) مستشارة ألمانيا ومنظمات بارزة ذهبت بجدارة إلى هذا «الرباعى» الذى يتشكل من الاتحاد العام التونسى للشغل الذى تأسس عام 1946 على يد الزعيم النقابى«فرحات حشاد»، ويضم غالبية العمال ويرأسه اليوم الأمين العام للاتحاد «حسين العباسى»، والاتحاد التونسى للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والذى تأسس سنة 1947 ويضم غالبية الصناعيين والتجار فى تونس وترأسه الآن «وداد بوشاموى»، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وتأسست سنة 1977 من قبل ليبراليين تونسيين ويرأسها حاليا المحامى اعبد الستار بن موسى»، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين ويرأسها اليوم عميدها المحامى «محمد فاضل». والواقع أن منح هذا االرباعىب والذى يمثل خيرة منظمات المجتمع المدنى التونسى جائزة (نوبل) للسلام يعد - بوجه عام- تحية مرموقة للمجتمع المدنى العربى بمؤسساته المختلفة الحقوقية والتنموية. بالإضافة إلى تحيته للثورة التونسية التى كانت فاتحة ثورات الربيع العربى، والتى استطاعت أن تتوافق بفضل حكمة النخبة السياسية التونسية الإسلامية والعلمانية على السواء.
والواقع أننا وقد سجلنا ذلك كتابة فى مقالات سابقة- قدرنا الاتجاه السياسى المتوازن لحزب النهضة الإسلامى فى تونس والذى يقوده الشيخ (راشد الغنوشى). وهذا الاتجاه السياسى المتوازن يقوم على فلسفة واضحة طرحها بوضوح الشيخ الغنوشى والتى تقوم على مبدأ بالغ الأهمية، وهو أنه لا ديمقراطية بغير توافق سياسى.
وقد طبق حزب النهضة هذا المبدأ للأمانة تطبيقا دقيقا. لأنه بعد أن حصل على الأغلبية فى انتخابات المجلس الانتقالى الذى تشكل بعد الثورة رفض أن يحتكر كل المراكز السياسية المؤثرة. وقد أثبت حزب «النهضة» تمسكه بفلسفة التوافق السياسى حين دار جدل فى أثناء وضع الدستور الجديد حول الإشارة إلى الشريعة الإسلامية، وقبل الحزب الملاحظات النقدية التى أبداها العلمانيون من أعضاء اللجنة وحذفها. وأهم من ذلك أنه قرر بعد الانتهاء من الدستور وتنظيم الانتخابات لرئاسة الجمهورية ألا يقدم الحزب مرشحا له، لأنه لم يشأ أن يظهر وكأنه يفرض نفسه على جموع الشعب التونسى فى الوقت الذى لا تمثل جماهيره إلا جزءا من هذه الجموع.
ودارت الانتخابات الرئاسية ونجح حزب (النداء الجديد) الذى يرأسه السبساسى المحسوب على النظام القديم، وقبل الحزب نتيجة الانتخابات، بل إن (راشد الغنوشى) -باعتباره رئيسا للحزب- هنأ «السبسى» بفوزه، وهى التهنئة التى لامه بصددها أحد زعماء جماعة الإخوان المسلمين المصرية وهو الدكتور «وجدى غنيم» حين خاطبه بجهالة قائلا كيف تهنئه وهو علمانى كافر!.
فى هذه العبارة الصادمة تكمن محنة جماعة الإخوان المسلمين، لأنها رفضت التوافق السياسى، مع أن مرشحها «محمد مرسى» فى الانتخابات الرئاسية صرح بأنها (مشاركة لا مغالبة). ولكن عقب فوز (مرسى) بفارق ضئيل عن منافسه الفريق (شفيق) تحول مكتب إرشاد الجماعة بقيادة الدكتور (محمد بديع) إلى المغالبة المطلقة. وتبين ذلك بوضوح فى إقصاء كل القوى السياسية عن دائرة صنع القرار، والإصرار على أن تكون غالبية أعضاء الهيئة التأسيسية ممن ينتمون للجماعة. وبالرغم من حكم المحكمة الدستورية العليا يبطلانها فإن الجماعة أصرت على عنادها الأحمق مما دفع بالأعضاء الليبراليين إلى الانسحاب. وهكذا احتكرت الجماعة الإرهابية صياغة الدستور، ونظمت بصدده استفتاء صوريا حتى تنفرد انفرادا كاملا بالحكم فى مصر.
