ضمن التفاعلات المدهشة التي نراقبها في الساحة العراقية اللحظة الراهنة موضوع مصير قانون تشكيل (الحرس الوطني) وقابلية البرلمان لتمريره. إذ ينبني ذلك القانون علي حق السُنة العراقيين في محافظاتهم علي تشكيل كتائب مسلحة تحميهم..الأمر الذي يعني رفض وجود مجموعات (الحشد الشعبي) و(سرايا السلام الشيعية) التي ارتكبت مجازر وفظاعات ضد السُنة تحت غطاء محاربة داعش..والمعروف أن جماعات (الحشد الشعبي) تشكلت بفتوي من المرجع الشيعي الأعلي في العراق آية الله السيستاني ومفهوم كذلك دخول إيران علي الخط في كل ما يتعلق بالعراق وشيعته بالذات، ومن ثم فقد عارضت تمرير قانون (الحرس الوطني) السني عبر عميلها الأثير نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون، وكذلك عبر الأحزاب الموالية لها وبالذات في التحالف الوطني. إلا أن عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلي الإسلامي، ومقتدى الصدر زعيم تيار الصدريين (وهما رمزان شيعيان كبيران) وقفا مع حق السنة في تشكيل الحرس الوطني، بما يؤكد أن هناك انقساماً في المربع الشيعي حول الملف، فهناك شيعة العراق الوطنيون (عمار ومقتدى) وهناك شيعة العراق التابعون لإيران (نوري المالكي). ولكن علام يدور الانقسام بالضبط ؟ الانقسام يدور حول طرف يريد توسيع المناطق الخاضعة للنفوذ الشيعي، والطرف الآخر اكتفي بالقسمة السكانية (الديغرافية) الحادثة، التي كانت هدفا أساسيا للغزو الأمريكي عام 2003 من خلال ضرب الدولة الوطنية، وهو اتضح بعد ذلك بتكريس القسمة (السياسية) عبر المحاصصة أداة الفتنة والحزازات الرئيسية التي تم زرعها في البلد. يعني لا خلاف علي التقسيم، ولكن الانقسام هو على حجم نصيب كل طرف من تلك القسمة الظالمة للعراق ولشعبه ولاستقلاله ولتكوين دولته الوطنية..نفس النموذج الذي تكرر عن قصد وتدبر في عمليات الربيع العربي في كل البلاد التي تعرضت للمؤامرة. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع