قابلت الأوساط الإسرائيلية قرار رفع علم فلسطين فى الأممالمتحدة باستهجان شديد ظهر فى تصريحات المسئولين الإسرائيليين المقللة والمدينة والمحذرة من القرار، إلا أن الواقع فى الأراضى المحتلة ومع كل قرار يصدر لصالح إقامة دولة فلسطينية، دائما ما يشهد تحركا إسرائيليا تصعيديا على الارض، إذ يبدأ الكيان الصهيونى عقب ساعات من القرار تنفيذ تلك الخطوات، لتثبت الأيام بعد ذلك أن التصعيد مجرد إجراء معد مسبقا، وتم التخطيط له بعناية تحت إشراف الحكومة الإسرائيلية نفسها. ولعل ما يشهده المسجد الاقصى من اقتحامات واسعة واعتداءات على المصلين جاءت بعد قرار رفع العلم الفلسطينى، خير دليل على أن الرد الاسرائيلى على أى قرار يتخذ لصالح فلسطين دائما ما يكون ردا انتقاميا وسريعا حتى أن البعض وصفه بأنه الاقتحام الاخطر منذ عام 1969، حيث شنت قوات الاحتلال حملة عسكرية ضد المصلين والمرابطين بالمسجد، وتم الاعتداء عليهم بالرصاص من أجل تأمين دخول المستوطنين يتقدمهم أورى آرائيل وزير الزراعة الإسرائيلى من حزب البيت اليهودى بما يعكس مضى اسرائيل فى تطبيق مشروعها لتقسيم المسجد زمانيا ومكانيا. الهجوم الوحشى الذى تزعمه وزير الزراعة الإسرائيلى بنفسه على المسجد ليس فقط نتاجا للدعوات التى أطلقها اتحاد منظمات الهيكل المزعوم على مواقعه وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى بدعوة الصهاينة والمستوطنين للمشاركة بشكل واسع فى اقتحامات المسجد الأقصى وإقامة الشعائر والطقوس التوراتية والتلمودية فى ساحاته، بل انه نتاج استراتيجية وسياسة منظمة للحكومة الإسرائيلية، التى تدعم عملية الاقتحام. وقد كشفت صحيفة "هارتس" الإسرائيلية قبل أيام عن مخططات تقسيم المسجد الأقصى الزمانية والمكانية التى وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية فى جلستها التى عقدت مؤخراً، حيث قالت إنها ترى أن الأوضاع والظروف الفلسطينية والعربية مواتية وتوفر فرصة ذهبية لاستكمال تقسيم المسجد الأقصى حتى نهاية العام الحالي. موقف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلى بعد قرار رفع الجمعية العامة للأمم المتحدة العلم الفلسطينى على مقرات المنظمة فى نيويورك جاء سريعا أيضا، حيث أكدت مصادر مقربة منه أنه يسعى لإقامة حزب جمهورى يضم حزبه الليكود وأحزابًا أخرى، وذلك بهدف ضمان البقاء فى الحكم لسنين طويلة، ورفض نتنياهو الاعتراف بعزلة إسرائيل ووصف القرار بأنه إنجاز وهمى و شكلى لم ولن يؤثر على الأوضاع فى المنطقة. وأشاد بموقف الإدارة الأميركية المساند لإسرائيل، والذى عبرت عنه مندوبة الولاياتالمتحدة فى الأممالمتحدة، سامانتا باور، التى قالت إن «رفع العلم الفلسطينى لا يمكن أن يكون بديلاً عن المفاوضات ولا يقرب الطرفين من السلام». أما المندوب الإسرائيلى فى الأممالمتحدة رون بروس أور، فقد وجه اتهاما للفلسطينيين باتخاذ الأممالمتحدة «رهينة». وقال إن «قرار رفع العلم الفلسطينى يخالف دستور الأممالمتحدة ويدل على أن هذه المنظمة ترفع العلم الأبيض استسلامًا أمام الذين يعبثون بها ويريدون تحويلها إلى منبر تحريض ضد إسرائيل». وبذلك يبقى الموقف الاسرائيلى المتعنت واضحا سواء بالتحركات على الأرض أو من خلال التخطيط لإفشال اى تحرك فلسطينى فى المحافل الدولية، وعلى الفلسطينيين أن يحددوا طرقا أخرى للتصدى للممارسات الإسرائيلية الشاذة، بالتوحد والاتفاق ونبذ الفرقة بين أبناء الوطن الواحد «فلسطين».