استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، وذلك بحضور سامح شكري وزير الخارجية، وسفير الولاياتالمتحدة بالقاهرة ستيفن بيكروفت، وكبير مديري مجلس الأمن القومي روبرت مالي. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث باِسم رئاسة الجمهورية بأن كيرى سلم الرئيس السيسى رسالةً من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أكد خلالها أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة التي تهدد مصالحهما، معرباً عن أمله في أن يضع الحوار الاستراتيجي بين البلدين إطاراً لتعميق التعاون بينهما في جميع المجالات، وأن يساهم في تحقيق التنمية الشاملة التي تنشدها مصر، وفي إثراء العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، فضلاً عن مساهمة الولاياتالمتحدة في تحقيق نجاح واستقرار مصر والمنطقة، معرباً عن استعداد الشركات الأمريكية للمشاركة في دفع عملية التنمية التي تشهدها مصر. وأعرب الوزير الأمريكي خلال اللقاء عن ارتياحه لنتائج جولة الحوار الاستراتيجي التي عُقدت أمس بين البلدين، منوهاً إلى اهتمام بلاده باستئناف هذا الحوار مع مصر لتعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، وحرصاً من الولاياتالمتحدة على التشاور مع مصر بشأن مختلف القضايا الإقليمية للاستفادة من خبرتها العميقة واستثماراً لدورها الرائد إقليمياً وكونها محوراً لارتكاز المنطقة. وأضاف المتحدث أن الرئيس أعرب عن تقديره لرسالة الرئيس الأمريكي، مؤكداً حرص مصر على تنمية وتطوير علاقاتها الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين على الصعيدين الثنائي والإقليمي. ونوّه الرئيس إلى أهمية العمل المشترك بين البلدين من أجل تحقيق التنمية والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بما يساهم في تحقيق التقدم والرخاء لشعوبها. وأكد كيري تأييد بلاده للجهود المصرية المبذولة لمكافحة الإرهاب سواء على الصعيد الداخلي في سيناء أو على الصعيد الإقليمي، مشيراً إلى استعداد بلاده للتعاون مع مصر في هذا الصدد وتقديم الدعم اللازم لها لتتمكن من مواجهة الإرهاب ودحره والقضاء عليه. ورحب الرئيس بما أبداه الوزير الأمريكي من استعداد بلاده للتعاون مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب، أخذاً في الاعتبار توسع وانتشار الجماعات الإرهابية والمتطرفة في المنطقة، وهو الأمر الذي يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي للقضاء عليه، محذراً من مغبة تدهور الأوضاع الأمنية في بعض دول المنطقة وإمكانية امتداد خطر الإرهاب إلى خارجها. وعلى الصعيد الاقتصادي، أشاد وزير الخارجية الأمريكي بالإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية ومن بينها قانون الاستثمار الموحد، وقرارات ترشيد الدعم على الطاقة، منوهاً إلى أن جذب المزيد من الاستثمارات سيكون له مردود إيجابي على الاقتصاد المصري. وأشاد كيري بإنجاز مشروع قناة السويس الجديدة خلال عام واحد فقط، مهنئا الرئيس بافتتاحها خلال أيام قليلة، وأعرب عن استعداد بلاده للتعاون مع مصر على الصعيد الاقتصادي، ومساعدتها على المضيّ قدماً في تحقيق التنمية الاقتصادية. وذكر السفير علاء يوسف أن الرئيس السيسى أشار إلى أن مصر تعتزم تطبيق نظام “الشباك الواحد” للتيسير على المستثمرين وتسهيل إجراءات تدشين الأعمال والاستثمارات في مصر، بالإضافة إلى السعي نحو إيلاء مزيد من الاهتمام للصناعات الصغيرة والمتوسطة، أخذاً في الاعتبار تأثيرها الإيجابي على معدلات النمو الاقتصادي، فضلاً عما توفره من فرص العمل وتشغيل الشباب، وذلك جنباً إلى جنب مع المشروعات الوطنية الكبرى التي ستستمر الحكومة في تدشينها وتنفيذها، ومن بينها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، الذي ستشرف على تنفيذه هيئة قناة السويس، والذي سيتضمن إقامة مناطق اقتصادية خاصة في شرق بورسعيد وغرب خليج السويس. وعلى الساحة الداخلية، أكد الرئيس اعتزام الحكومة إجراء الانتخابات البرلمانية قبل نهاية العام الجاري، ليضطلع مجلس النواب الجديد بمهامه في الرقابة والتشريع. كما استعرض الرئيس التقدم الذي تم إحرازه في مجال ترسيخ الديمقراطية، منوهاً إلى الظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر والتي لم تحُل دون اتخاذ المزيد من الخطوات في مجال الحريات والعدالة الاجتماعية. وتناول اللقاء عدداً من الموضوعات الإقليمية، حيث