كيف نختار رئيس جمهورية مصرنا الحبيبة.. سؤال تبادر إلى ذهني وذهن كل أقراني عندما كنا نتحدث عن بعض التجاوزات والتصرفات غير المسئولة التي صدرت من قبل البعض أثناء الاستفتاء على التعديلات الدستورية منذ شهرين.. فكان هناك من يحث الناس على الاستفتاء بنعم أو بلا.. وعلى سبيل المثال قال لي أحد الأقارب أنه كان هناك بعض الأئمة في المساجد الذين كانوا يحثون الناس على اختيار العلامة الخضراء أو الحمراء.. وكان أجدر بهؤلاء المستنيرين أن يقوموا بتنوير الناس بدلا من إملاء التصرف عليهم.. فالفارق كبير بين أن تعلم الناس وأن تملي عليهم. والسؤال هنا: هل سيتم إختيار الرئيس بنفس الطريقة التي تم بها الاستفتاء على التعديلات الدستورية؟ بمعنى آخر، هل كلنا سنسير مثل القطيع وراء بعضنا البعض، نتبنى أفكار بعضنا دون منهج أو فكر واضح أمامنا؟ في إعتقادي البسيط والمتواضع، هذا لا ينبغي أن تكون عليه صورة اختيار الرئيس القادم لجمهوريتنا.. جمهورية مصر العربية! ذهبت أطرح هذه القضية ليس فقط علي أصدقائي في الفيسبوك وتويتر، وأصدقاء أصدقائهم، بل جعلت الطرح على كافة الأطياف، جعلت من السؤال قضية عامة لكل متصفحي الفيسبوك.. وكل من سيدخل على صفحتي يمكنه التفاعل والمشاركة بالإجابة على سؤالي (كيف نختار رئيس الجمهورية.. حتى نكون مستعدين من الآن.. تفتكروا إزاي ومن؟) الإجابات معظمها جاءت مؤيدة لفكرة ألا نسير كالقطيع دون أن نفكر مليا فيمن نختار! وطرحت مجموعة من المشاركين، ضرورة أن نعرف بل وندرس كل شيء عن كل مرشح، وما إذا كان صاحب أطماع شخصية، أم فعلا يبتغي وجه الله لصالح هذا البلد الأمين.. ومجموعة أخرى طالبت، بأن يتقدم كل مرشح ببرنامج يقوم بتوزيعة في أرجاء الجمهورية، حتى يعرف الناس بذاته ومن هو، ومن ثم القرار للناس من قبل ومن بعد! قرائي الأعزاء، أنوي مشاركتكم تجربتي الشخصية من خلال هذا المقال، عندما دعيت من قبل وزارة الخارجية الأمريكية لتغطية الانتخابات الأمريكية في سبتمبر عام 2008، وحضور المناظرة الرئاسية الأولى بين المرشح الجمهوري جون ماكين، والمرشح الديمقراطي باراك أوباما، وكانت الرحلة من أجل التعريف بعملية الانتخابات الأمريكية. وقبل حضور المناظرة الأولى، تم إعدادنا وتهيئتنا بشكل كبير من قبل خبراء و ( Think Tanks) مفكرين في أمريكا وذلك عن طريق برنامج لزيارة بعض الولايات، أبرزها واشنطن.. للتعرف على طريقة الانتخابات وكيف تجري وكيف يختار المواطن الأمريكي مرشحه.. تجربة الانتخاب في أمريكا تأخذ قرابة العام حتى تختمر ويتم انتخاب الرئيس، وتكون شغل المواطن الشاغل (إلى جانب عمله طبعا) حتى تنتهي العملية بأكملها. فالأمريكيون قوم تربوا على الديمقراطية، والمواطن الأمريكي يأخذ وقتا كافيا لاختيار الرئيس، وممكن جدا أن يكون مقتنعا بمرشح، ويبدله تبعا لمصلحته الشخصية في أخر لحظة، إذا اكتشف أنه لن يصلح، فمصلحة المواطن الأمريكي فوق كل شيء. هل تعرفوا كيف نجح أوباما؟ أوباما نجح بثقة الأمريكيين، لأنه تقدم ببرنامج مختلف عمن سبقوه، يقوم أساسا على أيديولوجية التغيير، والمواطن الأمريكي مؤمن جدا بمبدأ التغيير.. على عكس الأوضاع في مصر قبل ثورة 25 يناير، فالمصريون يميلون بطبيعة الحال إلى بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. وكثيرا ما يقدموا "رجل" ويؤخروا الأخرى عندما يقومون بالتغيير.. أوباما جاء ببرنامج تغييري قائم على مصلحة المواطن الأمريكي، وبهذا اكتسب أوباما هذه الشعبية الكاسحة وقتها، وعرف كيف يصل إلى الشباب أولا.. وهو ما نأمل أن نراه في قادة مصر القادمين! لا أخفيكم سرا أنني انبهرت جدا بتجربتهم في الانتخاب، وفكرت أثناء رحلتي في بلدي الحبيبة مصر، وقلت وقتها لنفسي: هل سيأتي علينا يوما مثل هذا! وهل ستعيش بلادي تجربة مثل هذه! وهل سيحيى المواطن المصري مرفوع الرأس، له قرار في بلده! الآن وبعد أن اختلفت الدنيا كلها بعد ثورة 25 يناير، نسأل أنفسنا كيف نختار رئيس مصر، وأعتقد أن كل مرشح عليه أن يقوم بعرض برنامج له، برنامج يصل به إلى البسيط القروي قبل المتعلم المثقف، برنامج يستطيع فهمه كل فرد في المجتمع، برنامج يقيمه الخبراء والقائمين على صناعة القرار في مصر، برنامج يتم عرضه من خلال لقاءات جماهيرية، ومناظرات على الهواء مباشرة مع المرشح عبر شاشات التلفاز، بعدها نستطيع أن نختار بوعي ولا نسير كالقطيع، (في ذيل بعض) ونبطل نسأل بعضنا البعض (حتختار مين؟).. فالقرار قرارك يا مصري في الأول وفي الآخر، لمصلحتك ومصلحة بلدنا كلها!!! [email protected] المزيد من مقالات ريهام مازن