الذى يريد أن يعرف حجم وأهمية الإنجاز الكبير للقناة الجديدة، وما تضيفه من دعم لوجود وأدوار القناة الأم وتعزيز لقدراتها وإضافاتها لبلادها وللدنيا عليه أن يعيد قراءة مراحل الصراع والمعارك التي حدثت بين إنجلترا وفرنسا لاغتصاب حقوق الحفر وملكية قناة السويس، وأيضا أن يتأمل صراع القوي الذي يحكم العلاقات الدولية الآن ويكاد يتلخص فى أنك موجود كقوة دولية مؤثرة بقدر ما تمتلك من مقومات استقلال واعتماد على الذات ومعاملات قوة تجعلك رقما محسوبا وفاعلا ومحل اعتبار، لامفعولا به يتسول الدعم ويخضع للهيمنة التي تتصورها الخطط الاستعمارية قديمها وحديثها قدرا مقدرا علينا. إن استعمار الغرب للشرق لضرورة تفرضها علينا السماء! إن علينا أن نجعل من مصر طريقا يصل أوروبا بالهند والصين، ومعني هذا أننا نضع إحدى قدمينا علي نهر النيل والأخرى في بيت المقدس، وتصل يدنا اليمني إلي مكة ونلمس باليد الأخري روما متكئة فوق باريس.. إن السويس هي مركز حياتنا وكفاحنا.. ففي السويس سوف نحقق مشروعا طالما انتظره العالم ونبرهن علي أننا رجال! عبارات كتبها مغامر فرنسي من الذين توافدوا علي مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر وراء حلم حفر قناة السويس. وفي مثل هذا اليوم 26 يوليو 1956 أعلن الرئيس جمال عبدالناصر استرداد مصر قناتها ونهاية المشروع الاستعماري الذي كانت قناة السويس محوره ونقطة ارتكازه.. وجن جنون أصحاب المشروع الاستعماري.. جنون بحجم وأهمية القناة ومصر وعادوا بالعدوان الثلاثي يحاولون استرداد القناة وإعادة احتلال مصر فكانت معركة بورسعيد الباسلة.. وتم جلاء آخر فرقة من القوات الغازية البريطانية 23 ديسمبر 1956 الذي أصبح عيدا قوميا للنصر. ولكن هل استسلموا واحترموا إرادة الشعب المصري، المخطط الاستعماري الامريكي الصهيوني المدعوم دوليا وإقليميا الذي يحدث في المنطقة الآن يقول إنهم لم يستسلموا فقط تغيرت الوجوه والاقنعة والمخططات والأدوار والوسائل والأدوات، هذه المرة ليس باستخدام جيوشهم البرية والبحرية والجوية، كما فعلوا وانهزموا في بورسعيد، ولكن جماعات وتنظيمات وعصابات وإرهاب الفاشية الدينية وتمزيق الأوطان وباستلاب عناصر ومقومات ومؤسسات قوتها وفي مقدمتها جيوشها، وحتي لاتقوم لها قائمة مرة ثانية كما فعلت مصر في 56 و67 و73 بمحو الخرائط والحدود القديمة وإعادة توزيعها وترسيمها بدماء أبنائها.. باستخدام أقدس المقدسات التي كان يجب أن تجمع ولا تفرق فاذابها وبالخداع والتضليل تمزق وتدمر وتذبح وتسعي إلي تحويل المنطقة إلي برك ومستنقعات من الدماء والصراع والكراهية والفتن الداخلية. ماذا تعني القناة الجديدة وسط المشهد الوطني بما يمتليء به من تحديات تنظيمات وجماعات ووكلاء الإرهاب الفاشية الدينية، ووسط المشهد القومي والإنساني البائس؟ إن في المنطقة وفي القلب منها صخرة وقوة مصر والمصريين مازالت هناك ارادة وطاقة للنمو والتنمية والبناء والسلام، ولمنح العالم مشروع إيقاظ وإنقاذ جديد وأن مصر قادرة بإرادة وأموال وإبداعات أبنائها مدنيين وعسكريين أن يدعموا قوة قناتهم الأم وكما يواجهون وينتصرون علي الإرهاب عسكريا يواجهونه بدعم قواهم وقدراتهم الذاتية واستقلال إرادتهم وسيادة قرارهم وأن يرسلوا بقناتهم الجديدة دعوة سلام للعالم وتنمية وبناء، وكما شاركهم 1956 في وضع نهاية للاستعمار القديم يشاركهم بقوة في إسقاط المخططات الأمريكية الصهيونية ودعمها الاقليمي والدولي والوقوف ضد التدهور الذي أصاب المشهد الإنساني وينتفض ضد حرب الوجود التي تتمركز في الشرق الأوسط والمنطقة العربية وتتهدد المجتمع الإنساني بأكمله. ولايقل أهمية ما تعنيه القناة الجديدة وهي تنضم للقناة الأم لدعم البعد التنموي والبعث الاقتصادي لمنطقة تمثل كنزا من كنوز مصر المهملة، والتي طالما حلم أبناؤها أن تكون قناتهم ومدنهم وموقعهم الجغرافي النادر وتاريخهم الوطني الحافل بين أيدي أمناء عليها عارفين بعظيم ما حباها الله من ثروات طبيعية وامكانات تتفوق علي ما يتميز به مدن البحر وموانىء المنطقة والدنيا كلها.. قناة السويس الأم وقناتها الجديدة إذا كانت لمصر كلها انجازا هندسيا عبقريا وعمرانيا وتنمويا فهي