أعتقد أن مصطلح "المناظرة" لم يعد خافيا على أحد الآن، والحمد لله أننا بعد الثورة أصبح لدينا من الوعي السياسي والإدراك ما يجعلنا على دراية ببعض الأمور السياسية. ومن هذا المنبر سأشارككم تجربة كنت قد قمت بها عام 2008 حينما ذهبت لتغطية الانتخابات الأمريكية وحضور المناظرة الرئاسية الأولى بين باراك أوباما وجون ماكين. لا أخفيكم سرا أنني عندما كنت أتجول في الحدائق والمتنزهات التي كان يتم الترويج فيها لأنصار كل مرشح، شعرت بغيرة على بلدي ومجتمعي الذي أنتمي إليه وتمنيت أن أغمض عيني وأفتحها وأجد في بلدي بصيص من الأمل في مشاهدة مثل هذا الحدث الجلل، وقلت لنفسي هل سيأتي علينا يوم ننعم فيه كمصريين بهذه الديمقراطية التي أراها وأشعرها من المواطن الأمريكي! وتساءلت وأنا أتمشى هنا وهناك أتابع فرحة الناس بالمرشح الذي يؤيدونه، هل سنعيش لحظة كهذه ونحن نعلم البير وغطاه أم هذه لحظة صعبة المنال؟ والرد الآن "نعم" بل ويمكن كل شيء، فبعد الثورة لم يعد هناك مستحيل وربما ستأتي الريح بما تشتهي السفن وليس العكس. نعود لفكرة المناظرات كما شاهدتها، المناظرة التي حضرتها كانت بين أوباما وماكين وإستغرقت قرابة الساعة وتمت على جلستين بينهما فترة راحة لجمهور الحاضرين بالإضافة إلينا نحن الإعلاميين. ولتوضيح بعض المعلومات، يتم الإعداد للمناظرة الأولى بعد حوالي عام من التقدم للترشح لانتخابات الرئاسة وذلك بعد أن يكون كل مرشح قد أوضح برنامجه للجمهور، ولكل مرشح بالطبع في جميع الفئات العمرية بدءا من طلبة الجامعة إلى جميع الموظفين في كل القطاعات مجموعة تجيب عن تساؤلات واستفسارات الجمهور عن أي نقطة غير واضحة في برنامج المرشح للانتخاب. وعادة المناظرات تقام في أماكن مثل مخيمات الجامعات أو في المسارح الكبيرة بالولايات، وتلك التي حضرتها كانت في مخيم أحد الجامعات وتدعى " بمدينة أوكسفورد بالميسيسيبي جنوب أمريكا. Ole Miss" وخلاصة ما كتبت بشأن هذه التجربة، أنني أتمنى أن نرى في مصرنا الحبيبة انعقاد مثل هذه المناظرات، فلابد لنا كناخبين أن نستمع لكبار المتنافسين على مقعد الرئاسة حتى نستطيع التفرقة بين الصادق وبياع الكلام، ومن أجل ذلك، سأتلو عليكم بعض المقترحات للقيام بذلك، فعلى سبيل المثال يمكن أن تعقد مناظرات في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر أو قاعة المؤتمرات بجامعة الأزهر، أو بأحد مسارح دار الأوبرا، وأقترح أن تعقد في غضون الشهر الذي يسبق انتخاب الرئيس، وبحضور إعلاميين وشخصيات كثيرة ممثلة في جميع أطياف المجتمع وتنقل على الهواء مباشرة عبر فضائيتنا المحلية. أقترح أيضا أن يدير هذه المناظرات شخصيات عامة أو إعلامية ممن لا يحملون أجندات مسبقة، فقد شبعنا من هؤلاء الوجوه ذات الماسكات المتغيرة، نريد شخصيات تراعي الضمير وتبتغي وجه الله في هذا البلد ولهذا الشعب الطيب وتعد أسئلة قوية لكل مرشح بحيث تكشفه أمام الجمهور ليستطيع الناخب تكوين رأيه و نعرف كيف نختار الأصلح كرئيس. ربما لن يحالفنا الحظ هذه المرة في عقد عدة مناظرات نظرا لضيق وقت العملية الانتخابية للرئيس، لكن على الأقل ستكون البداية إذا قمنا بتقديم كل مرشح بالشكل الصحيح وليس فقط قراءة أوراق مطبوعة موزعة في صورة منشورات.. والله يولي علينا من يصلح!!! [email protected] المزيد من مقالات ريهام مازن