قبل الانتقال الي الحديث عن الفوائد العظمي التي يوفرها المشروع العملاق لانشاء سد عال جديد وسط بحيرة ناصر, لابد من الاشارة الي أن مثل هذا المشروع الذي بدأ التفكير فيه علي مستوي ضيق في عام1996 من القرن الماضي يحتاج الي مزيد من الدراسات المعمقة, لكن المهم أن تبدأ مصر ثورة2011 بالجدية اللازمة, ولعل قدرها في ذلك يتشابه الي حد كبير مع قدر مصر ثورة1952 مع فارق أن مؤسسات التمويل الدولية في الحالة الراهنة ستكون أكثر استعدادا للتعاون في تنفيذ هذا المشروع الجديد. واذا كانت ثورة يوليو قد شرعت في بناء السد العالي كمشروع قومي عملاق لتوفير الاحتياجات المصرية من المياه اضافة للكهرباء وحماية البلاد من الفيضانات والجفاف, فان التحدي يوجب علي ثورة يناير ان تتبني المشروع الجديد خاصة بعد ان تأكدنا من التهديد الذي يواجه للمشروعات الانمائية الكبري بسبب عدم كفاية المياه وبما يضع مستقبل الأجيال القادمة في مهب الريح.. والمطمئن أن مثل هذا المشروع لا يثير أيا من الحساسيات السياسية مع دول حوض النيل حيث لا يؤثر بالزيادة علي حصة مصر من المياه, ولا بالنقصان من حصص دول الحوض, وانما فقط يعمل علي تحسين الادارة الكمية والنوعية لمياه بحيرة ناصر بتقليل كميات المياه المتبخرة ويوفر أكثر من ملياري متر مكعب سنويا عن طريق التحكم في مناسيب المياه بالمناطق المختلفة للبحيرة وبالتالي زيادة حصيلة المياه لكل من مصر والسودان. كما يعمل علي تأمين سلامة جسم السد العالي القديم نظرا لخفض كمية المخزون المائي بينه وبين السد الجديد وبالتالي ازالة أي هواجس تجاه مستقبله وسلامته.. والمعروف أن بحيرة ناصر يبلغ أقصي حجم للمياه المختزنة فيها162 مليار متر مكعب من المياه عند منسوب182 مترا فوق سطح البحر.. ويساعد السد الجديد علي تقسيم حجم هذه المياه الي قسمين بحيث يقل حجمها بين السد العالي والسد الجديد الي الحد الذي تنحسر معه أي مخاطر علي جسم السد العالي. فوائد المشروع من واقع الدراسة الشاملة التي تقع في6 مجلدات ضخمة أعدتها مجموعة من خبراء المركز القومي لبحوث المياه وقطاع مياه النيل بقيادة الدكتور عبد الفتاح مطاوع قبل نحو13 عاما لا يمكن ايجازها في هذا السرد السريع, وانما أحاول ابراز أهم عناصرها ومنها: تعظيم توليد الطاقة الكهرومائية عن طريق رفع مناسيب المياه أمامه واضافة طاقة كهربائية جديدة تتراوح ما بين10% الي25% من طاقة السد العالي, اضافة الي مد خطوط كهرباء جديدة الي وادي حلفا شمال السودان, وسيكون ذلك هو البداية الجدية لربط افريقيا من خلال شبكة كهربائية موحدة, اضافة الي تخزين كميات ضخمة من الطاقة المولدة في غير أوقات الذروة لاستهلاك الكهرباء وذلك برفع المياه من امام السد الجديد واعادة توليدها في أوقات الذروة وتصدير الطاقة الفائضة. تقليل درجة حرارة المياه بسطح البحيرة نتيجة لعمليات الملء والتفريغ وبالتالي تقليل عملية البخر, مع زيادة نسبة الاكسجين المذاب في الماء بما يساعد علي زيادة معدلات تنمية انتاج الثروة السمكية. الاستفادة من حجم المياه بين منسوب178 و175 مترا أمام السد الجديد في سنوات الفيضان العالي عند بداية السنة المائية في أول اغسطس بالاضافة الي امكانية التخزين الي مناسيب أعلي السد الجديد حتي منسوب182 مترا وبالتالي الاستفادة من جزء كبير من سعة بحيرة ناصر المخصص للطوارئ لاستيعاب الفيضانات العالية بالبحيرة وتحويله الي سعة حية تقدر بنحو30 مليار متر مكعب اضافية. نتيجة لرفع مناسيب المياه في