زليخة امرأة العزيز وقصتها مع سيدنا يوسف، ربما تكون رمزا لكل امرأة تكيد وتحاول أن تصل إلى ما تريده بأى وسيلة.. وتجند لذلك كل من حولها.. وتجمع كل حيلها لتقنع الجميع بأنها على حق ومجنى عليها بينما هى الظالمة والجانية.. وقد وصفها الله سبحانه وتعالى فى القرآن فقال: «إن كيدكن عظيم».. فى البداية أردت أن أبحث عن ماهية هذا الاسم «زليخة»، ووجدت أنه من الزلخ.. رفع اليد فى اثناء رمى السهم إلى أقصى ما يمكن.. وزلخ رأسه أى شجه، وزلخت قدمه: «أى زلقت».. وسألنى صديق ما الغرض من ذكر قصة زليخة وسيدنا يوسف.. ولكنى بحثت واستقر بى المقام والاقتناع بان سورة يوسف نزلت بين عام الحزن بموت أبى طالب وخديجة سندى رسول الله وبين بيعتى العقبة الأولى والثانية.. ففى الوقت الذى كان الرسول يعانى من الوحشة والانقطاع فى جاهلية قريش قضى الله على نبيه الكريم قصة أخ كريم ونبى هو يوسف بن يعقوب وهو يعانى صنوفا من المحن والابتلاءات.. وقد حرصت الآيات القرآنية على ابراز جميع الابتلاءات التى تعرض لها يوسف للتخفيف على النبى من محن عام الحزن.. فيوسف تعرض لمحنة كيد الأخوة، ومحنة رميه فى الجب والخوف والترويع، ومحنة الرق وهو ينتقل كالسلعة من يد إلى يد على غير ارادة ومحنه كيد امرأة العزيز «زليخة» وهنا نتوقف مع هذه المحنة التى جاء ذكرها فى سورة يوسف بالتفاصيل.. وامرأة العزيز التى هو قائم على خزائن الأرض وله من السلطة والسطوة شغلته عن امرأته التى رأت فى يوسف الشاب الذى ذكرت الروايات أن حسنه كان يظهر على الجدران كلما مر بها.. فكانت تقول زليخة: لمن حولها كلما مر هذا الشاب أرأيتن حسنه حتى شفقت حبابه.. ولأنه نبت نبى فقد عصم من الزلل والأخطاء.. فقد دعته زليخة أكثر من مرة لتتحاور معه.. ولكنه كان يؤجل إلى أن دخلت عليه وأغلقت الباب وراودته وهنا لنا وقفة بسيطة عن كلمة المراودة.. هل هى لفعل المحرمات أم المراودة كانت للعتاب للاهمال وعدم الاستجابة ومجراتها فى «الملاغية كما تقول».. المهم الله أعلم بما دار من حديث حتى تركها وهم ينصرف غاضبا حتى قدت قميصه من خلاف كما ذكرت آيات القرآن، ومع ارتفاع الأصوات وابلاغ الخادمة سيدها العزيز فجاء إلى الباب وفتحت امرأته «زليخة» وادعت أنه حاول الهجوم عليها.. حتى انطق الله نفر من أهلها جاء مع من جاء مع العزيز.. فقال: إذا كان القميص قد من دبر فصدق وكانت من الكاذبين وإذا كان العكس فصدقت وكان من الكاذبين.. ولما رأوا القميص قد مزق من خلاف .. فقال: حصص الحق.. وصممت امرأة العزيز على زيادة ابتلاء يوسف وهددته ان لم يبادلها الحب فستلقى به فى السجن.. ولما استعصم دخل السجن ليكون البلاء وامتحان الصبر.. فدعا يوسف ربه.. يا إلهى يا مجيب الدعوات اصرف عنى كيدهن.. يا إلهى إن السجن أحب إليه مما يدعوننى إليه ومع اخلاص سيدنا يوسف فى الدعاء استجاب الله له وثبته وصرف عنه كيد النسوة.. والملاحظ أن القرآن ذكر لفظ كيدهن بصيغة الجمع.. لأن الأمر تعدى زليخة إلى كل النساء اللاتى كن يلمن زليخة فى يوسف وطلبن منه هن الاخريات أن يصبوا إليهن.. المهم مازال يوسف فى السجن وزليخة لا تريد براءته.. وتمر السنوات ويموت زوجها العزيز وينتهى الأمر.. وأراد الملك اخراج يوسف من السجن خاصة بعد أن فسر للملك حاكم مصر وقتها حلما فى شأن السبع بقرات كما جاء فى السورة.. سأل الملك النسوة وزليخة عن حقيقة القصة.. فقالت زليخة الآن حان وقت الحق لقد راودته عن نفسه.. وهو فعلا كان صادقا وبريئا.. ومرت محنة كيد النساء لنبى الله يوسف لتكون عبرة على مدار ما بقيت السماوات والأرض.. إن الله لا يفلح كيد الظالمين. وفى النهاية ذكرت بعض التفاسير .. أن سيدنا يوسف تزوج من زليخة بعد أن حكم مصر.. وعاشت فى بيت نبى من أنبياء الله فى كونه.. وهذا هو الغرض من ذكر قصة زليخة مع سيدنا يوسف.. ولتكون أمام أعين النساء ليتقين الله.