عندما نصف جيشنا المصرى بأنه جيش عظيم فإن هذا الوصف لا يأتى من فراغ أو على سبيل المجاملة على الإطلاق, وإنما هو وصف نحن جميعًا جيشًا وشعبًا نؤمن به, بل فى حاجة إلى ترسيخه فى نفوس أبناء الوطن جميعا. وتأتى أهمية هذا الوصف وهذه اللحمة بين الجيش والشعب فى ظل ظروف بالغة الصعوبة فى منطقتنا ومحيطنا الإقليمي, وفى ظل المتغيرات الدولية, وتمدد التنظيمات الإرهابية. ولا شك أن هناك أمورًا عديدة تجعلنا أكثر إيمانًا ومساندة وتأييدًا لجيشنا الوطنى , من أهمها: 1- أنه حائط صد حصين فى مواجهة التنظيمات والعناصر الإرهابية , ولولا أن الله عز وجل وفق قواتنا المسلحة الباسلة لاتخاذ القرار الصحيح فى كل التوقيتات المناسبة وفى مقدمتها 30 / 6 / 2013م وما تبع ذلك من مواجهات القوى الظلامية والإرهابية , لكنا فى مأزق كبير ، مع عدم نسياننا ما قام به الجيش المصرى العظيم فى حفظ الدولة المصرية من السقوط فى أعقاب 25 يناير 2011م . 2- أنه بفضل تأييد الله عز وجل له حطم أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى كان يقال : “إنه لا يقهر”, وعبر خط بارليف الذى كان العدو الصهيونى يتبجَّح بأنه لا يمكن عبوره إلا على جثة 100 ألف جندى مصرى على الأقل, وكان يرى خبراء عالميون أنه كان يحتاج إلى قنبلة نووية لتدميره أو فتح ثغرة كبيرة فيه تسمح بمرور معدات الجيش المصري, إضافة إلى حرب الاستنزاف التى خاضها كمقدمة لنصر أكتوبر العظيم قدم الجيش المصرى فيها تضحيات كبيرة. 3- أن الجيش المصرى يُعد درع الأمة العربية وسيفها, وأحد أهم عوامل أمنها وأمانها واستقرارها, فى ظل قيادة سياسية واعية تعى جيدًا مفهوم الأمن القومى العربي, وتعمل بكل ما أوتيت من قوة على الحفاظ عليه فى ضوء الفهم الدقيق للمصير العربى المشترك. 4- أن الجيش المصرى لم يكن عبر تاريخه الطويل ظالمًا أو معتديًا, وإنما ينطلق من منطلقين: إسلامي, ووطنى لا ينفك أحدهما عن الآخر, وهو أن مهمته دفع الظلم والاعتداء على الوطن أو الأمة العربية, ودحر قوى الإرهاب والتطرف. 5-أن الجيش المصرى له خصوصيات كثيرة، نذكر منها: أ-أنه يعمل فى كل الاتجاهات.. يد تبني, وأخرى تحمل السلاح, فهو جيش بناء, يسهم بقوة فى التنمية, سواء فى التنمية العامة والمشروعات الكبرى، أم فى تنمية وتطوير منشآته ومعداته وتسليحه وتدريب أفراده، فى اعتماد كبير على الذات والقدرات الخاصة, حتى فى أصعب الظروف الاقتصادية التى مرت بها البلاد. ب-اللحمة الكبيرة بين الجيش والشعب والتى تشكلت وبنيت على الثقة المتبادلة والتاريخ الوطنى الكبير لهذا الجيش, وهو أنه لم يكن يومًا ما فى مواجهة شعبه, إنما كان دائمًا وعلى طول الخط فى مصلحة شعبه ووطنه ودون أى حسابات أو اعتبارات أخرى. ج- أنه لم يعتمد عبر تاريخنا الطويل وفى أى مرحلة من مراحل تكوينه على المرتزقة, إنما يعتمد على البنية الوطنية الصلبة, فهو جيش وطنى بامتياز, ولم يقم على الإغراء المادى لمنتسبيه أو مجنديه, إنما بنى على العقيدة الوطنية وعلى الرغبة القوية فى الذود عن حياض الوطن والوفاء بواجبه, فقد أسس على إيمان وعقيدة وطنية سليمة وعلى لحمة وطنية دون أى تفرقة بين أبناء الوطن مسلمين ومسيحيين, فنحن جميعًا مصريون وطنيون. وقد تجسدت هذه الروح فى إصرار من يصاب من أبنائه فى مواجهة الإرهاب على العودة مرة أخرى إلى صفوف المواجهة, ذلك لأنهم أصحاب قضية وطنية من جهة, وأنهم تربوا فى مدرسة الوطنية من جهة أخرى. وهذا كله يستدعى مساندة هذا الجيش من جهة, وتوجيه التحية والتقدير لكل أفراده وقيادته ومن ربوا أبناءه على هذه الروح من جهة أخرى. أما نصر أكتوبر وأثره فى الحفاظ على السيادة الوطنية فلا ينكره إلا جاحد أو مكابر. ونؤكد أننا فى وزارة الأوقاف المصرية الوطنية نقف فى خندق واحد مع قواتنا المسلحة الباسلة فى مواجهة الإرهاب وتفكيك خلايا التطرف، فإذا كانت قواتنا المسلحة تقوم بمهمة وطنية عظيمة فى القضاء على التنظيمات والعناصر الإرهابية المسلحة، فإننا نقف معها فى خندق واحد فى مواجهة خلايا التطرف، إذ إن التطرف الفكرى لا يقل خطورة عن التطرف المسلح، فالفكر المتطرف هو أخطر وقود للتطرف المسلح. لمزيد من مقالات د . محمد مختار جمعة