وكانت النتيجة الحتمية ما حدث فى 30 يونيو من انقلاب شعبى ضد حكم جماعة الإخوان والذى أيدته بجسارة القوات المسلحة المصرية، وتم عزل (مرسى)والقبض على قيادات الجماعة ومحاكمتهم جنائيا على جرائم العنف والتحريض التى قاموا بها.
وإذا كانت جماعة الإخوان المسلمين قد فشلت سياسيا فى حكم (مصر) نتيجة عجز كوادرها، ولرفض الشعب مشروعها الأخونة الدولة وأسلمة المجتمع فإن حزب النهضة التونسى قدم نموذجا رفيعا فى صياغة معادلة متوازنة للتوافق السياسى، سمحت بتشكيل وزارة تجمع بين العلمانيين الذى حصلوا على الأغلبية وبعض الإسلاميين.
وهذا هو الذى لفت نظر جائزة (نوبل) ونعنى قدرة المجتمع التونسى على تجاوز العقبات الجسيمة التى أعقبت ثورة الياسمين، والتى كان يمكن أن تؤدى إلى حرب أهلية -ليس بفضل السياسة الحكيمة لحزب النهضة فقط- ولكن نتيجة للنضج السياسى والنقابى للمجتمع التونسى متمثلا فى الرباعى الذى يتكون من الهيئات الأربع التى ذكرناها.
وإذا نحن عقدنا المقارنة بين حزب النهضة التونسى وجماعة الإخوان فى مصر وأشرنا إلى النضج السياسى لحزب (النهضة) وحرصه على التوافق السياسى، فإننا من ناحية أخرى لابد أن نقارن بين المجتمع المدنى التونسى والمجتمع المدنى المصرى.
والواقع أن المجتمع المدنى المصرى -وخصوصا مؤسساته الحقوقية- لعبت قبل ثورة 25 يناير دورا بارزا فى معارضة نظام الرئيس السابق «مبارك»، وحشد الجماهير بجسارة للاعتراض على سياساته المنحرفة والتى أدت إلى إثراء أهل السلطة وزمرة من رجال الأعمال الفاسدين على حساب ملايين المصريين الذين شاع الفقر الشديد بين صفوفهم. إلا أن هذه المؤسسات لعبت أدوارا سلبية للغاية فى الواقع بعد الثورة، وذلك لأن أعضاء مؤسسات المجتمع المدنى من الناشطين السياسيين وخصوصا من أعدوا ورتبوا للثورة -من خلال التشبيك الإلكترونى ونزلوا يوم 25 يناير إلى ميدان التحرير- ظنوا وهما أنهم هم الذين قاموا بالثورة، مع أنها لم تكن لتنجح لولا نزول ملايين المصريين فى مظاهرة حاشدة نجحت فى مدة ثمانية عشر يوما فى إسقاط النظام القديم.
وقد دأبت بعض جماعات النشطاء السياسيين على تنظيم تحركات ومظاهرات بعضها كان يهدف فى الواقع إلى إسقاط الدولة من خلال محاولة هدم قوات الشرطة والهجوم غير المبرر على القوات المسلحة فى المرحلة الانتقالية التى اختلطت فيها الثورة بالفوضى، وسادت الغوغائية على حساب التوازن السياسى.
من هنا يمكن القول إن المجتمع المدنى التونسى قد نجح نجاحا فائقا فى الوقت الذى فشلت فيه مؤسسات المجتمع المدنى المصرية فى أن ترقى لمستوى التوافق السياسى والذى يحمى الثورة ويدافع عن الدولة فى الوقت نفسه.
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.