تراهن القاهرة على العلاقات المصرية الألمانية باعتبارها أحد أهم الركائز الأساسية لصياغة سياسة خارجية مصرية جديدة ليس فقط مع الاتحاد الأوروبي،انما مع الغرب برمته. سياسة خارجية قائمة على المصالح المشتركة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لتطوير علاقات دولية واقليمية جديدة، وفى العاصمة الألمانية برلين التقينا د. محمد حجازى سفير مصر هناك وحاورناه حول مدى صحة وحقيقة ما يشاع عن تأثير جماعات الاسلام السياسى وخاصة التنظيم الدولى للاخوان المسلمين على السياسة الألمانية؟ و مدى استقلالية السياسة الألمانية عن الأمريكية فيما يتعلق بمصر؟ ومستقبل العلاقات السياسية المصرية الألمانية فى المدى المنظور. ما شكل العلاقات المصرية الألمانية قبل وبعد زيارة السيد الرئيس السيسى؟ زيارة الرئيس لألمانيا زيارة تاريخية، وعكست إدراكا ألمانيا متزايداً بأهمية مصر واهتماماً بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وقد أظهرت مباحثات الرئيس مع القادة الألمان التزام ألمانيا بدعم مصر وقيادتها والثقة فى قدرتها على النهوض بالبلاد، وتحقيق ديمقراطيتها وأمنها. كما عمقت الزيارة من إدراك الجانب الألمانى الواضح لأهمية أمن واستقرار مصر، وأن مصر هى الأقدر على انتشال المنطقة مما تشهده من انقسامات وصراعات وانهيار مفهوم الدولة القومية تحت وطأة الأعمال الإرهابية التى تشهدها المنطقة، وبما يخدم بالتبعية الأمن والاستقرار الأوروبى. وتتهيأ العلاقات المصرية الألمانية حالياً لانطلاقة مهمة على مختلف الأصعدة، واهتمام ملحوظ من الشركات الألمانية ومجتمع الأعمال بالمشاركة فى المشروعات الاستثمارية المصرية، خاصة المشروعات العملاقة التى أعلنت عنها الحكومة المصرية، وهو ما ظهر جلياً فى المشاركة الكثيفة من المؤسسات الاقتصادية وكبرى الشركات الألمانية فى الدورة الثانية للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين التى عقدت فى أثناء زيارة الرئيس، حيث طمأنت كلمة الرئيس مجتمع الأعمال الألمانى على مناخ الاستثمار فى مصر وعلى جدية الحكومة فى تشجيع ودعم المستثمرين، فضلا عما تم توقيعه من اتفاقيات وعقود خلال الزيارة، والذى شجع المزيد من المستثمرين الألمان على السعى للاستفادة من الفرص الاستثمارية الضخمة التى باتت مهيأة حاليا سواء فى مشروع قناة السويس الجديدة، والمنطقة اللوجستية المحيطة بها، ومشاريع البنية التحتية والمليون فدان وغيرها من مشروعات. ما حجم تأثير جماعات الإسلام السياسى وخاصةالإخوان المسلمين على السياسة الألمانية؟. ..إن ما يجمع مصر وألمانيا من علاقات وثيقة على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية لا يسمح لأى جماعة أيا كانت، بالتأثير على مسيرة هذه العلاقات الراسخة والاستراتيجية،وهناك Hهتمام ألمانى متزايد بمتابعة أنشطة الجماعات المتطرفة ومواجهتها فكرياً وينسحب ذلك على جماعات التطرف الدينى والعنصرى التى تهدد أمن وسلامة المجتمع، بما فى ذلك إدراك خطر هذه التنظيمات والعائدين منها بعد مشاركتهم فى أنشطة هدامة خارج البلاد، فالعلاقات المصرية الألمانية راسخة ولها أبعاد إستراتيجية تجعلها بمعزل عن أى مؤثرات من هذا النوع، لاسيما وأن هناك تواصلا دائما وتبادل معلومات وتنسيقا بين السلطات المختصة فى البلدين. ما مدى استقلالية السياسة الألمانية عن الأمريكية فيما يتعلق بمصر؟. العلاقات المصرية الألمانية علاقات قائمة على المصالح المتبادلة والاحترام، وهى علاقات قوية وقديمة، وألمانيا شريك تجارى واستثمارى مهم لمصر، كما أن مصر تمثل أهمية لألمانيا لثقلها الإقليمى، وباعتبارها مرساة الاستقرار فى المنطقة فى ضوء التدهور السياسى بالمنطقة، ولأهمية الدور الذى تلعبه فى محاربة الإرهاب ومنع انتشاره بالمنطقة وانتشاره لجنوب أوروبا بل وأوروبا بكاملها.. ما هو مستقبل العلاقات السياسية المصرية الألمانية فى المدى المنظور؟ العلاقات حاليا تتهيأ لانطلاقة على كل الأصعدة، وهناك زيارات تقوم بها وفود أعمال ألمانية لمصر لبحث فرص الاستثمار المتاحة، فضلاً عن زيارة زيجمار جابرييل نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد والطاقة إلى مصر فى مارس الماضى للمشاركة فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ بمشاركة ألمانية واسعة ضمت 80 رجل اعمال يمثلون 32 شركة ألمانية، بالإضافة إلى زيارته الأخيرة إلى مصر حيث شارك فى حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، وهو ما يعد مؤشر على متانة علاقات البلدين. هل هناك إمكانية لانعاش السياسة الألمانية مع مصر بمعزل عن العلاقات الاقتصادية؟. العلاقات المصرية الألمانية كما أوضحت تجمعها المصالح، وهى مصالح متعددة لا يغلب عليها فقط الطابع الاقتصادى، وإن كان العامل الاقتصادى ذو أهمية شديدة فيها، فهناك مجموعة من المصالح السياسية التى تربط البلدين على المستوى الثنائى والإقليمى والدولى، منها ما يتعلق بالتعاون الثنائى، ومنها ما يتعلق بأمن واستقرار المنطقة ومحاربة الإرهاب، ومنها ما يتعلق بعملية السلام فى الشرق الأوسط، فضلاً عن الدور المصرى فى الأممالمتحدة، وأهمية مصر ودورها المؤثر فى كافة القضايا والملفات الدولية، لاسيما وأنه من المتوقع الحصول على عضوية مجلس الأمن غير الدائمة قريباً ما شكل السياسة الألمانية مع مصر؟ الوجود الألمانى فى مصر قديم، سواء من خلال الشركات الألمانية ومشاركتها فى النهضة الصناعية المصرية، أو العلاقات التعليمية والثقافية والبعثات الأثرية التى تعمل بمصر منذ نهايات القرن التاسع عشر، فعلى الجانب الاقتصادى، وصل حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق عام 2014 ليصل إلى 4,4 مليار يورو، ويتوقع لها أن تصل لنحو 5 مليار يورو بنهاية 2015. كما يوجد 935 شركة ألمانية أو ألمانية مشتركة تعمل فى مصر، وقد وصل اجمالى حجم الاستثمارات الألمانية فى مصر 2 مليار و430 مليون يورو مصر بنهاية عام 2014، ورأس المال المدفوع منها بالكامل من الجانب الألمانى هو 590 مليون يورو وتحتل ألمانيا المرتبة العشرين لأهم الدول المستثمرة فى مصر. فضلاً عن العقود التى وقعتها شركة سيمنز مؤخراً، سواء خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى فى مارس الماضى أو خلال زيارة الرئيس إلى برلين فى يونيو الماضى، والتى تبلغ قيمتها أكثر من 8 مليارات يورو. كما تم كذلك خلال زيارة الرئيس الاتفاق على اختيار مصر ضيفاً لمعرض فروت لوجيستيكا عام 2016، والذى يعد أحد أكبر معارض الحاصلات الزراعية فى العالم، وعلى المستوى السياسى، تهتم ألمانيا بمصر باعتبارها ركيزة الاستقرار فى المنطقة، ولها ثقل ودور كبير فى عملية السلام فى الشرق الأوسط، وفى محاربة الإرهاب، والأمن الإقليمى، ودورها وتأثيرها فى أفريقيا وفى المحافل الدولية المختلفة. كما سيعزز إنشاء القوة العربية المشتركة ودور مصر فى إنشائها من الإدراك الغربى عموماً لأهمية مصر فى الحفاظ على امن المنطقة وأمن جنوب المتوسط وكذا الأمن الأوروبي. وقد بدا هذا الاهتمام فى لقاءات الرئيس الألمانى جاوك والمستشارة ميركل مع الرئيس خلال زيارة إلى برلين مؤخراً، ومباحثات وزير الخارجية سامح شكرى مع نظيره الألمانى فرانك شتاينماير خلال زيارتى سيادته إلى ألمانيا فى فبراير 2015 وأكتوبر 2014 وهناك التعاون الثقافى والتعليمى، حيث تم تخصيص أكثر من ثمانين منحة دراسية سنوياً لطلبة مصريين من أهم هيئة للتبادل الاكاديمى فى المانيا، فضلاً عن برامج التبادل الطلابى والتعليمى والبرامج الدراسية المشتركة بين عدد من الجامعات المصرية والألمانية، إضافة إلى التعاون فى مجال التنقيب عن الآثار وحمايتها، واسترداد الآثار المهربة، والمشاركة المصرية فى المعارض التجارية والسياحية الألمانية كل عام ما هى أحدث الأنشطة والاحتفاليات التس شهدتها سفارة مصر فى برلين؟ ..عكس مشهد وجود الجالية المصرية فى برلين وتظاهرتها احتفالاً بافتتاح قناة السويس الجديدة مدى ارتباط المصرى فى الخارج بأحلام الوطن وطموحاته وكانت حشود الجالية المصرية داخل السفارة والاحتفاء بهم تقديراً من السفارة لثقتهم الكريمة وما يمثله حضورهم فكانت تظاهرة حب وافتخار وثقة فى مصر وقيادتها السياسية ولا يفوتنى التنويه الى أن مشاركة وسائل الاعلام الألمانية فى المؤتمر الصحفى الذى عقدته السفارة صباح يوم الافتتاح وممثلين عن وزارة الخارجية الألمانية عكس أيضاً رسالة دعم من الجانب الألمانى وكانت التغطية ايجابية من كل وسائل الاعلام الألمانية لهذا الحدث.