أكد الرئيس السيسى أهمية الحل السياسي للأزمة السورية، بما يكفل سلامة أراضي الدولة السورية واستمرار مؤسساتها ووحدة شعبها والحفاظ على مُقدَراتها، في مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تسعى للتمدد في بقية دول المنطقة. وعلى صعيد القضية الفلسطينية، اتفق الجانبان على أهمية مواصلة الجهود من أجل تحقيق السلام الذي سيوفر واقعاً سياسياً واقتصادياً مغايراً سيساهم في تحقيق مصالح شعوب المنطقة، وقد أكد كيري دور ومساندة مصر في هذا الملف الحيوي بالنظر لخبرتها العميقة ودورها الرائد فيه. وأضاف المتحدث باسم الرئاسة أن الرئيس أكد خلال الاجتماع أن القضية الفلسطينية ستظل محتفظة بمكانتها المتقدمة في أولويات السياسة الخارجية المصرية، ومن ثم فإن مصر عازمة على مواصلة دورها من أجل التوصل إلى تسويتها من خلال إقرار السلام الشامل والعادل، معرباً عن استعداد مصر للتعاون مع الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي لاِتخاذ جميع الإجراءات التي من شأنها تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
وكان وزير الخارجية سامح شكرى قد اختتم أمس مع كيرى الحوار الاستراتيجى المصرى الأمريكى بإصدار بيان مشترك على أساس الإيمان المشترك بين البلدين بضرورة تعميق العلاقة الثنائية المصرية-الأمريكية لدفع المصالح المشتركة بعد ما يقرب من أربع عقود من الشراكة الوثيقة والتعاون. ويعكس هذا الإيمان أهمية الدور الإقليمي والدولي الذي يلعبه البلدان والحاجة لإيجاد حلول مشتركة لعدد كبير من الموضوعات التي تتسم بالتعقيد. واتفق الجانبان على استمرار تعاونهم الوثيق من أجل تحسين أمنهم المتبادل، وكذا مكافحة الإرهاب والتطرف، والعمل معاً لنزع الشرعية عن الخطاب الإرهابي. كما ناقش الوزيران وضعية خارطة الطريق المصرية وأهمية جهود تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع المجالات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب. ورحبت الولاياتالمتحدة بمشاركة مصر في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابى، وأكدت دعمها الكامل لمصر في حربها ضد الإرهاب. أكد الوزيران أهمية العمل معاً للتعامل مع النزاعات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في سوريا والعراق وليبيا واليمن. كما أبرزا أهمية التوصل إلى حل عادل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين يحقق رؤية حل الدولتين، اتساقاً مع المبادئ والمقررات الدولية المتفق عليها. وناقش الوزيران تطورات إقليمية أخرى وأعربا عن أهمية التنفيذ الكامل لخطة العمل المشتركة الشاملة بين إيران ومجموعة (EU 3+3) لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين. وبما يتناسب مع التزامهما بدفع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، استعرض الجانبان التطورات المستمرة في علاقاتهما على المستوى الثنائي. وناقش الوزيران سبل تعزيز علاقاتهما في مختلف المجالات، بما في ذلك التعاون العسكري والعلاقات بين الشعبين، فضلاً عن زيادة التعاون في المجالين الثقافي والتعليمي. أكد الوفدان على التزامهما المشترك بتوسيع وتعميق التعاون الثنائي الاقتصادي والتجاري. وأقر الجانبان بأهمية توسيع العلاقات التجارية والاستثمار كركيزة لشراكة مستديمة ومتوازنة ودائمة، بما في ذلك من خلال تعزيز التعاون في مجالات تكنولوجيا المعلومات والطاقة وتعميق التعاون من أجل خلق فرص عمل وتحسين التعليم وتعزيز الرعاية الصحية. وهنأت الولاياتالمتحدة الحكومة المصرية على افتتاح قناة السويس الوشيك. ورحبت الحكومتان بإعلان صندوق المشروعات المصري-الأمريكي عن أول استثمار له وقدره 20 مليون دولار أمريكي. كما اتفق الوزيران على عقد مشاورات الاتفاق الإطاري للتجارة والاستثمار، واستئناف الاتفاق الثنائي للعلوم والتكنولوجيا وتجديد انعقاد مجموعة العمل رفيعة المستوى حول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وجدد الجانبان التزامهما بالعلاقة الاستراتيجية بينهما وقررا اتخاذ خطوات عملية محددة لدعم هذه العلاقة، كما شددا على أهمية وجود شراكة مصرية-أمريكية قوية وبعيدة المدى، مرتكزة على الأهداف المشتركة للروابط الاستراتيجية بين البلدين، لتحقيق السلام والاستقرار والرفاهية بالمنطقة. كما اتفق الجانبان على عقد الحوار الاستراتيجي كل عامين وعلى أن تعقد الجولة القادمة من الحوار الاستراتيجي في واشنطن عام 2016.