خاص |دعوة مصرية في مؤتمر جنيف لاعتماد حماية من المخاطر البيولوجية في بيئة العمل    محافظ القاهرة يفتتح «بازرا القاهرة» الخامس    قفزة نوعية بإطلاق خدمات الجيل الخامس للاتصالات 5G في مصر    مسئول أمريكي: البيت الأبيض «قريب من خط النهاية» في عدة اتفاقات تجارية    مقتل إسرائيليين إثر انفجار سيارة فى منطقة جلجولية المحتلة    أولمو: الأضواء لن تعيق مسيرة يامال.. وهذا مفتاح نجاح إسبانيا    لتعويض كاريراس؟ تقرير: بنفيكا توصل لاتفاق لضم دال    ذات الأذنين تظهر في رولان جاروس    التصدي لمخالفات البناء وتنفيذ الإزالة في المهد ورفع الطوارئ بالمستشفيات    عدم تطوير وإهمال جسيم وحفرة كبيرة ...معاينة النيابة الإدارية لموقع ثقافة الأقصر    الأكشن والإثارة يسيطران على برومو فيلم في عز الضهر ل مينا مسعود    إيرادات الأحد.. "المشروع X" يتفوق على "ريستارت" و"سيكو سيكو" الثالث    الإفتاء توضح أفضل وقت لذبح الأضحية    علاج القولون بالأطعمة والمشروبات، نظام غذائي لتهدئة الأمعاء    لن ندخل الحزام الزلزالي.. البحوث الفلكية توضح مدى تأثير العواصف الشمسية    الجوزاء.. تعرف على صفات برج الفرعون المصري محمد صلاح    القاهرة الإخبارية: ليالٍ دامية في غزة.. الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بحق المدنيين    مدير تلال الفسطاط يستعرض ملامح مشروع الحدائق: يتواءم مع طبيعة القاهرة التاريخية    رومانو: الفحوصات الطبية تفصل انضمام لويس هنريكي ل إنتر    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لطلاب الثانوية العامة وتيسير الأمور.. ردده الآن    عدلي القيعي يكشف مفاجأة بشأن رحيل معلول عن الأهلي    إيساف: «أبويا علّمني الرجولة والكرامة لو ماعييش جنيه»    أرامكو السعودية تنهي إصدار سندات دولية ب 5 مليارات دولار    الإصلاح والنهضة: 30 يونيو أسقط مشروع الإخوان لتفكيك الدولة ورسّخ الوعي الوطني في مواجهة قوى الظلام    خالد الجندي: الحج المرفّه والاستمتاع بنعم الله ليس فيه عيب أو خطأ    "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على قرارات ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم    ضربات الشمس في الحج.. الأسباب والأعراض والإسعاف السريع    تعرف على محطات الأتوبيس الترددي وأسعار التذاكر وطريقة الحجز    مياه الفيوم تطلق حملات توعية للجزارين والمواطنين بمناسبة عيد الأضحى المبارك    شرح توضيحي للتسجيل والتقديم في رياض الأطفال عبر تعليم القاهرة للعام الدراسي الجديد.. فيديو    رئيس جهاز العاشر من رمضان يتدخل لنقل سائق مصاب في حريق بمحطة وقود إلى مستشفي أهل مصر للحروق    واشنطن بوست: فوز ناوروكي برئاسة بولندا تعزز مكاسب اليمين في أوروبا    رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو لوكسمبورج للاعتراف بدولة فلسطين قبيل مؤتمر السلام في نيويورك    في رحاب الحرم.. أركان ومناسك الحج من الإحرام إلى الوداع    موعد أذان مغرب الاثنين 6 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب الواردة في عشر ذي الحجة    أهم أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد يهنئ نافروتسكي بفوزه بالانتخابات الرئاسية البولندية    ديلي ميل: إلغاء مقابلة بين لينيكر ومحمد صلاح خوفا من الحديث عن غزة    بريطانيا: الوضع في غزة يزداد سوءًا.. ونعمل على ضمان وصول المساعدات    «أجد نفسي مضطرًا لاتخاذ قرار نهائى لا رجعة فيه».. نص استقالة محمد مصيلحى من رئاسة الاتحاد السكندري    رئيس جامعة بنها: تبادل التهاني في المناسبات الدينية يؤكد التماسك    عبد الرازق يهنىء القيادة السياسية والشعب المصري بعيد الأضحى    «صحة الاسكندرية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    محافظ الإسكندرية: العاصفة أظهرت نقاط القوة والجاهزية لدى فرق العمل    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    «التضامن»: انطلاق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة لتعزيز دور رجال الدين في بناء الأسرة المصرية    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة المصرية تستثمر كنوزها الجنوبية
«الأهرام» تعيش 4 أيام فى أرض الطبيعة الخاصة شلاتين .. كنز المستقبل بعراقة الماضى
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 06 - 2015

حلايب وشلاتين وأبو رماد منطقة عزيزة من أرض مصر فى أقصى الجنوب الشرقى على الحدود مع السودان الشقيق ، ويسكنها مزيج من البدو والصعايدة والسواحلية والبحراوية والقاهريين ،
يعيشون على أرضها متحابين ككل المصريين ، وفى خلال زيارة الأهرام لهذه المنطقة سجلنا مشاهداتنا ، ونقلنا الصورة على أرض الواقع ، كما التقت تحقيقات الأهرام مع المسئولين الذين أكدوا أن قطار التنمية يتجه الى هذه المنطقة وتم تخصيص نحو مليار جنيه لتنفيذ خطة طموحة لمشروعات البنية الأساسية بتلك المناطق لأول مرة بتعليمات من الرئيس عبد الفتاح السيسى الحريص على استكمال هذه الخطة وعدم توقف العمل بأى مشروع منها ، فمثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد كنزا من كنوز مصر الذى يمكن بل يجب استثماره لمصلحة أبنائه ولتنمية هذه الأرض الغالية على قلوبنا ، وهو ما بدأ بالفعل.
