يقولون أن الحزن يولد كبيرا ثم يصغر ، أما أنا فأري أن هناك نوع من الحزن يولد كبيرا ويظل يكبر يوما بعد يوم ، لما يحمله من وجع يعيش بداخلنا يتملكنا ويتغلغل داخل أرواحنا، ويعتصر قلوبنا ، إنه وجع فراق الأحبة الذين يستحيل تعويضهم، والذين تظل ذكراهم محفورة في ذاكرتنا إلي الأبد. اليوم يمر عام علي رحيل أغلي الناس، يمرعام علي رحيل أبي الحبيب حمدي محمد إبراهيم، الذي فارقني بجسده فقط وبقيت روحه الطاهرة حية أشعر بها في كل مكان. أبي الحبيب .. كلما وضعت رأسي علي الوسادة تمر أمام عيني مشاهد اليوم الأخيرالذي تركتني فيه بلا أي مقدمات ، مازلت أذكر عندما كنت تتكئ علي ذراعي، وطلبت مني نظارتك، وبمجرد أن ارتديتها رأيت شيئا ما، وهمست في أذني بكلماتك الأخيرة التي حاولت أن أفهمها وعجزت، وبعدها بلحظات فارقت الحياة بوجه يشع نورا وضياءً. أبي الغالي .. أعترف لك أنني لم أعد قوية كما كنت تقول عني، لأن فراقك أوجعني أشد ما يكون الوجع، وأصبح ملازما لي ويأبي أن يرحل عني، فكلما اختليت بنفسي أسمع صوتك يرن في أذني، وأحيانا كثيرا ينسيني الحنين والشوق لرؤياك أنك قد رحلت، فأنظر إلي هاتفي لعلك تتصل بي كما عودتني كل يوم بعد صلاة الظهر لتطمئن علي حالي وتدعو لي أجمل الدعوات.
كم أشتاق إلي هذا الاتصال لنتجاذب الحديث معا.. كما أفتقد البوح لك بهمومي وأوجاعي .. كم أحن لاهتمامك وحنانك وقلقك عليً في كل مرة كنت أسافر في مهمة عمل وكيف كنت أول من يتصل بي ويطمئن بأنني بخير .. كم أنا بحاجة إلي نصائحك الغالية التي طالما عملت بها .. كما يؤلمني انقطاع دعواتك التي كانت تريح قلبي وتشد من أزري. كم شعرت بالوحدة والمرارة بعد رحيلك يا سندي وأخي وصديقي ومعلمي فنون الحياة.
يا أعز الناس ..أدعو الله يوما بعد يوم أن تكون في مكان أفضل، وأن ينير لك قبرك بكل حرف قرأته من أجلك من آيات القرآن الكريم ، وأن يفسح لك قبرك بقدر دعواتي التي لم ولن تتوقف لتنام مرتاحا قرير العين، وأن يرحمك ويغفر لك بقدر استغفاري لك ، وأن يسكنك فسيح جناته وينزلك منازل الأنبياء والصالحين والشهداء لأنك كنت نعم الأب والصديق والسند، وأن ينظر إليك نظرة رضا بقدر طيبة ورقة قلبك ودماثة خلقك وتسامحك مع الجميع. كما أدعو ربي أن يلهمني ويلهم كل من فقد عزيزاً عليه الصبروالسلوان، وأن يجعلني بارة بوالدتي الحبيبة وأن يبارك في عمرها ويمتعها بالصحة والعافية ويحفظها من كل سوء. أسألكم جميعا البر بالوالدين وطاعتهما وتكريمهما بالقول والفعل، والاكثار من الدعاء والإستغفار لمن توفاه الله منهما، كما أسألكم قراءة الفاتحة لأبي الحبيب ولكل أمواتنا. لمزيد من مقالات علا حمدى