لأبناء مدن القناة وامتدادهم العظيم في سيناء فوق هذه الاعتبارات كلها مشروع حياة وإحياء، ولا أبالغ عندما أقول إن مياه القناتين تجري في عروق أبناء المنطقة وتشكل أهم ملامحهم النفسية والوطنية فى ذهابي وعودتي الدائمة إلي مدينتى بورسعيد فى الربع الأخير من القرن الماضي والمدينة تتراجع والإهمال يعشش فيها والموات يزحف بالتدريج ويتوالي حرمانها امتيازاتها التجارية والسياحية وحركة السفن والملاحة العالمية التي تنمو وتزدهر في موانئ ومدن لاتملك مقومات مدن وموانئ القناة جهة إدارة أم ثأر مع مدينة تصدر أبناؤها حركات المقاومة وسجلات التضحية، وكانوا الأوائل دائما في قياسات التنمية البشرية كل ذهاب إلي هناك كنت أري الحياة تزداد انسحابا والبشر يزدادون ألما وفقرا وبطالة وغضبا. ومقومات المدينة تتراجع أكثر... ميلاد جديد للأمل والحياة يحدث بالقناة الجديدة وهي تضاعف قوة وقدرات القناة الأم وتهيئ الامكانات ل 42 مشروعا منها 6 مشروعات ذات أولوية كلها تحقق تفجير الكنوز التي تمتلئ بها المنطقة، وتوضح الأرقام آفاق المستقبل القادم بإذن الله من خلال مضاعفة أعداد السفن العابرة وزيادة الإيرادات بتقديرات تصل إلي 259% وعائدات من المنتظر أن تصل إلي 100 مليار دولار سنويا وتعزيز قدرة مصر كشريك في التجارة العالمية وكرقم صحيح بين الدول القادرة علي الاعتماد علي قواها الذاتية وبكل الرسائل التى ترسلها للعالم بتنمية ومضاعفة قدرات وإمكانات قناتها الأم التى تعرف الدنيا قصتها الدامية مع الاستعمار القديم، وقصة من حفروها وسالت دماؤهم فى مجراها قبل أن تجرى فيها مياه البحرين، إلى رسالة سلام ومشاركة وانتماء وتنمية وبناء، وتعلن أنها وهى تواصل الانتصار على الخطط والجرائم الإرهابية لا تتوقف كل أسباب القوة للحاضر والمستقبل. تحية إجلال واحترام لكل من شارك في الإنجاز العظيم وفى التوقيت الزمنى المستحيل الذي أنجز فيه بكل ما كشف عنه من تجليات وابداعات هندسية وبشرية ووطنية. السؤال الحائر الذي ينتظر إجابة إذا كنا في عام واحد نستطيع أن ننجز ما كان فى تقديراته الأولية يحتاج إلى خمس سنوات فلماذا لا نتمسك بأن تدار جميع مؤسساتنا بنفس الكفاءة والقدرة على الإنجاز؟!! هذا يعنى أنه يجب ألا يظل في موقع المسئولية إلا كل كفء وقادر أن ينجز فى موقعه بالكفاءة والاتقان، والروح المسئولة وكل ما انجزت بهم القناة. كيف يجتمع فى وطن واحد إعجاز الإنجاز الذي يمثله مشروع القناة الجديدة، وكوارث الإهمال التى تهدد كل مصرى نتيجة التقصير واللامبالاة وغياب المسئولين الأكفاء فى أغلب مؤسسات الدولة، وحيث يسود الأطمئنان أنه ومهما كان حجم الكوارث والخطايا فلا قوانين ستطبق وأى حساب سينتهى بتوقيع عقوبات على أكباش فداء من الموظفين الصغار، أما السادة المهملون والفاسدون الكبار ففى مواقعهم صامدون.. ولو قتل مستمرين لا مساس بهم مهما كان حجم الإهمال ولا عقوبات مشددة تعزل وتحاسب وتضع حبل المشنقة حول من يستحق وعرض حياة المواطنين للخطر، وقبل أن تصبح دية قتل المواطن 20 ألف جنيه وخمسة آلاف للمصاب!! بأرخص البيعة وبأخس وخراب الضمائر!! في كارثة يجب إيقاف ومحاسبة المسئولين الكبار الذين وكالمعتاد يتبادلون الاتهامات.. النقل والمحافظ والرى والموارد المائية الذي يغرق وزيرها فى فشل مفاوضات سد النهضة، الذي أعلن رئيس مجلس الوزراء فى تصريح من تصريحاته المدهشة أنه لا خطر على مصر من هذا السد!! هل ما أكده خبراء المياه من مخاطر تتهدد النصاب المائي لمصر كلام فارغ والصحيح ما يعلنه رئيس مجلس الوزراء؟! أخشى علي مصر من غرق أخطر يمثله أداء مسئولين ووزراء ليسوا على كفاءة تحديات ومخاطر اللحظات المصيرية التى نعيشها ولا علي قدر الموروث من كوارث وبلاء نظامين أسبق وسابق أسقطهما المصريون فى ثلاث سنوات ويحميهما ويحافظ عليهما أداء ومسئولون يفتقدون الكفاءة والروح المسئولة، وفضيلة الاعتراف بالفشل والانسحاب من أجل وطن لم يعد يحتمل هذا الأداء المخزى والمترهل وغير المسئول والذي لا يتحمله ويدفع تكاليفه الغالية ويموت ثمنا له إلا الملايين من البسطاء الذين لا ظهر لهم ولا غطاء فوقهم يقيهم شر وبلاء الإهمال والفساد!! لمزيد من مقالات سكينة فؤاد