العيد فرحة لكل من صام رمضان وقام ليله وتزكى، والنبي، صلى الله عليه وسلم يقول: (للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه) وفرحة الإفطار فى عيد الفطر كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لمن شعر أنه أدى الفريضة كما أمره الله تبارك وتعالي، ثم طهر نفسه من الرفث واللغو فى رمضان بأداء الزكاة التى أمر بها النبى صلى الله عليه وسلم، ومن وصايا النبي، صلى الله عليه وسلم فى العيد، صلة الأرحام، وأمرنا الله ببرها ووصلها، ومن يصل رحمه يزيد الله فى عمره والمقصود بالزيادة أن يبارك الله تعالى فى عمر الإنسان الواصل ويهبه قوة فى الجسم ورجاحة فى العقل، ويوسع له فى رزقه، ومن هنا تأتى الفرحة باجتماع الأهل والأقارب وتبادل التهانى بالعيد، وتعتبر مصر من الدول الأولى التى تقوم بتبادل الزيارات فى الأعياد وإفشاء السلام وتبادل التهانى وصلة الأرحام. الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع وعميد آداب القاهرة سابقا يوضح أنه عندما ينتصف شهر رمضان فى مصر، يستعيد المصريون بعض العادات منذ عصر الحكم الفاطمى لمصر والذى دام نحو قرنين من الزمان. من بين هذه المظاهر تتزين الشوارع والمنازل بزينة تسمى زينة العيد والتى تتنوع بين الأضواء البراقة والفوانيس والألوان المبهجة، وتنشط فى هذه الفترة من الشهر الفضيل أيضا المخابز فى مصر حيث يقبل عليها المواطنون بكثافة لشراء لوازم إعداد كعك العيد وتبدأ ربات البيوت فى العمل على ما يسمى بسصاجات الكعكس حيث يشرعن فى إعداد أنواع مختلفة من المخبوزات التى يتناولها المصريون صبيحة أول أيام عيد الفطر احتفالا بمقدمه، ومن بين هذه المخبوزات: «الكعك» و«الغريبة» و«البسكويت» وغيرها. وأضاف زايد، يبرز أيضا فى هذه المناسبة إحدى صور التكافل الاجتماعى فى مصر، حيث يقوم القادرون من المصريين بخبز كميات كبيرة من الكعك تفوق احتياجهم حتى يوزعوا هذا الفائض على الأسر الفقيرة والمحتاجة التى لم تسعفها ظروفها لشراء هذه المأكولات لأبنائها. ويقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق، إن هذا العيد، جاء فى وقت ربما كثرت فيه القلاقل والاضطرابات ولكن ينبغى أن يبقى العيد عيداً ولتفرح الأسر ويسعد الناس بيوم العيد فهو يوم فرحة، ويوم مرح وسرور، وأعطانا الله هذه الأيام المباركة لنمارس فيها كل المرح المشروع، وكل الفرح الذى لا يخرج عن إطار القيم والمثل والأخلاق، ونسعد أبناءنا وذوينا وأن يكون العيد دائما، يوما للتقارب، والتحاب والتعاون وصلة الأرحام لتتقوى الأواصر، وتشتد العلاقات ويقوى الارتباط، فنكون الأمة الواحدة التى قال فيها الله عز وجل: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) ويضيف، إن مصر مستهدفة استهدافاً شديداً سواء من الأعداء أو من بعض المواطنين، ومصر لها قيمة ومكانة وهناك محاولات كثيرة من بعض أصحاب المصالح أن يطولوا من قامة مصر، فمصر لها اسمها ووضعها ومكانتها فى التاريخ، وحينما يعجز هؤلاء عن مسايرة مصر، فيختلقوا لها الأزمات والمشاكل التى تشغلها، حتى تكون عائقا أمامها لتعطيلها عن الوصول لهدفها، ومن هنا يأتى التطاول عليها، وهذا يمثل (الحقد على مصر)، وتكررت محاولات عديدة لفتح ثغرات واختلاق المشاكل مع مصر وخلق القضايا، كما أننا نرى أن مصر هى الحضارة وهى الأم لكل الدول العربية، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي، وهناك أمل لدى المواطنين، ومحاولات للتعويق، والنجاح يحتاج منا يقظة شديدة وعملا جادا ودءوبا، وما يحدث من تفجير فهو جريمة بشعة فى حق الإنسان، والله عز وجل قال : (لا تقتلوا النفس التى حرَّم الله إلا بالحق) ويقول النبي، صلى الله عليه وسلم، (الإنسان بنيان الله فملعون من هدمه)، (وقتل النفس أشد حرمة من هدم الكعبة المشرفة)، وهذه التفجيرات عمل إجرامى خسيس فيه خيانة شديدة للوطن، ويجب أن نتصدى لهؤلاء. وفى سياق متصل يشير الدكتور سعيد عامر أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، إلى أن الله أمرنا بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهانا الله عن قطيعتهم والإساءة إليهم، بل إن الله تعالى حذر تحذيراً شديداً من مقاطعتهم، ووعدَّ صلى الله عليه وسلم بأن من قطع الأرحام لا يدخل الجنة مع أول الداخلين، وأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم كثيرة عن صلة الرحم، وكان الترغيب فى صلة الأرحام دينياً ودنيوياً، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) رواه البخاري، والعيد فرصة عظيمة لزيارة الأرحام وصلتها، حتى وإن كان مقاطعا لك، وقاطع رحمه له عقوبة فى الدنيا والآخرة. وأكد الشيخ إبراهيم حافظ من علماء الأزهر أن صلة الرحم تزيد فى العمر وتبارك فى الرزق فقد أخرج البخارى ومسلم عن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من سره أن يبسط له فى رزقه وأن ينسأ له فى أثره فليصل رحمه) (متفق عليه)، وينسأ تعني: يؤخر له فى أجله ويزاد له فى عمره، وعن عائشة رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (صلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار، يعمرن الديار، ويزدن فى الأعمارب أخرجه الإمام أحمد، وثواب صلة الرحم عظيم، وحذر من قطيعة الرحم، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، حذر من خطورة هذا القطع، لما فيه من ذنوب كبيرة، ويضيف، إن لصلة الأرحام فضلا عظيما: فهى تحقق التعاون والمحبة بين المسلمين، وهى من علامات الإيمان، وتكون سببا للبركة فى الرزق والعمر، وكل الناس يحبون أن يوسع لهم الله فى رزقهم، ويؤخر لهم فى آجالهم لأن حب التملك وحب البقاء غريزتان من الغرائز الثابتة فى نفس الإنسان، فمن أراد ذلك فعليه بصلة أرحامه، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له فى رزقه ، وينسأ له فى أثره ، فليصل رحمه). رواه البخاري.