يقول مؤيدوها إن قدرها هو رئاسة البنك الدولي.. وإن دراستها وتاريخها المهني وحياتها قد برمجت للدفع بها نحو هذا المصير.. وبالفعل فإن نجوزي كونجو إيوالا وزيرة المالية النيجيرية هي بالنسبة لكثير من الخبراء الدوليين المرشح الأمثل لخلافة رئيس البنك الدولي روبرت زوليك.بعد انتهاء ولايته في يونيو المقبل. لكن مثلما لم يكن القدر هو المحرك الأساسي في رحلة صعود أيوالا وإنما المثابرة والاجتهاد والطموح,فإنه لن يكون هو العنصر الأساسي في اختيار الرئيس الجديد لأحدي أكبر المؤسسات الدولية وانما الحسابات السياسية. من حيث أوراق الاعتماد تتفوق نجوزي كونجو إيوالا علي منافسها مرشح الرئيس الأمريكي باراك أوباما يونج كيم( طبيب وعالم أنثربولوجيا أمريكي من أصل كوري يرأس جامعة دارتموث وله نشاط واسع في مجال التنمية), وذلك من حيث الخبرة في الاقتصاد والمالية والتنمية والادارة الحكومية.فقد درست الاقتصاد بجامعة هارفارد الأمريكية وحصلت علي درجة الدكتوراة في الاقتصاد الاقليمي والتنمية من معهد ماساشوستس الأمريكي. تولت منصب وزيرة المالية في نيجيريا مرتين في الفترة من2003-2006 والفترة من يوليو2011 حتي الآن. كما تولت حقيبة الخارجية النيجيرية في عام2006 ولمدة6 أشهر. وفوق كل ذلك هي أبنة البنك الدولي بمعني أنها أمضت21 عاما في العمل بالبنك تدرجت خلالها من متدربة إلي موظفة شابة إلي مدير عمليات إلي نائب رئيس إلي أن وصلت إلي مدير وهو المنصب الذي تولته في الفترة مابين2007 وحتي يوليو.2011 وبجانب هذه المؤهلات العلمية والمهنية تتمتع إيوالا(57 عاما) بصفات شخصية تجعلها قيادية شديدة الحماس والذكاء لا تقبل بأنصاف الحلول ولا تعرف الاستسلام.تصف نفسها بأنها مقاتلة فلو لم تكن إيوالا تتمتع بهذه الصفة واستسلمت لتصاريف القدر في بداية حياتها لما كانت قد أكملت تعليمها.فقد أندلعت الحرب الأهلية في نيجيريا في عام1967 وأنضم والدها,أحد ملوك القبائل النيجيرية والذي درس بالخارج إلي صفوف جيش بيافرام مما أجبر العائلة علي التنقل من مكان إلي آخر. وندبت إيوالا نفسها للطهي للجنود بعد أن أغلقت المدارس فقدأجلت الحرب حصولها علي الشهادة لبعض الوقت إلا أنها أبدا لم تثن عزيمتها أو تبطأ من تقدمها في تعليم وتثقيف نفسها.و في سن الثامنة عشرة توجهت إيوالا للولايات المتحدة حيث درست بجامعة هارفارد ثم التحقت بالعمل بالبنك الدولي. ولم تستسلم إيوالا مرة أخري للضغوط أو الانتقادات أو مؤامرات الفاسدين عندما استدعاها أولوسيجون أوباسانجو أول رئيس مدني منتخب للبلاد لتولي وزارة المالية والخروج بالبلاد من حالة الفوضي الاقتصادية. وقتها سارعت إيوالا إلي اتخاذ حزمة من الاجراءات الاصلاحية للنهوض بالاقتصاد وتسوية الديون وأعلنت الحرب علي الفساد,خاصة في قطاع البترول, الذي كان يبتلع15 ملياردولار سنويا مما دفع النيجيريين إلي وصفها ب المرأة الحديدية وسيدة المتاعب وفي حين وصفها الغرب ب اصلاحية من الطراز الأول وبطلة الاقتصاد. غير أن تجربتها الناجحة في نيجيريا ليست الدليل الوحيد علي قدرة ايوالا علي تطبيق النظريات الاقتصادية علي أرض الواقع فهناك أيضا تجربتها المميزة في البنك الدولي والذي عملت من خلاله في كثير من مشروعات الاصلاح الاقتصادي والتنمية حول العالم. و تلخص خبراتها في مقال بعنوان رؤيتي لمستقبل البنك الدولي لصحيفة فاينانشيال تايمز حيث تقول علي مدي الثلاثين عاما الماضية وخلال عملي بالدول النامية استمعت لمخاوف السياسيين وصانعي القرار وهموم الكادحين وآمال رجال الأعمال والشباب وأحلام النساء في تحقيق المساواة الحقيقية. كل هذه المقاييس المهنية و الشخصية تجعل ايوالا المرشح الأفضل لرئاسة البنك الدولي لكنها بحسابات المصالح وصراعات السياسة لا تضمن بالضرورة المقعد الكبير في البنك وهو ما فجر الكثير من الأسئلة التي طرحتها صحيفة الأوبزرفر ومجلة الايكونوميست و في مقدمتها هل لدي البنك الدولي الشجاعة لاختيار سيدة من دولة نامية لتولي الرئاسة؟و هل يمكن انهاء احتكار الولاياتالمتحدة وأوروبا للبنك الدولي وصندوق النقد علي مدي عقود؟وهل يستطيع أوباما التخلي عن ضغوطه لدعم مرشحه للبنك في عام الانتخابات الرئاسية مما يفتح الباب علي مصرعيه أمام الحزب الجمهوري لشن حمله جديدة ضده؟.. مجلة الايكونوميست حاولت مساعدة البنك علي الإجابة علي هذه الأسئلة عن طريق طرح احدي الاستراتيجيات التي يتبعها البنك في التعامل مع الدول النامية عندما يزور خبراء الاقتصاد من البنك الدولي الدول الفقيرة لتقديم الأموال والنصائح.. دائما ما يؤكدون للحكومات ضرورة رفض المحسوبية وأختيار المرشح الأنسب للوظيفة وهي النصيحة التي ربما سيفضل المسئولون الكبار ألا يلزموا أنفسهم بها حرفيا عندما يحل موعد أختيار الرئيس الجديد للبنك.