لم يتخيل نفسه يوماً بدون ارتداء «الجبة والقفطان»، فهذا هو حلم حياته أن يصبح عالماً أزهرياً، فلم يعقه شلل الأطفال الذى أصيب به وهو صغير عن الاجتهاد ومواصلة الليل بالنهار لتحقيق الهدف، بل كانت إعاقته تعطى له دافعاً قوياً وخاصة عندما يتذكر من سبقوه وكانوا فى مثل حالته وربما أكثر. ولكن كما يقولون « ليت كل ما يتمناه المرء يدركه»، فبعد حصوله على الثانوية الأزهرية تعرض لموقف غير حياته من النقيض إلى النقيض، من إنسان يسير على الصراط المستقيم، إلى شخص يمشى فى الأرض مرحاً، من مواطن صالح يحب الخير لكل الناس، إلى شاب يكره ويسعى للانتقام من الكل .. تفاصيل هذه القصة الغريبة التى بين أيدينا، لا ننشرها من أجل ملء المساحات، بل ننشرها لأنها تحمل فى طياتها رسائل وتحذيرات وتدق مئات النواقيس الخطيرة التى يجب على المجتمع الانتباه لها قبل فوات الأوان. الفصل الأول فى الحكاية كما يرويها إسلام حسن طعيمة « 26سنة» قائلا: بعد حصولى على الثانوية الأزهرية قررت البحث عن عمل شريف يعيننى على متاعب الحياة، وساعدنى أحد أصدقاء والدى فى توفير دراجة بخارية تصرفها الدولة للمعاقين، حيث إننى مصاب بمرض شلل الأطفال، وفكرت فى استغلال هذه الدراجة فى البحث عن مصدر رزق حلال فقمت بشراء قفص بط ودجاج من مزارع الدواجن الموجودة فى قرى بنها، وأقوم بعد ذلك ببيعه فى قرى محافظة القليوبية، وذات مرة نزلت قرية أبوالغيط لابيع ما معى من الدجاج، واستغلت 3 سيدات إعاقتى وقمن بسرقتى، والمشكلة أننى رأيتهن بعينى وهن يفعلن بى ذلك ولم استطع أن أفعل شيئاً بسبب إعاقتى، ووقتها شعرت بمدى العجز والضعف. تلاميذ إبليس ويضيف: بعدها جلست تحت شجرة مع نفسى أتساءل، هل هن استهن بى بسبب إعاقتى؟ وما الذى افعله؟ وكيف أرد للتجار الذين أخذت منهم البط والدجاج أموالهم؟ وأثناء حديثى مع نفسى اقترب منى 3 شباب من هذه القرية من الممكن أن نطلق عليهم «تلاميذ إبليس»، وتحدثوا معى وشرحت لهم ما حدث فعرضوا على أن أقوم بشراء قطع من الحشيش منهم، وبيعه للمتعاطين، واستطاعوا إقناعى بأننى سوف أسدد ثمن البط والدجاج لأصحاب المزرعة، بالإضافة إلى تحقيق ربح لى، وهنا دار بخلدى أسئلة كثيرة، هل اقبل بذلك أم أرفض؟ وكيف أوافق على ذلك وأنا طالب الأزهر الذى خرجت طلبا للرزق الحلال؟ أسئلة كثيرة تداخلت وتشابكت مع بعضها، لكن فى النهاية وافقت انتقاما من المجتمع على ما حدث معى، وقمت بشراء كمية من الحشيش وبيعها، وحققت مكسبا سريعا، وبدأت التجارة تكبر شيئا فشيئا واغرانى الشيطان بالمكسب السهل والسريع وتماديت فى ذلك، وأحسست بالقوة وأنى استعدت حقى ممن استغلوا إعاقتى وسرقونى، وشعرت بأن الدينا ضحكت لى، وبدأت ابحث عن حل لإعاقتى ومنذ نحو 4 شهور قمت بالتردد على كبار الأطباء المتخصصين فى علاج شلل الأطفال واعطانى أحدهم الأمل، حيث إن العلم تقدم فى مثل هذه الحالات وأجريت جراحة، لكنها لم تنجح، وساءت حالتى النفسية وأحسست بعقاب من الله وقررت التوقف عن بيع المخدرات، وازدادت حالتى سوءا عندما علمت بالقبض على شقيقى وبحوزته كمية من الحشيش وبندقية آلية، وبتر قدمه نتيجة إصابته بطلق نارى أثناء القبض عليه، بعدها عدت إلى قريتى وقررت العودة للاتجار فى المخدرات مرة أخرى، ومنذ أسبوع جلست مع نفسى أسألها، ما الذى جنيته من كل ذلك المال؟!، ما الفائدة منه وأنا حبيس فى قريتى لا أستطيع الخروج منها خوفا من القبض على؟ خاصة أن قوات الأمن بالقليوبية بدأت توجه ضربات شديدة للخارجين على القانون، وهنا قررت أن أهاجر إلى نفسى واتخذ القرار الصعب الصحيح وهو التوقف عن هذه التجارة الحرام وعرضت على والدى ذلك فرحب بشدة، لكننى كنت اخشى القيام بتسليم نفسى إلى الشرطة ويتم تلفيق تهم أخرى لى. التوبة أحداث الفصل الثانى من الحكاية بطلها حسن طعيمة والد اسلام الذى ذهب إلى مديرية أمن القليوبية وقابل المسئولين ونقل لهم رغبة ابنه فى التوبة والابتعاد عن الأعمال الإجرامية مع تسليم السلاح الذى بحوزته فوافقوا لكن فى إطار القانون. فرصة للحياة الفصل الثالث والأخير من حكاية إسلام يبدأ عندما ذهب متكأ على عكازيه إلى اللواء عرفة حمزة مدير مباحث القليوبية طالبا منه أنه يعطيه فرصة للحياة وأن تساعده الشرطة فى التوبة والابتعاد عن الأعمال الإجرامية، فرحب مدير المباحث، لكن أن يكون ذلك طبقا للإجراءات القانونية، وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث بقيادة العميد حسام فوزى رئيس مباحث المديرية وضم العقيد عبدالله جلال وكيل المباحث الجنائية والرائدين أسامة ندا وصلاح عبدالفتاح، حيث قام إسلام بإرشادهم عن الأسلحة النارية والذخائر التى يحوزها وهى عبارة عن 3 قطع سلاح نارى بالإضافة إلى 4 خزائن و376 طلقة، كما قام بتسليم 2 بندقية خرطوش تركى «شوت جن» مطموسة الأرقام و 10 طلقات من ذات العيار .. وتم التحفظ عليها وتم تحرير محضر بذلك و عرضه على النيابة التى أمرت بإخلاء سبيله من هذه القضية، لكن هناك مازالت له قضية رقم 3903 جنح مركز بنها لسنة 2015م وهى مشاجرة بينه وبين آخرين وجار التصالح فيها.. ليكتب إسلام بذلك لنفسه بداية جديدة فى طريق التوبة.