ينظر الكثير من الناخبين الاسرائيليين إلى النائب دوف حنين، اليهودى الوحيد الذى فاز باعتباره ممثلا لحزب «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» ضمن مرشحى القائمة العربية الموحدة فى انتخابات الكنيست الأخيرة؛ بوصفه خائنا، وصفحته الرسمية على موقع فيسبوك مليئة بالتهديدات والتعليقات البذيئة والساخرة التى قد يصل بعضها إلى التهديد بالعنف الجسدى وحتى الجنسي، ويذهب البعض إلى حد وصفه «بالنازى الجديد» واعتبر البعض أنه انضم إلى «حزب الذين يكرهون اسرائيل ويمثلون حركة حماس الإسلامية فى قطاع غزة». يقول دوف حنين الذى يحمل درجة الدكتوراه فى العلوم السياسية من جامعة تل أبيب «أنا إنسان قبل كل شيء واشتراكى اسرائيلى ويهودى يحب شعبه» «لا يتحدث العربية ولكنه يفهمها». ويعتبر النائب المقيم فى تل أبيب أن البديل هو «دولة فلسطينية مستقلة» تعيش «بجانب دولة اسرائيل ديمقراطية حيث يتمتع جميع السكان بالمساواة بما فى ذلك الأقلية العربية الفلسطينية» التى تشكل ما نسبته 20% من السكان والتى تعانى التمييز فى مجال العمل والسكن بشكل خاص. ويؤكد حنين أن هذه «الأقلية لا تمثل تهديدا لأحد ومنحهم الحقوق نفسها لا يجوز أن يخيف اليهود. فإن ذلك لن يكون على حساب اليهود». وفيما يتعلق بموضوع القدس التى أعلنتها اسرائيل عاصمتها الأبدية والموحدة بينما يرغب الفلسطينيونبالقدسالشرقية كعاصمة لدولتهم العتيدة فإن حنين يقول إن وجود «عاصمتين فى القدس أمر ممكن تماما وبطريقة عادلة» موضحا أن هذا «سيحقق رغبة الشعبين وسنتمكن من الوصول إلى السلام على هذه الأرض». وغنى عن البيان إذن أن دوف حنين متمسك بيهوديته وحريص على بقاء دولة إسرائيل مع تخليها عن سياساتها العنصرية واضطهادها للفلسطينيين؛ وقد يرى بعضنا أنها مجرد كلمات وضرب من الخيال؛ ولكن دعونا ننظر إلى موقف عملى لذلك اليهودى اليسارى عضو الكنيسيت حيال اعتقال الفلسطينى عدنان خضر. وقد يبدو للقارئ غير المتابع للشأن الفلسطينى أن عدنان خضر قد يكون يساريا فلسطينيا من عرب 48 ممن لهم حق التصويت فى الانتخابات الإسرائيلية، ولذلك وجدت قضيته تعاطفا لدى دوف حنين ربما ليكسب عددا من الأصوات فى الانتخابات المقبلة؛ ولكن الحقيقة أن الشيخ عدنان خضر من بلدة عرابة جنوب جنين بالضفة الغربية، وهو من قادة حركة الجهاد الفلسطيني، وهى حركة إسلامية فلسطينية أسست فى السبعينيات على يدى الدكتور فتحى الشقاقى وعدد من الطلاب الفلسطينيين فى أثناء دراستهم فى مصر، وهدفها كما هو مسجل فى وثائقها هو تحرير كامل فلسطين، وتصفية الكيان الصهيوني، وإقامة حكم الإسلام على أرض فلسطين وممارسة الجهاد المسلح ضد أهداف ومصالح العدو الصهيوني. وقد اعتقل عدنان بعد فترة قصيرة من خطف وقتل ثلاثة إسرائيليين، الذى ردت عليه إسرائيل باعتقال مئات الفلسطينيين فى الضفة الغربيةالمحتلة. لقد توجه دوف حنين باسم القائمة العربية الموحدة لرئيس الحكومة ووزير الأمن الداخلى ووزير الأمن بطلب الافراج عن عدنان خضر المعتقل الادارى المضرب عن الطعام آنذاك منذ 50 يومًا. معبرا عن «احتجاجه الشديد لتقييد عدنان بسريره فى أثناء تلقيه العلاج فى مستشفى أساف هروفيه» معتبرا أن تقييده بسريره بالمستشفى مع تدهور حالته الصحية يعتبر غاية فى الوحشية وأنهى دوف حنين رسالته بطلب تحرير عدنان والافراج عنه فورًا، مؤكدًا «ان الوسيلة الافضل لإنهاء الاضراب عن الطعام هى الافراج الفورى عنه، وأنه لا يمكن ان يعتقل اشخاصا دون محاكمة، اذا كان هناك أى اتهام ضد عدنان خضر، فلماذا لا يُحاكم حسب القانون؟!! وبما انه لا يوجد أى اتهام فيجب الافراج عنه فورًا». كما كتب فى 24 يونيو 2015 تحت عنوان «الحرية للأسير عدنان خضر» «منذ 50 يومًا يضرب المعتقل الادارى عدنان خضر عن الطعام، وهو يبلغ من العمر 37 عامًا، وله 6 ابناء، ويسكن فى قرية عرابة فى الضفة الغربيةالمحتلة، احتجاجًا على اعتقاله دون أى محاكمة، وضد الاستعمال المفرط الذى تقوم به السلطات الاسرائيلية بوسيلة الاعتقال الاداري، الذى تم من خلاله تمديد اعتقال آلاف الفلسطينيين سنوات دون محاكمة. عدنان معتقل منذ قرابة السنة رغم انه لم يتهم بشيء، ولم تتح له الفرصة للدفاع عن نفسه، ولا حتى إمكان نقل اقواله الى المحكمة، واضرابه عن الطعام هو الوسيلة الأخيرة له للتعبير عن احتجاجه». ولقد أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلية فجر الأحد الماضى 12 يوليو 2015عن القيادى فى حركة الجهاد الإسلامى الشيخ خضر عدنان بعد 11 شهرا من الاعتقال الإداري. خلاصة القول أن موقف دوف حنين رغم أنه لا يتطابق بل لا يقترب من مطالب العديد من الفصائل الفلسطينية؛ فإنه يؤكد حقيقة أن اليهود ليسوا نسيجا واحدا حتى داخل إسرائيل وبعد سنوات طوال من قيامها، و لعله يؤكد أيضا أنه ليس صحيحا القول بأن من لا تتطابق مواقفه تماما مع مواقفنا فإنه عدو لنا دون جدال. هناك لون رمادى دائما، لا أبيض تماما، ولا أسود تماما . لمزيد من مقالات د. قدري حفني