البحيرة في قطاعها الجنوبي أمام السد الجديد سيتم شحن خزان الحجر الرملي النوبي صناعيا بطريقة طبيعية مع امكانية ضخ500 مليون متر مكعب من المياه المتجددة كل عام. الاستفادة من المياه الاضافية والطاقة الجديدة النظيفة والموارد الطبيعية الموجودة في المساحة الممتدة من سواحل البحيرة وحتي البحر الأحمر في المشروع القومي المقترح بمنطقة جنوب شرق مصر وتحقيق ايجابياته علي المشروع القومي للتنمية في الجنوب الغربي. تعظيم الاستفادة من الطاقات البشرية والانتاجية العاطلة والاسهام في توفير فرص عمل جديدة في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والسياحة واحداث رواج بالمجتمع المصري والدول المجاورة نتيجة لضخامة حجم الاستثمارات والأعمال المتوقع تنفيذها بالمشروع ذات العائد المضمون والقدرات الكبيرة لتسويق منتجاته. أما عن الفوائد غير المباشرة فتتحدث الدراسة عن الاسراع في تنمية جنوب شرق مصر وذلك بانشاء طريق فوق جسم السد الجديد يربط شرق وغرب مصر من الجنوب مع دمج حلايب وشلاتين بمشروعات التنمية المستقبلية بطريقة فعالة واستغلال ميزتها النسبية بالقرب من ميناء جدة السعودي وتسهيل حركة الحجاج والمعتمرين من مصر والبلدان الافريقية. الاستفادة من كل فرص التنمية الممكنة وغير المحدودة بمنطقة جنوب شرق مصر بسلسلة جبال البحر الأحمر ووديانها المختلفة من معادن نفيسة وخامات وأراض وموارد مائيه وحياة نباتية وبرية. الاستفادة من السد الجديد كمعبر لخط سكة حديد فائق السرعة يربط بين مناطق التنمية في توشكي في غرب البحيرة وحلايب وشلاتين وسواحل البحر الأحمر مرورا بالسويس وحتي القاهرةوالاسكندرية ويتصل بالشبكة القومية للسكك الحديدية. اقامة مجتمعات عمرانية وصناعية وسياحية جديدة بمناطق التنمية الجديدة بعد تدبير احتياجاتها من المصادر المائية وادي العلاقي وادي دعب شلاتين برنيس حلايب أبو رماد وادي كراف وربطها بالمشروعات السياحية في سيناءوالغردقة. اقامة مشروعات تنموية وسياحية وترفيهية بمنطقة شرق وغرب بحيرة ناصر ومناطق الصحراء الشرقية وساحل البحر الأحمر. امكانية تنفيذ مشروعات للملاحة النهرية تربط شمال النهر بجنوبه, مع الاقتراب اكثر من الدول الافريقية بحوض نهر النيل والقرن الافريقي ووسط افريقيا وكذا دول شبه الجزيرة العربية. احياء فكرة تنمية بعض خيرات بحيرة ناصر بما لا يؤثر علي نوعية المياه بالبحيرة ووضع صياغة جديدة لكل الأفكار السابقة لادارة مياه بحيرة ناصر وتنمية شواطئها. وتتحدث الدراسة عن أنه في حال اقرار فكرة المشروع, يتطلب الأمر وضع تصور لجدول زمني محدد يشمل البدء في الدراسات التفصيلية وتستغرق3 سنوات, واختيار موقع محطة الكهرباء وتنفيذها خلال فترة4 سنوات, تنفيذ جسم السد في فترة6 سنوات, أما في السنة الخامسة من بدء تنفيذ المشروع يبدأ بناء محطة تخزين وتوليد الطاقة وتستغرق4 سنوات.. وبالتزامن مع ذلك تبدأ عمليات تنفيذ خط السكة الحديد علي ثلاث مراحل: الأولي للمسافة من الاسكندرية الي القاهرة ثم الغردقة, والثانية من الغردقة الي حلايب,والثالثة من حلايب الي توشكي مرورا بجسم السد. انه عالم جديد وآفاق واسعة علي المستوي المحلي والاقليمي يخلق مجالات كبيرة من التنمية في جوانبها السياحية والتعدينية والصناعية والزراعية وما يصاحب ذلك من مجتمعات عمرانية جديدة اضافة الي استعادة وتأكيد دور مصر الريادي في القارة الافريقية.. مصر الثورة قادرة بعون الله ومشيئته علي انجاز المعجزات. المزيد من مقالات محمد السعدنى