قرأت رسالة( سبعون مترا) المنشورة يوم الجمعة الماضي وأعجبني كثيرا الايمان الشديد والصبر والرضا التي تتحلي به صاحبة الرسالة( فرج الله عنها), حيث وصفت نفسها بأنها لا تحب الشكوي إلا لله تعالي, بل أنها تخجل من الشكوي لربها عندما تتذكر نعم الله الكثيرة عليها. وبالرغم من أنها وصفت نفسها بأنها هي التي تخاف الصرصار إلا إنها تعايشت مع كل الحشرات, من صراصير وفئران وبراغيث وبق ودبابير, بل الهوام والثعابين في البيت التي انتقلت إليه بعد أن طردت من منزل أسرة زوجها إلي بيت قديم بالطوب اللبن, ولقد وصفت هذه السيدة هذه المحنة بأنها قربتها من الله تعالي وجعلتها أكثر إحساسا بالمساكين والمطحونين والمقهورين, كما أنها صنعت من أولادها رجالا وجعلتهم أكثر تفوقا وأكثر طموحا وحلما من أجل مستقبل أفضل. وقد ذكرتني بحكمة ابن عطاء الله السكندري ربما أعطاك فمنعك, وربما منعك فأعطاك فقد يكون المنع عطاء والعطاء إهانة فلا تفرح بشيء ولا تحزن عليه. والجانب الآخر لهذه الرسالة هو أن تتذكر كل سيدة نعم الله عليها وألا تنظر دائما إلي من فوقها وإنما تنظر لمن دونها فهذا أحري, ألا تزدري وتحقر نعم الله عليها, وعليها أن تشكره سبحانه علي النعم التي لا تراها, حيث يقول الله تعالي( وقليل من عبادي الشكور) سبأ/31, ولقد تعهد الشيطان لعنه الله أن يقعد في طريق الشكر, فلقد قال جل شأنه عن إبليس( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم, ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) الآيتان71,61 من سورة الأعراف. ولذا فالشكر أصبح من العملات النادرة في عصرنا, فما إن تلقي إنسانا وتسأله عن حاله إلا يبادرك بالشكوي من كل شيء متناسيا نعم الله عليه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصي. فيجب ألا نري النصف الفارغ من الكوب دائما وإنما يجب أن نعترف بنعم الله علينا علي وجه الخضوع والثناء عليه سبحانه بذكر إحسانه حتي نستوجب دوام النعم وزيادتها, حيث يقول ربنا عز وجل( ولئن شكرتم لأزيدنكم) إبراهيم/7 وأبشر السيدة صاحبة الرسالة بأن فرج الله قريب وأنه بصبرها واحتسابها ستكون في معية الله لأن الله مع الصابرين). وتفضلوا بقبول فائق الشكر والتقدير محمود علي عيد كفر الشيخ فوه