جاء الهجوم الإرهابى على عدد من الأكمنة الأمنية فى سيناء صباح أمس ليؤكد ان هناك دعما خارجيا من بعض الدول، وأجهزة استخباراتية دولية ، هدفها اثارة البلبلة وزعزعة الاستقرار فى مصر، واستهداف قوات الجيش فى صراع مسلح من اجل بث حالة من الفوضى داخل الدولة ضمن المخطط لاستهداف الجيوش العربية، وبعد ان وقف الجيش المصرى امام تلك المخططات ونجح فى حماية الامن القومى المصرى والعربى على حد سواء. وأكد العديد من الخبراء ان هناك نقلة نوعية فى التحركات واساليب الهجوم والتسليح بالنسبة للعناصر الارهابية الموجودة على ارض سيناء مؤكدين ان الهدف من الهجوم الذى تم امس على العديد من المناطق فى توقيت واحد هو محاولة فاشلة للسيطرة على مدينة الشيخ زويد ومحاصرتها معتقدين انه بالإمكان اعلانها إمارة اسلامية تابعة لداعش، الا ان القوات المسلحة المصرية استطاعت ان تحاصرهم وتنفذ عمليات نوعية نجحت فى أن تكبد المجموعات الارهابية خسائر جسيمة. وطالب العديد من الخبراء زيادة المنطقة الآمنة على الحدود من كيلو متر حاليا الى خمسة كيلو مترات حتى يتم التعامل مع العناصر الارهابية بشكل اوسع والقضاء على ظاهرة الانفاق التى تستخدم فى تهريب السلاح والارهابيين. وأكد مصدر مسئول ل«الأهرام» أن ما يحدث فى سيناء حاليا معد مسبقاً وجزء من الخطة الأمريكية للتدخل فى شئون الشرق الأوسط كهدف رئيسى مستخدمة الفاشية الاسلامية تحت مظلة الاسلام، كما فسر المصدر سبل أخرى تسهم فى تهديد الأمن القومى المصرى مثل بعض المصريين التابعين لجماعة داعش وجماعة صلاح أبو اسماعيل التى سافرت إلى سوريا وانضمت إلى داعش، وبعضهم مصريون خارجون على القانون ومنهم من يتبع جماعة الإخوان الذين كانوا فى سيناء ثم ذهبوا إلى سوريا والعراق مع القيادات الجديدة، لأن داعش تدعم المصريين للدخول إلى ليبيا ومنها إلى مصر مرة ثانية لكى تنفذ داعش ما يسمى بجماعة «دالم» لتكوين دولة اسلامية فى مصر وليبيا، وذلك يعد تهديداً مباشراً من ليبيا إلى مصر، فضلاً عن فئة ليست بقليلة من الشباب المغرر به أو بعض المرتزقة ممن يتم تدريبهم فى ليبيا لكى يعودوا إلى مصر وهم كارهون لها وبذلك يتشكل الارهاب، ولا ينبغى أن ننسى مثلث الحدود المتشابكة بين مصر وليبيا والسودان خاصة أن ذلك يمثل نوعاً آخر من التهديد للأمن القومى المصرى المفترض أن يأتى من ليبيا، بالإضافة إلى خطورة تهريب الأسلحة من ليبيا عبر الحدود إلى مصر، وكل هذه الأمور والأعمال السابقة نحسبها بدقة لأننا نراقب كل الجهات وخاصة المنطقة الغربية على طول الحدود لأن مصر لديها قدرات عالية لمراقبة الحدود ، والدليل أننا نرى يوميا أفرادا يتم القبض عليهم. وأكد المصدر أن سيناء أصبحت بعد قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكليف الفريق أسامة عسكر بقيادة القيادة الموحدة لشرق القناة منطقة عسكرية لتبدأ مرحلة جديدة فى حرب مصر ضد الإرهاب فى سيناء، مشيرًا إلى أن من يخالف التعليمات داخل سيناء سيعامل معاملة العدو، لأن القيادة العسكرية تعنى أن دخول وخروج أى شخص إلى أو من سيناء سيخضع لضوابط صارمة، حيث سيتم الكشف عن كل شيء وحينها يمكن