في صمت لا يليق بمشواره وتاريخه رحل محسن محمد أحد رموز الجيل الذهبي في بلاط صاحبة الجلالة.. وفي تقديري انه ظلم نفسه أولا فكان من السهل ان يقع تحت ظلم الآخرين.. كان من الخطأ أن يختار محسن محمد الصحافة عملا ومهنة وقد ضيع الكثيرمن سنوات عمره بين سطورها ومطابعها ومعاركها..كان قارئا من طراز فريد عاش بين الكتب والمراجع والدوريات وسافر كثيرا في عقول الآخرين واستطاع ان يقدم مجموعة من الكتب التاريخية المميزة ولكن الصحافة ظلمته فلم يحقق فيها البريق الذي يتناسب مع قراءاته ومحاولاته للبحث كان من أكثر رفاق جيله ثقافة وبحثا عن المعرفه ولكنه كان اقلهم حظا في البريق والأضواء.. وكما ظلمته الصحافة ظلمه اسمه وما أكثر الكتاب الذين ظلمتهم أسماؤهم..في معظم الأحداث التي عاشها محسن محمد كان دائما نصف مشارك..أو مشاركا من بعيد لم يحاول ان يتصدر المشهد في أي فترة في حياته..كان الرجل الثاني في أخبار اليوم رغم أنه كان يستحق دور البطولة في أحيان كثيرة.. ولم يحب السياسة وفضل أن يكون علي الهامش حتي وهو أقرب مايكون إلي رموزها..كان معارضا في الخفاء.. وإن بدا مقتنعا..ومشاكسا من بعيد وإن دفع الثمن.. وكان يخشي دائما من غدر السياسة ولهذا تعامل معها بحذر شديد وخفة ظل جعل منها قناعا وفي آخر المشوار قرر ان يبتعد تماما عن السياسة واختار ان يكتب في موضوعات سهلة وبسيطة وإنسانية في معظم الأحيان.. لقد فرضت عليه السياسة شروط لعبتها فخاض معارك كثيرة مع تيارات فكرية علي غير قناعة منه كان من الممكن لو جنح محسن محمد قليلا في مشوار حياته ان يكون باحثا من طراز فريد وان يكون اديبا له مذاق خاص ولكنه أحب الصحافة رغم انها لم تخلص له كثيرا وخانته مع أقلام أقل منه قيمة وثقافة إلا أنه يتحمل جزء كبيرا من المسئولية فقد كان سريع الانسحاب في معارك كثيرة رغم انه كان مقاتلا شرسا.. في هدوء عاش.. وفي صمت رحل ولكن أحبابه كثيرون وأنا واحد منهم. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة