موجة الحر التي عانينا منها الفترة الماضية وتوقع هيئة الأرصاد الجوية ان يسود طقس مائل للحرارة رطب علي القاهرة والوجه البحري وحار علي شمال الصعيد وشديد الحرارة علي جنوب الصعيد نهارا في الأيام القادمة ؛ لا يجب ان يمر علينا مرور الكرام أو ان نعتبر انتهاء موجة الحر الحالية يعني عدم معاودتها للبدء مرة اخرى اكثر قوة واشد حدة الى الدرجة التي تتسبب في مقتل اعدادا كبيرة من الناس وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط ؛ اذا لم نتخذ الاجراءات الكافية لمكافحتهاوبخاصة اذا علمنا ان ارتفاع مؤشر درجات الحرارة له علاقة وطيدة بالفقر المائي ونقص الغذاء . ما ذكرته دراسة أجرتها عام 2011 الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلافالجوى أن ثمة أدلة قوية على تراجع نسبة تساقط الأمطار خلال فصل الشتاء فى المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط و "الشرق الأوسط" خلال الفترة بين عامى 1971 و2010 وذلك بسبب التغيرات المناخية؛ لذلك فإن تلك المنطقة عانت فى العشرين سنة الأخيرة من أشد فصول الشتاء جفافاعلى نحو لم تعرفه منذ عام 1902، أى منذ بداية القرن الماضى.. كما صنف الباحثون في المعهد العالمي للموارد المائية "منطقة الشرق الأوسط" باعتبارها أكثر مناطق العالم سخونة وفقرا في الامن المائي ؛ متوقعين ان تواجه معظم دول الشرق الأوسط أزمة خانقة فى المياه خلال 25 سنة قادمة أى بحلول عام2040 . ولكن ماذا علينا ان نفعل لدرء هذا الخطر عنا ؟ الإجابة جاءت على لسان مديرة البرنامج العالمى للمياه بمعهد بيتسى أوتوفي قولها "إن حكومات منطقة الشرق الأوسط يجب أن تتفهم الأخطار المحتملة وأن ترتب أمورها بناء على ذلك وضربت المثل بسنغافورة التى استخدمت أساليب مبتكرة فى هذا الصدد وأشارت فى ذلك إلى أن أزمة المياه لن تكون مقصورة على استخداماتها ولكنها ستؤثر بالتالى على إمكانية توفير الغذاء لشعوب المنطقة...ويزداد شعورنا بالخطر اذا علمنا توقع اللجنة الحكومية الدولية للتغير المناخي ارتفاع حرارة الأرض من 1.4 إلى 5.8 درجات مئوية (أي من 3 إلى 8 درجات بمقياس 9) في العقود المقبلة !! والسؤال الذي يفرض نفسه ؛ لماذا يحدث هذا التغير المناخي ؟ التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة غير الطبيعي يرجع إلى : أولا : التلوث بأنواعه الثلاث البري والجوي والبحري ثاتيا : نشاطات الإنسان مثل قطع الغابات وحرق الاشجار مما يؤدي إلى اختلال في التوازن البيئي ثالثا : الزلازل والبراكين بالطبع نحن لا نستطيع التحكم بالعامل الثالث ولكن لازاما علينا ان نتحكم في العاملين الأول والثاني بالحد من الثلوث البري والجوي والبحري والتوقف عن قطع الغابات وحرق الأشجار لإعادة التوازن البيئي وهذه مسئولية دول العالم وبالأخص الدول الصناعية الكبرى التي تتحمل العبء الأكبر في احداث التلوث البيئي الصناعي ورفع درجات الحرارة . فقد أدى التوجه نحو تطوير الصناعة في الاعوام ال150 المنصرمة إلى استخراج وحرق مليارات الاطنان من الوقود الاحفوري لتوليد الطاقة. هذه الأنواع من الموارد الاحفورية اطلقت غازات تحبس الحرارة كثاني أوكسيد الكربون وهي من أهم أسباب تغير المناخ. وتمكنت كميات هذه الغازات من رفع حرارة الكوكب إلى 1.2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وتشير الدراسات الى انه اذا أردنا تجنب العواقب الأسوأ ينبغي ان نلجم ارتفاع الحرارة الشامل ليبقى دون درجتين مئويتين. التغير المناخي تسبب في حدوث تغيرات خطيرة وربما تكون دائمة في حالة كوكبنا الجيولوجية والبيولوجية والنظم البيئية. إن اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تدعي الآن أن "هناك دليلا جديدًا وأكثر قوة على أن معظم السخونة الملاحظة على مدار آخر 50 عامًا يمكن نسبتها إلى الأنشطة البشرية". وقد أدت هذه التغيرات إلى حدوث الكثير من المخاطر البيئية تجاه صحة الإنسان، مثل نضوب طبقة الأوزون، فقدان التنوع الحيوي ، الضغوط على الأنظمة المنتجة للغذاء وانتشار الأمراض المعدية بشكل عالمي. فقد قدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) وقوع 160000 حالة وفاة منذ 1950 مرتبطة بصورة مباشرة بالتغيرات المناخية. والكثيرون يعتقدون أن هذه تقديرات محافظة. لقد أشار بحث أجري في معهد هوفر بواسطة الاقتصادي توماس مور (Thomas Moore) إلى أن الاحتباس الحراري العالمي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات في الولاياتالمتحدة. وتشير الدراسات في مجال التغير المناخي الى انه اذا تقاعسنا عن التحرك لكبح سرعة عواقب التغير المناخي السلبية؛ يتفاقم عدد البشر المهددين بالموت جراء ارتفاع درجات الحرارة بشكل قاتل والتعرض لفقر مائي وعدم القدرة على توفير الغذاء للشعوب بسبب جفاف التربة وندرة الأمطار وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي من المتوقع اذا استمر معدل ارتفاع درجات الحرارة بهذا النحو ؛ ان تواجه ازمة خانقة بالمياه بحلول عام 2040 وان ترتفع كذلك نسبة الأنواع المعرضة الحية البرية للانقراض من 20% إلى الثلث ، بينما من المتوقع ان تؤدي العواقب المالية للتغير المناخي إلى تجاوز اجمالي الناتج المحلي في العالم اجمع مع حلول العام 2080 .