تعقب الإرهابيين بسهولة، مشيرًا إلى أن المواطن السيناوى لن يجد صعوبة مع الوضع الجديد. وأشار المصدر قائلاً: تشكيل قيادة موحدة للجيشين الثانى والثالث الميدانى يعنى أن كل القوات الموجودة شرق القناة من رجال الجيش والشرطة صارت تحت قيادته، وذلك وفق خطة موحدة لمواجهة الإرهاب على أن تتبع وزير الدفاع الفريق صدقى صبحى مباشرة، وبالتنسيق مع رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي، فلماذا لم نستفد من هذا القرار وتطبيقه بكل حزم، وأضاف المصدر أن الحل فى سيناء حاليا يكمن بتغيير خطة التمركز للقوات، حيث تمنع الكمائن الثابتة وتستبدل بكمائن متحركة يصعب رصدها، بالإضافة للاهتمام بالقبائل المصرية فى شمال سيناء، بالإضافة إلى تكاتف الجيش والشرطة والشعب فى مواجهة الإرهاب والإرهابيين ، ولن يترك الإرهاب إلا بالقضاء عليه تماما. ومن هنا يجب على القضاء أن يسرع فى الفصل فى قضايا الإرهاب، بجانب ضرورة اتخاذ مواقف من الدول الداعية للإرهاب وأجهزة المخابرات الخارجية، التى تمد الإرهابيين بالسلاح. وأشار إلى ضرورة العمل على توافر الجانب المعلوماتى لدى القوات المسلحة بخصوص عناصر الجماعات الإرهابية، مؤكدًا أن توافر المعلومات، بالإضافة إلى قوة الجيش العددية والتنظيمية ستكون فى صالح الجيش المصرى أمام الإرهاب. اللواء محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق أكد أن الحرب على الإرهاب لن تحسم فى جولة واحدة وإنما هى سجال بين الجيش والأجهزة الأمنية من جانب وإرهاب دولى يتم تمويله جيدا من جانب آخر، وتوقع الغبارى أن يمتد أمد الحرب على الارهاب أكثر مما يتوقع المحللون، وذلك لعدة اعتبارات أهمها حالة التشابك بين أعداء الوطن فى الخارج والداخل. وقال الغبارى ان تنفيذ العمليات الارهابية الأخيرة سواء استهداف النائب العام أو الانفجارات التى استهدفت عددا من المناطق بالقاهرة والجيزة أمس الأول، أخيرا استهداف الأكمنة الأمنية بسيناء أمس يتم بمواعيد محسوبة، حيث ان أنظار العالم متجهة الآن الى مصر حيث لا يتبقى على افتتاح قناة السويس الجديدة هدية مصر الى العالم سوى شهر واحد فقط، والهدف من تنفيذ هذه العمليات فى هذا الوقت هو زعزعة ثقة العالم فى مصر الدولة والأمن والاقتصاد وأن مصر بلد غير مستقر، وكذلك توجيه عدد من الرسائل لعل أهمها هو أن الإرهاب فى مصر لا يزال قويا ويستطيع الوصول الى أهدافه فى أى مكان وأى وقت، وأن الإرهابيين لا يتحركون بعشوائية وإنما من خلال قيادة وخطة. وأكد الغبارى أن الأسلحة التى يتم استخدامها فى تنفيذ هذه العمليات هى الأسلحة التى تم إدخالها الى سيناء فى فترة حكم الجماعة الإرهابية والتى تم تخزينها فى سيناء من أجل تنفيذ مخططهم فى فصل سيناء وتحويلها إلى إمارة إسلامية، وأشار إلى أن اسرائيل والولايات المتحدة تدعم التنظيمات الإرهابية الموجودة فى سيناء وتمدها بالأسلحة من خلال دعم مخابراتى غير مباشر. وقال الغبارى: إن أعضاء الجماعات الارهابية وسط سكان سيناء تحت تهديد السلاح، وإن بعض القبائل لاتزال تقع تحت ضغط إرهابهم، وهناك قبائل دفعت الثمن من دماء أبنائها بسبب الإبلاغ عن