يواصل المفكر الكبير الأستاذ السيد يسين ادهاشى بهذا الفيض الغامر من المؤلفات والكتب التى يدفع بها الى المطبعة ومن ثم الى يدي، والتى كان (جدل الحضارات: ثلاثية الحوار والصراع والتحالف) آخر ما وصلنى منها فى الأسبوع الفائت (رقم 48 فى مؤلفات ذلك الشيخ الرائع) حتى أننى دأبت على مداعبته قائلاً:»بديع مشروع الألف كتاب بتاعك ده يا أستاذ سيد»! على أى حال عكفت على قراءة الكتاب الصادر عن المركز العربى للدراسات. الكتاب فى حقيقته جهد متطور لباحث خبير يجدد باستمرار أفكاره والأطر النظرية التى يدرس من خلالها منذ أن اصطفاه أستاذه أحمد خليفة مؤسس مركز البحوث الجنائية. ويقول السيد يسين أنه أدرك فى التسعينيات أن العالم تغير على نحو جوهرى ولذلك لم يستطع تطبيق المنهج الفكرى الذى ابتكره لنفسه وطبقه لسنوات أى المنهج التاريخى النقدى المقارن، ومن ثم بدأ رحلة بحث طويلة ليكتشف نظريات جديدة قادرة على وصف العالم الجديد وتفسيره تتعلق بالعولمة وبالقومية الجديدة وحركة ما بعد الحداثة. ويروى السيد يسين كيف حضر مؤتمراً عالمياً فى لشبونة عام 1990 وبهره بحث عالم بلجيكى هو دارير حول (حوار الحضارات) الذى أصبح موضوعاً أساسياً للبحث فى أجندة الخبير المصري، ثم حين حدثت كارثة 11 سبتمبر، وأصدر صامويل هنتنجتون مقالاً شهيراً عن (صراع الحضارات) صار فيما بعد كتاباً، عكف السيد يسين على وضع اطار فكرى لدراسة الحدث ومنطق (الصراع)، وأخيراً ظهر مشروع (تحالف الحضارات الذى تبناه رئيس وزراء أسبانيا سباتيرو والرئيس التركى أردوغان..وبصرف النظر عن أن أردوغان لا يمثل الحضارة الاسلامية الشرقية بالضبط، كما أن منطقه السياسى والفكرى وتوجه حزبه (التنمية والعدالة) يقوم على تمييز شديد ضد كل من يتبنى ثقافة مغايرة، فان فكرة (تحالف الحضارات فى ذاتها كانت من الأهمية بمكان بحيث استحقت اهتماماً كبيراً من السيد يسين. أحيى هذا المفكر الوطنى العالمى وفى انتظار كتابه التاسع والأربعين. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع