كل الوزارات دون استثناء تتحالف لضرب صناعة السياحة فى مصر..فهناك طابور خامس فى كل وزارة يعمل بقصد للضغط على ملاك الفنادق حتى يلملموا ما تبقى من استثماراتهم ويرحلوا بها الى مكان آخر او دولة اخرى ..هذا الطابور يصر على وضع العراقيل وزيادة اعباء قطاع «أكل عليه الزمن وشرب» حتى أصبح غير قادر على تحمل مصاريف تشغيله. الأسبوع الماضى شهد تحالف شديد الوطأة مكون من مأموريات الضرائب العقارية والمحليات والدفاع المدنى والكهرباء وكل منها خرج بأفكار لوذعية لتضيف اعباء جديدة غير مبررة على قطاع الفنادق والقرى السياحية حتى اصبح الامر اشبه بالملهاة. ومن هذه الأفكار «اللوذعية» ان قامت حملة مكبرة من رجال الضرائب العقارية وهجموا على فنادق جنوبسيناء لإجبار جميع المحال والبازارت بها على دفع القيمة الايجارية لمصلحة الضرائب العقارية مباشرة وليس لمالك الفندق..مع العلم ان القيمة الايجارية لهذه المحال هى من تعين ادارة الفندق على دفع المرتبات والضرائب والتأمينات فى ظل تراجع وتدنى الأسعار السياحية..اكد صاحب احد الفنادق بالمنطقة - رفض ذكر اسمه - انه حال تنفيذ هذه التعليمات فانه لن يستطيع توفير سيولة نقدية لسداد قيمة مستحقات العاملين او وغيرها من الالتزمات وسيقوم فورا بغلق الفندق حتى اشعار آخر. والسؤال الأهم هنا من أصدر هذا القرار وفى هذا التوقيت تحديدا الا يعلم وزير المالية أن السياحة فى مصر أصبحت الآن على «كف عفريت» وان نسب الأشغال فى تراجع وان الأسعار المطروحة من قبل منظمى الرحلات لا تفى بالحد الأدنى للتشغيل وان صاحب الفندق يتمنى اليوم قبل الغد ان يغلق الفندق حتى تعود الحركة السياحية الى تدفقها من جديد. من جانبه أكد محمد ايوب رئيس غرفة الفنادق ان هذا الاجراء غير قانونى وانه قام برفع مذكرة للمهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء مؤكدا ان قانون الضرائب العقارية لم يفعل حتى الآن بشكل كامل حيث يوجد خلاف بين وزارتى السياحة والمالية على كيفية تقدير الضريبة العقارية على المنشآت السياحية. وفى الواقعة الثانية ، فوجئ اصحاب الفنادق «كالعادة» بأجهزة المحليات تطالبهم بسداد رسوم نظير استخدام الشواطئ !! والأدهى انه تم تقدير هذه الرسوم بأثر رجعى تبدأ منذ تخصيص الأرض وليس من تاريخ تشغيل الفندق او القرية السياحية كى تسغل هذه الشواطئ بالفعل، او حتى لفترة 5 سنوات ماضية باعتبار ان اى مطالبات تزيد على هذه المدة تسقط قانونا بالتقادم. عموما هذه الفكرة «الجهنمية» توصل اليها الجهاز من أجل زيادة حصيلته السنوية..فقام بقياس مساحة الشواطئ التى تستخدمها الفنادق وقدر رسوم استغلال مع نفسه على كل متر مضروبا فى عدد الأمتار مضروبا مرة اخرى »على دماغه» فى عدد سنوات التشغيل ليصبح المبلغ المطلوب من كل فندق ملايين الجنيهات..والسؤال هنا اين كان هذا الشرط عند تخصيص الأرض لإقامة الفندق؟ ..وعلى اى اساس تم تقدير قيمة هذه الرسوم..والأهم من كل ذلك هل الفنادق لديها القدرة على سداد هذه المبالغ للدولة..يقول عاطف عبد اللطيف ان الفنادق وصلت الى مرحلة لا تستطيع معها سداد حقوق العاملين فكيف تقوم الدولة بإضافة أعباء جديدة عليها..مشيرا الى ان مستثمرى الفنادق تحدوا جميع الظروف وساندوا الدولة ورفضوا غلق فنادقهم ونقل استثماراتهم لأى دوله اخري. واذا انتقلنا للواقعة الثالثة نجد التأمينات تطارد المستثمرين فى محاولة لسجنهم وعقابهم على سنوات لم يكن بها سائحون إلا قلة قليلة تعد بالآلاف وكانت مصر على قوائم حظر السفر من جميع دول العالم وهرب كل منظمى الرحلات الى دول اخرى اكثر استقرارا وتركوا الفنادق خاوية على عروشها لا تملك ما تسدده للعاملين من مرتبات..كان من الممكن ان تقوم الفنادق بغلق ابوبها بكل سهوله وفصل العاملين بها ليتحولوا الى رقم يضاف الى عدد العاطلين المؤهلين للتطرف والدخول فى نفق الارهاب. والواقعة الرابعة تهدد بغلق مئات القرى السياحية والفنادق بسبب الشروط الجديدة للدفاع المدنى الذى طالب بوضع اشتراطات جديدة لم تكن مطلوبة من قبل..كما ان تنفيذها يحتاج الى مبالغ طائلة غير متوافرة الآن لدى جميع المنشآت السياحية دون استثناء..وتعود هذه المشكلة بالأساس لعدم وجود كود للدفاع المدنى يمكن اللجوء إليه عند بناء المنشأة ..ولكن بعد حريق مركز المؤتمرات تحركت اجهزة الدفاع المدنى ووضعت اشتراطات جديدة لا تمت للواقع بصلة مما يعرض جميع الفنادق للغلق. والواقعة الخامسة تتمثل فى قيام وزارة الكهرباء الاسبوع الماضى ايضا بفصل التيار الكهربائى عن عدد من الفنادق التى عجزت عن سداد الاستهلاك ، هذه الوقائع تتشابك مع بعضها لتشكل دوامة يدخل فيها المستثمر ولا يخرج منها إلا عبر مخرجين فقط..الأول الهروب باستثماراته لدول تسانده وتستفيد منه فى تشغيل مواطنيها وتمنحه اعفاءا من الضرائب والرسوم..والثانى هو السجن عقابا له على عدم إغلاق فندقه وتحمله لأربع سنوات كاملة يدفع فيها المرتبات ويسدد مستحقات الدولة «المعلومة» كاملة..وعقابا له ايضا على مساندته لتوجهات القيادة السياسية بتوفير فرص عمل للشباب..على الرغم من ان مبادئ الاستثمار تحتم عليه غلق المنشأة فور تعرضها لخسائر متتالية..وهو ما فعلته كثير من الشركات والبنوك بأوروبا عندما تعرضت لأزمة اقتصادية لتسريح عدد كبير من العاملين. ايضا فإن السؤال الذى يفرض نفسه ويطرحه عاطف عبد اللطيف احد المستثمرين بقطاع السياحة والفندقة اين كانت هذه الأجهزة الحكومية؟ والتى تحولت فجأة الى جباية الاموال عندما كانت مدن مثل شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم ومطروح..صحراء جرداء يخاف الكثيرون ارتيادها ولا توجد فيها حياة من اى نوع..اين كانوا عندما تحملنا المخاطر وحدنا وأدخلنا اليها البنيه الأساسيه من مياه وكهرباء وصرف صحى وأقمنا فيها أجمل الفنادق والقرى السياحية.. ان هذه القرارات غير المدروسة وغير المبررة من بعض الهيئات والوزارات جعلت القطاع السياحى قاب قوسين او ادنى من تقليص استثماراته والتوقف نهائيا عن ضخ استثمارات جديدة لاضافة غرف جديدة او حتى اجراء صيانة..وهذا الاجراء يعود ايضا الى ان الاستثمار السياحى لم يعد الاستثمار المربح فى مصر بعد زيادة اعبائه فى ظل تراجع الحركة السياحية وتراجع الأسعار الى ادنى مستوى لها.