الارهابيين، وأكد أن هناك منطقتين بسيناء لاتزالان تحت سيطرة الجماعات الارهابية وهى المنطقة المحيطة بمطار الجورة، وداخل منطقة قرية المهدية. وأكد أن مواجهة تلك الجماعات تحتاج الى السيطرة الكاملة على المناطق السكانية وفحصها وتنظيفها، مشيرا الى أن هناك جهدا كبيرا يقوم به الجيش فى هذا السبيل، وأيضا لن يتم ردع هؤلاء الارهابيين إلا بالقضاء الناجز وتنفيذ أحكام الاعدام الصادرة فى حق الارهابيين الصادر فى حقهم أحكام بالإعدام، وطالب بتحويل جميع قضايا الارهاب المنظورة أمام القضاء المدنى إلى القضاء العسكرى لضمان سرعة الانتهاء من تنفيذ تلك الأحكام، مشيرا إلى أن بين المئات من جرائم الإرهاب التى صدر فى حق مرتكبيها أحكام بالاعدام لم تنفذ الأحكام إلا فى قضيتين فقط منهما قضية كانت أمام القضاء العسكرى وهى قضية الاعتداء على كمين مسطرد، وقال الغبارى أنه لن تتوقف تلك العمليات الاجرامية فى حق الوطن مادامت يد القضاء مغلولة بالقوانين. من جانبهم أكد محللون عسكريون أنه يجب على الجيش عمل حصر وإخلاء مؤقت للمناطق الحدودية بشمال سيناء وبعمق 15 كيلومترا يتم إخلاء سكانها بالكامل وتوفير أماكن بديلة لهم لمدة محددة يتم فيها القضاء نهائيا على هؤلاء الإرهابيون، وقالوا أن الأسلحة المستخدمة فى هذه العمليات ليست من تسليح الجيش المصرى وأنه من غير المستبعد أن تكون هناك أنفاق لاتزال تعمل فى تهريب الأسلحة من قطاع غزة. ومن جهته أكد اللواء عبد المنعم سعيد رئيس غرفة عمليات القوات المسلحة الأسبق: أن الحروب التنظيمية تختلف تماما عن الحروب ضد الارهاب، لأن الحروب النظامية معروفة مسبقا ونعلم من هو العدو وماهى قدراته وتسليحه وارتكازاته. أما الحروب ضد الإرهاب فهم مجموعة من الجبناء الخارجين على القانون وتسليحهم يأتى عن طريق تنظيمات متطرفة وبعض الأجهزة بالخارج ولذلك دائما يتم مد هؤلاء الإرهابيين بأحدث أنواع الأسلحة من رشاشات ومدافع وأسلحة مضادة للطائرات ومفرقعات لتنفيذ ما تمليه عليهم الأجهزة الخارجية. وأوضح اللواء عبد المنعم سعيد أن هناك مشكلة تواجه مصر وهى أن حدودها شاسعة مع دول الجوار، فمثلاً مصر تمتلك ما يقرب من نحو 4 آلاف كليو متر والمسئول عن تأمنيها قوات حرس الحدود مما يؤدى إلى تسلل عناصر ارهابية وتهريب مختلف الأسلحة ودخولها إلى مصر عن طريق الحدود ومن جهة أخرى نجد أن أمن ليبيا يعد جزءاً من الأمن القومى المشترك، على أساس أن ليبيا تمثل نحو 1.6 مليون كيلو مترا مربع تشكل حدودنا منه نحو 1200 كيلو متر أراضى صحراوية تقريباً، والحدود بين البلدين شبه مفتوحة، كما تشكل ليبيا عمقاً استراتيجياً لمصر واختتم حديثه قائلاً: مصر تخوض حربًا مع الإرهاب، ولن تسمح القوات المسلحة للجماعات الإرهابية بالفوز فى هذه الحرب، وأضاف نحن على يقين بأن القوات المسلحة قادرة على مواجهة الإرهاب وقادرة على التعامل مع الجماعات الإرهابية، مشيرًا إلى أن العمليات الإرهابية، التى وقعت فى سيناء أمس أتت بعد النجاحات التى حققها الجيش فى الفترة الماضية حول الوضع الأمنى فى سيناء مؤكدًا ضرورة توخى الحذر فى الحرب مع الإرهاب والانتباه لهم جيدًا.