تُعد التحديات الاقتصادية لمكافحة العدوى، والوقاية من فيروس "سي"، إضافة إلى توفير العلاجات الدوائية للملايين من المصابين بالفيروس ومضاعفاته.. أحد أهم الأمور التى تحظى باهتمام العلماء، وكما يقول د. إمام واكد أستاذ أمراض الكبد وعضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية: على الرغم من أن مصر من أعلى الدول فى معدلات الإصابة السنوية بين الشرائح العمرية الكبيرة إلا أن نسب المصابين انخفضت خلال السنوات الأخيرة. فقد أظهرت النتائج الأولية للمسح الإحصائى لعام 2015 -حسبما يقول- أن نسب المصابين تبلغ نحو 7% في الشريحة العمرية للمواطنين من 15 إلى 59 عاما، بعد أن كانت 10% لنفس الشريحة العمرية عام 2008، وهو ما يعنى أن عدد المصابين بالفيروس فى مصر يبلغ نحو سبعة ملايين مريض، مسجل منهم مليون حاليا على قوائم الانتظار لتلقى العلاجات الدوائية الحديثة بمراكز العلاج التابعة لوزارة الصحة، فى حين أن هناك ستة ملايين مريض لا يعلمون أنهم مصابون بالفيروس. ويشير إلى أن هناك جهودا كبيرة بذلتها الدولة لوضع استراتيجية عامة على مستوى القطاع الصحى لنقل الدم الآمن، ومكافحة العدوى، إلا أنه فى الوقت ذاته ما زالت تكاليف علاج المرض ومضاعفاته تستنزف الكثير من موارد المواطنين والدولة. كما أظهرت الدراسة الدولية -التى تم نشرها بالتعاون بين المعهد القومى للكبد بالمنوفية ومركز دراسة وتحليل الأمراض بالولايات المتحدة- أن الفاتورة السنوية لعلاج أمراض الكبد فى مصر تقدر بنحو 22 مليار جنيه حيث تندرج تحت هذا الرقم تكاليف الخدمات الصحية المباشرة، وعلاج التليف والفشل الكبدى ومضاعفاته، حيث اعتمدت الدراسة على تكلفة الخدمات الطبية لمريض الفيروس بمعهد الكبد بالمنوفية خلال عام 2013 كنموذج استرشادي يعد الأقل تكلفة مما يعنى أن ما ينفق فى مصر أكثر من هذا الرقم بكثير. ويضيف الدكتور إمام أنه تم أيضا تقدير التكلفة غير المباشرة للإصابة بالفيروس وتأثيره على نوعية الحياة والقدرة الإنتاجية للمواطن، مشيرا إلى أن قرابة 4% من ميزانية الدولة فى مجال الصحة موجهة لعلاج مرضى فيروس "سي" فقط، وأن التكلفة والخسائر السنوية الناجمة عن علاج المرضي، وتغيبهم عن العمل، تقدر بنحو 1.5% من الناتج القومى السنوى للبلاد. من ناحية أخرى، تقول د. منال حمدى السيد أستاذ طب الأطفال بطب عين شمس والمشرف العام على البرنامج القومى لمكافحة الفيروسات الكبدية بوزارة الصحة إن نقل فاعليات اليوم العالمى للفيروسات الكبدية لمصر هو تكليل لجهود طويلة للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية التى بدأت عام 2008، واستمرت إلى الآن تطوعيا، بمشاركة عدد كبير من أساتذة الكبد، بهدف جذب الانتباه الدولى لمشكلة فيروس سى، ومطالبة الهيئات الدولية بدعم مصر فى رسم الاستراتيجية القومية للعلاج، ومكافحة العدوى. وتوضح أنه برغم حالة عدم الاستقرار السياسى التى شهدتها البلاد على مدى السنوات الأخيرة إلا أن اللجنة القومية ووزارة الصحة حرصتا على تركيز جهودهما بالاشتراك مع منظمة الصحة العالمية ومركز مكافحة الأمراض بالولايات المتحدة ومعهد باستير بفرنسا فى وضع إطار عمل واستراتيجية موحدة لجميع القطاعات الصحية بالدولة من أجل مكافحة العدوى، والترصد الآمن للدم، وتوفير التطعيم ضد الفيروس الكبدى "بي" خاصة للمواليد والعاملين بالقطاع الصحى إضافة إلى تدريب الكوادر الطبية، وإنشاء أكثر من 32 مركزا طبيا موزعة على محافظات الجمهورية كافة لتقديم الخدمات العلاجية لمرضى فيروس سي. وتضيف أنه من المهم جذب الانتباه إلى أن خدمات القطاع الصحى فى مصر مقسمة ما بين وزارات الصحة والتعليم العالى والبحث العلمى وغيرها من الوزارات لذلك كان من الضرورى وضع خطة وإطار عام لمؤسسات الدولة كافة لمكافحة العدوى بجميع مراكز الخدمة الطبية بما يضمن، ليس فقط الحد من عدوى فيروس سي، ولكن أيضا أمراض الدم المعدية كافة، مشيرة إلى أنه من المقرر فى المرحلة المقبلة إجراء عدد من التعديلات القانونية الخاصة بمنظومة نقل الدم الآمن، بما يتيح إدخال تقنيات أحدث ببنوك الدم لرفع درجات الأمان. وتوضح أنه فيما يتعلق بالأطفال المصابين بالعدوى الكبدية الفيروسية تم تطبيق برامج الترصد المبكر للأمهات الحوامل المصابات بالفيروس الكبدى "بي" بحيث تتم متابعة المواليد وتوفير جرعات من التطعيم تعطى خلال اليوم الأول من الولادة لتجنب إصابة المواليد بالعدوى الفيروسية. أما فيما يتعلق بالفئات الأكبر سنا فقد أظهرت الدراسات العالمية أن تعداد الأطفال عالميا (حتى سن 18 عاما) المصابين بفيروس سي يبلغ نحو 6.6 مليون نسمة، وتتركز هذه الأعداد بصورة كبرى فى الدول ذات الدخول القومية المتوسطة والمنخفضة. وطبقا لدراسات الجمعية الأوروبية لدراسات الكبد ومركز دراسات وتحليل الأمراض بالولايات المتحدة تتركز أعلى معدلات إصابة الأطفال عالميا فى نيجيريا، وتليها مصر فى المركز الثانى، ثم باكستان، والصين. وعلى ذلك فإنه جار التنسيق مع شركات الدواء العالمية التى طرحت مؤخرا العلاجات المضادة لفيروس سي الخالية من الإنترفيرون والريبافيرين، ومن المقرر إجراء دراسات عدة خلال العام الحالى والقادم بمصر، لحساب جرعات الدواء الآمنة للمرضى من الفئة العمرية 12 إلى 18 عاما، على أن تلى ذلك دراسات على الفئات العمرية الأصغر، لوضع البروتوكولات العلاجية المثلى للأطفال، والتأكد من عدم حدوث أى مضاعفات جانبية قد تؤثر على حياة المريض.