حسنا فعلت وزارة السياحة عندما لم ترد علي بعض من كتبوا في عدد من الصحف يسألون عن دور الوزارة في الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة، ولماذا لم تشارك الوزارة في تنظيف الشوارع وطلاء أعمدة النور وعمل الحفلات؟، وكأن وزارة السياحة عليها أن تقوم بدور المحليات، وهذا خلط غريب للأدوار وعدم فهم لطبيعة عمل وزارة السياحة. إن هذه هي مصيبة بعض من يكتبون في الصحافة المصرية الآن.. لأن كل من هب ودب يكتب كما يقولون.. والأدهي والأمر عدم التخصص وكأن الصحفي مطالب بأن يفهم ويفتي في كل شيء مع أن صحافة العالم المتقدم حولنا تتجه إلي التخصص.. ولعل ما قرأته عن دور وزارة السياحة في حفل قناة السويس الجديدة يذكرني بما قرأته منذ أيام عن افتتاح أحد فنادق الدولة ِِِِِِِِِِِِ«النيل» بميدان التحرير تحت اسم «رتيزكارلتون» إحدي شركات الإدارة العالمية الكبري، لنفاجأ بمن يكتب ويطالب بأن تضع اسم شركة الإدارة الجديدة إلي جنب شركة الادارة السابقة هيلتون العالمية علي الفندق أيضا.. وهو شيء ليس له مثيل في عدم الفهم، ولو سأل المتخصصين قبل أن يكتب لعرف أن هذه شركة إدارة وتلك شركة أخري وكانا يتنافسان علي الفوز بإدارة الفندق لصالح الدولة. المهم سألت وزير السياحة المهندس خالد رامي عن تصوره لدور الوزارة في الاستفادة «سياحيا» من قناة السويس الجديدة.. فأكد أن الوزارة في انتظار تفاصيل مشروع تنمية محور القناة وقانون المناطق الاقتصادية وخريطة استخدامات الأراضي في المنطقة، وهل سيتم تخصيص أراض للتنمية السياحية أم لا؟، وإذا حدث التخصيص فأين مواقع هذه الأراضي حتي يمكن تسويقها لبناء فنادق ومشروعات سياحية وترفيهية في إطار المشروعات الكبري في مشروع تنمية محور القناة. وقال وزير السياحة: إن حفل الافتتاح والإعلام المكثف وإذاعته علي الهواء ستكون كلها أدوات لزيادة الترويج السياحي لمصر، ولذلك نفكر في إطلاق حملة ترويجية لمدن القناة الثلاث بكل مميزاتها السياحية في إطار مشروع القناة وإطار الاستفادة بكل مقومات سيناء السياحية. أما فيما يتعلق باستغلال حفل افتتاح القناة نفسه في الترويج سياحيا لمصر، فما يمكن أن أقوله إن دور الوزارة يأتي في الاستفادة من هذا الحفل بعرضه وتوثيقه في أفلام تذاع في مكاتبنا السياحية بالخارج، واستغلاله في الحملات من خلال الشركة التي ستفوز بحملة مصر الدولية، وكذلك حث شركات السياحة علي تنظيم برامج سياحية لمنطقة القناة وتنظيم زيارات للمعالم السياحية في المتاحف في مدن السويس والإسماعيلية وبورسعيد، وكذلك زيارات للمواقع الدينية بسيناء أو مواقع المعارك العسكرية في الحروب العديدة التي خاضتها مصر علي أرض سيناء. وأضاف خالد رامي أننا أيضا سنعمل علي تنشيط الصفحات والمواقع الألكترونية للاستفادة بهذا الحدث، وسنعمل علي دعوة كبار منظمي الرحلات في العالم في المرحلة المقبلة للتعرف علي مميزات مشروع قناة السويس الجديدة وكيفية الاستفادة منهم في برامج سياحية، كما أن زيارات رجال الأعمال للمنطقة بعد ذلك في إطار مشروع التنمية الشامل يمكن استغلالها في تنظيم برامج لسياحة رجال الأعمال الفاخرة من شركات السياحة المتخصصة. وأشار إلي إمكان أن يكون لبواخر الركاب السياحية الكبري نصيب في قناة السويس من خلال زيادة أعدادها التي تطلب المرور بين البحرين الأحمر والأبيض، وتنظيم زيارات اليوم الواحد لمدن القناة الثلاث، وتنشيط سياحة اليخوت والترانزيت، وإضافة مزارات سياحية جديدة لمصر. وكشف وزير السياحة في حديثه معنا أن افتتاح قناة السويس الجديدة يتواكب مع الانتهاء من مشروع تطوير منطقة عيون موسي لاستغلالها سياحيا في جذب السياحة الأجنبية والداخلية لهذه المنطقة التاريخية.. ويتواكب أيضا مع استضافة نحو 005 إعلامي من أوروبا في رحلات تعريفية علي مجريات الأمور في مصر، بما يسهم في نقل الصورة الحقيقية عن الأحداث، والذي من شأنه تحسين الصورة الذهنية عن المقصد السياحي المصري.. وكلها أنشطة تمثل مع استغلال حفل افتتاح القناة إعلاميا بما يمكن اعتباره إعلانا ترويجيا غير مدفوع لتنشيط السياحة إلي مصر، وفي هذه الحالة هو الأكثر تأثيرا من الإعلان المباشر. ونحن نقول إن هذا بالفعل هو الدور المنتظر من وزارة السياحة للاستفادة من مشروع قناة السويس الجديدة سياحيا، وكما هو واضح أن الدور الحقيقي سيكون بعد افتتاح القناة، لكن الاستفادة من حفل الافتتاح أو المشاركة فيه من تقديم الخدمات اللوجستية والنقل وتوفير الفنادق للضيوف فكلها أمور ثانوية، مع عدم إغفال استغلال الحفل نفسه إعلاميا وإعلانيا لصالح الترويج لمصر.. فهذا هو دور وزارة السياحة الحقيقي. أما من يتصورون أن دور الوزارة يكون بتنظيف الشوارع أو طلاء أعمدة النور.. فهذا كلام مرفوض، ولا علاقة له بالسياحة، ويجب أن يتوقف فورا، مثله تماما مثل بعض الذين يطالبون عند تنظيم حفل أو مهرجان أو مؤتمر أو حتي حفل عشاء في مصر أن تتبناه وترعاه وزارة السياحة، بحجة أن ذلك تنشيط للسياحة.. وإذا لم تفعل الوزارة ذلك، فهي لا تعمل.. فالمهم عندهم الحصول علي الرعاية أو الدعم المالي وليس تنشيط السياحة أبدا.. إن هذا ليس دفاعا عن وزارة السياحة، ولكنه توضيح للحقائق حتي لا نظل أسري لمفاهيم خطأ، وحتي نضع أيدينا علي الدور الحقيقي والمنتظر من الوزارة للاستفادة من مشروع قناة السويس الجديدة لصالح السياحة.. وانا لمنتظرون.. لمزيد من مقالات مصطفى النجار