جائزة باسم الشاعر الفنان أسامة الدناصوري، جائزة للشعراء الشباب لنشر ديوانهم الأول. أصدقاء أسامة الدناصوري (1960 2004) مع دار «ميريت» التي نشرت أغلب دواوين أسامة الأربعة ونصوصه النثرية، وكتابه الوداعي الأخير «كلبي الهرم.. كلبي الحبيب» ينظمون جائزة خاصة تمنح في 4 يناير من كل عام (ذكري رحيله) وتنشر الدار الديوان الفائز لشاعر شاب يكتب القصيدة العربية الفصحي الحديثة في مصر. والصداقة والوفاء للمعاني المشتركة بين هؤلاء الشعراء الذين صنعوا مع أسامة ومازالوا يصنعون وجها جديدا للقصيدة الحديثة، هو ما يدفعهم إلي تنظيم هذه الجائزة، ذات المذاق والطابع الخاص، الذي يليق بتجربة أسامة الشعرية والحياتية. بسرعة وبكثير من الجهد والفن والألم، اخترق أسامة المشهد المصري الشعري من أول ميلاده في قرية محلة مالك مركز دسوق في 1960، في عائلة محافظة متدينة، ومدرسين للغة العربية وشعراء كلاسيكيين أحبوه وعلموه الحياة والشعر. إلا أن الفتي الريفي أو صاحبنا كما كان يقول طه حسين فقد حمل منذ سنواته الأولي مرضا في المسالك البولية والكلي، انتهي به بعد رحلة عذاب فريدة إلي الوفاة علي سرير الغسيل الكلوي في قلب القاهرة. ليوم واحد لم يتوقف عذاب المرض ولا مشاكله ومضاعفاته في الحركة والسمع. إلا أن صاحبنا لم يتوقف يوما عن حب الحياة والشعر والبحث عن جواهر جديدة تنقله من الكلاسيكية والتدين المتزمت في دسوق والاسكندرية إلي حرية التجريب والدين السمح الذي صلب عوده في تحمل عذاب الأرض الذي سجله في كتابه الفريد «كلبي الهرم.. كلبي الوحيد» مسجلا رحلة غير مسبوقة في احتماله الألم واستمرار الخلق والابداع رغم كل الرياح العاتية المضادة. يقول أسامة: «إذا اضطررت للسير حافيا في المدينة فلا تنظر لقدميك كل دقيقة خجلا، بل ارفع رأسك، وانس ذلك تماما. ولن يلحظ الجميع شيئا«. كنت أخرج من كل قصة حب محطما، وفي حوذتي كم لا بأس به من القصائد. أرغم نفسي سريعا، لأدخل قصة جديدة. هذه الروح التي تحمل قدرا من السخرية والشجاعة والكبرياء هي التي مكنته من أن يظل يكتب الشعر والنثر ويعيش في قلب شعراء القاهرة في الثمانينيات والتسعينيات وأن يترك إلي جانب مجموعة الأصدقاء والمحبين علامة خاصة في قصيدة النثر المصرية الحديثة. في أحاديثه الصحفية الكثيرة التي جمعت في أعماله الكاملة التي صدرت من دار ميريت يكتشف القارئ الآن الرحلة الطويلة والصعبة التي خاضها الشاعر من الشعر الكلاسيكي شعر الاحتفالات والمناسبات المدرسية والوطنية، إلي شعر العامية (كتب أسامة ديوانا واحدا بعامية خاصة فيها روحه وخصوصية جملته ومعانيه) ثم كتب القصيد النثري المتقعر السريالي الذي صب فيه ألم حياته وخصوصية غضبه وتمرده علي المعاني والشعر والوجود (حراشف الجهم 91) وقصيدة «المسنح» وغيرهما كتبهما خلال رحلته القصيرة إلي السعودية. وجد الشاعر صوته وجملته الخاصة وبساطة قصيدته الصافية الواصلة إلي متلقيها خلال ايقاع صوري وفكري مشترك في ديوان مثل ذئب أعمي 1996، وديوان (علي هيئة واحد شبهي) 2001 اعتقد أن أنضج وأجمل الدواوين هو الديوان الفاتن «عين سارحة وعين مندهشة 2003 أي عام واحد قبل الرحيل فيه يقول: يبدو أن الحياة جميلة كما يقولون/ حقا إنها لجديرة بأن تعاش/ لقد غفرت لها كل ما مضي/ الحياة طيبة لم تكن تقصد شيئا سيئا/ كانت تمزح معي بالتأكيد. كانت تمزح تلك الخبيثة وهي تخبئك طوال الوقت خلف ظهرها، وتضحك ملء شدقيها ليأسي. والآن وبعد أن تمكن اليأس مني تماما/ وأدرت لها ظهري/ إذا بها تلقي بك/ بك أنت/ في حجري. هذا الصوت الطيب المعطاء حمل روح الشاعر وخلاصة تجربته في الحياة والشعر. في الشهور الأخيرة جلس الكاتب يكتب نثرا خاصا جدا ممزوجا بالشعر الكامن في الروح. وحكي ما لم يحكه أبدا عن عذابه مع المرض وتطوراته وصعوبة معايشته والتحرك في الحياة وكأنه لا يعاني من شيء! قصيدة من الألم الانساني المصفي أخرجها نثرا في كتابه الأخير يقول: «بائس هذا الشاعر الذي لم يعرف النثر أبدا. الحياة نثر وما علي الكاتب سوي أن ينقلها من واقعها إلي الورق. السر يكمن في عملية النقل هذه. كيف تري نثر الحياة ومن أي زاوية. ثم الغلالة الرقيقة التي تغلف بها المشهد الذي وقع اختيارك عليه. تلك الغلالة هي روح الكاتب ومزاجه الخاص والتي تحول المشاهد إلي نصوص.. لتبدأ حياة جديدة لا تنتهي. الجائزة الجديدة احياء لتجربة إنسانية محترمة في الشعر الجديد والنثر الخاص، والمعني نبيل من معاني الوجود الإنساني: شكرا لدار ميريت ولأصدقاء الشاعر الذي لن ننساه. لمزيد من مقالات علاء الديب