أعلن فريق من الباحثين البريطانيين عن توصلهم إلي تحليل جديد وبسيط لعينة من الدم قد يساعد في الكشف مبكرا عن عودة أورام الثدي قبل عدة أشهر من ظهورها في صور الأشعة المقطعية أو الفحص بالرنين المغناطيسي. ويعتمد علاج سرطان الثدي بشكل أساسي علي العلاج الجراحي بالاستئصال الجزئي أو الكلي للورم ثم العلاج التكميلي الإشعاعي والكيماوي أو العلاج الكيماوي فقط. إلا أن العلاج السابق قد يترك بعض خلايا السرطان نشطة ليكون هناك احتمال لانتشارها مرة أخري وانتقالها إلي أعضاء أخري بجسم المريضة. وبوسع الاختبار الجديد أن يكتشف الحمض النووى المرتبط بخلايا السرطان والموجود بتيار الدم قبل أن تتمكن هذه الخلايا السرطانية الشاردة من غزو الأعضاء الأخرى بالجسم. ويقول الدكتور نيكولاس تيرنر الباحث الرئيسي لفريق أبحاث السرطان بمعهد السرطان بلندن أن هذا الاختبار البسيط قد يمكن الباحثين من التنبؤ بشكل أفضل من هي السيدة المعرضة لخطر ارتداد ورم الثدي لديها، إلا أنه يشير إلي أن أمامه بعض الوقت ليصبح تطبيق هذا الاختبار ممكنا في معامل التحاليل الطبية، ومع ذلك يعد هذا البحث الأول من نوعه الذي توصل لهذه النتيجة، ويتطلب تعميم تطبيقه بمعامل التحاليل مزيدا من الأبحاث. ويعد علاج المريضات المعرضات للإصابة بثانويات السرطان بعد العلاج الأساسي من بين أهم التحديات التي تواجه الباحثين في تحقيق الشفاء التام من المرض. وإذا تمكنا من التعرف علي المريضات الأكثر عرضة لخطر ارتداد الإصابة بالمرض، فمن الممكن توجيه العلاج لمنع ارتداد خلايا السرطان، وبصفة خاصة، لدي السيدات اللاتي مازلن يحملن حمض نووي للورم يمكن اكتشافه في دمائهن، لكونهن الأكثر عرضة لارتداد الورم. وقد نشرت هذه النتائج بمجلة "ساينس ترانسليشنال ميديسن"بعد دراسة بحثية علي 55 مريضة في مراحل مبكرة من سرطان الثدي بعد علاجهن كيماويا وجراحيا، وتم متابعتهن لمدة عامين عقب الانتهاء من هذا العلاج. وأظهر التحليل الجديد ارتداد ثانويات خلايا الورم لدي 12 سيدة من بينهن في مرحله مبكرة قبل ثمان أشهر من ظهورها في صور الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي، مما يؤكد فاعلية الاختبار الجديد في الكشف مبكرا عن عودة المرض لأي مريضة تم علاجها بالعلاج الكيماوي بعد العلاج الجراحي. ويشير الدكتور نيكولاس تيرنر إلي فاعلية التحليل الجديد في الكشف عن ثانويات الورم السرطاني التي انتشرت في كل أجزاء الجسم عدا المخ، وقد يعني ذلك أن حاجز الدم في الدماغ قد يمنع الحمض النووي في أورام المخ من الخروج إلي تيار الدم. ويؤكد الدكتور تيلاك سانديرسان الباحث المشارك في هذه الدراسة من مركز بحوث السرطان بمستشفي ماساسوسيتش العام ببوسطون بالولايات المتحدةالأمريكية أن تحليل الحمض النووي للورم بتيار الدم يبدو تحليل واعد في مجال الكشف المبكر عن عودة الورم السرطاني للثدي لدي النساء اللاتي عولجن من المرض بالطرق المتبعة قبل ظهورها بصور الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية. وتعليقا علي هذه النتائج الهامة يقول الدكتور عبد الرحمن زكري أستاذ علاج الأورام بالمعهد القومي إن هناك نوعا من الخلايا السرطانية تسمي الخلايا الدوارة تبدأ مع نشأة الورم في الدوران في تيار الدم، مشيرا إلى إمكانية فصل هذه الخلايا بجهاز خاص مميز لها، ليبدأ البحث عن الحامض النووي للسرطان بها، وقد تمكن باحثوا المعهد القومي للسرطان باستخدام هذه الطريقة من الكشف المبكر عن ثانويات خلايا سرطان القولون مبكرا في مرضي سرطان القولون المصريين قبل ظهورها في صور الأشعة بفترة تمتد إلي عام، وقد نشرت نتائج هذه الأبحاث أخيرا بمجلة الجمعية الأمريكية للسرطان. ويعتقد د.عبد الرحمن في إمكانية تطبيق هذه النتائج علي الأورام الأخرى بمختلف أعضاء الجسم عدي المخ لنفس السبب السابق الذكر. وتمثل النتائج البريطانية الجديدة نجاحا مماثلا في ذات السياق الذي يعد اتجاها عالميا يتسابق نحوه الباحثون في معظم دول العالم بغرض الوقاية من ارتداد الورم.