المدن كالبشر، تحزن وتفرح، تتأخر وتتطور، لكل منها رائحة ومذاق يختلف باختلاف طبيعتها التاريخية والجغرافية وكذلك البشرية.
و«شلاتين« مدينة تقع فى أقصى جنوب مصر على مسافة نحو 1200 كم من العاصمة (القاهرة)، حملت على عاتقها الكثير من الآمال والأحلام والطموحات وأيضا الأوجاع والآلام والمنعطفات.
ويكاد ما تحملته من ضغوط يعصف بها، وبخاصة بعد ثورة 25 يناير، عقب ظهور تسجيل صوتى يعود إلى مايو من عام 2013م منسوب لوزير البيئة السودانى حسين عبد القادر يشير خلاله الى أن رئيس الجمهورية محمد مرسى (آنذاك) على استعداد لإعادة المنطقة إلى الحيز السوداني(!)
كانت تلك الواقعة كفيلة بجعل »شلاتين« وتوابعها تحتل مساحات متفاوتة فى كبريات الصحف المحلية والدولية، وأيضا كانت من ضمن أسباب خروج الملايين من الشعب المصرى بعد نحو شهرين من ظهور التسجيل الصوتى بموجة ثورية فى 30 من يونيو، مطالبة بإنهاء ولاية مرسي، والتى على أثرها تم عزله من حكم البلاد.
كعادتها كانت القوات المسلحة المصرية تقف على حدودنا الجنوبية ببسالة ويقظة، تحتضن تلك المدينة وأهلها فى وقت يمكن وصفه بالعصيب جدا، تشد من عزمهم، وترد معهم بقلب رجل واحد على كل من يشكك فى مصريتها الخالصة.
أحاسيس متنوعة جاشت فى صدرى حين شددت الرحال إلى «شلاتين»، قد تكون مثلى وزميلى المصور محمد عبده، تعتقد أنك فى الطريق إلى البادية بشكلها وملامح شخوصها التى جسدها فى الستينيات من القرن الماضى الفنان القدير »فريد شوقي« فى فيلم »عنترة بن شداد«، إلا أن الأيام الأربعة التى قضيناها جعلتنا نكتشف أنها مدينة ذات طبيعة خاصة، تحمل عبق التاريخ كما يصفها أهلها..
عندما تطأ أقدامك أرض شلاتين لن تملك إلا أن تعشقها، فالهدوء ونقاء الجو والطبيعة الخلابة سمة المكان، أهلها ودودون مسالمون، لا يتدخل أحدهم فى شئون غيره إلا لو طُلب منه.
الطيبة هى السمة الغالبة على معظم سكانها، والذين يمكن تصنيفهم نسبيا إلى خمس فئات، الأولى يطلقون عليهم مسمى »العرب« وهم يمثلون الأغلبية ويعدون من سكان المنطقة الصحراوية الأصليين وينتمون لقبائل مختلفة يأتى أبرزها »البشارية« و«العبابدة« و«الرشايدة«، والفئة الثانية من أبناء النوبة وأسوان وهم الأقرب للأولى، وبعدهم نجد الفئة الثالثة من أبناء الصعيد ويطلق عليهم مسمى «الريفيين» وأكثريتهم من محافظة قنا، بينما الفئة الرابعة من أبناء الدلتا وينتمى أغلبهم لمحافظات الدقهلية والشرقية والقليوبية والجيزة ويطلق عليهم مسمى «المصريين»، أما الخامسة فهم فئة السواحلية ويسمونهم بحرفتهم «الصيادين» وكثير منهم من محافظة السويس.
رغم أن معظم أهالى شلاتين يفضلون ارتداء الجلباب إلا أنه من الممكن تمييز أصولهم ومعرفتها من خلال نمط جلابيبهم، فالمنتمى لقبيلة البشارية يفضل ارتداء الجلباب الواسع (يقترب شكله من الجلباب السوداني) يعلوه صديرى أسود وأسفله بنطال فضفاض من منطقة الفخذ ويضيق وصولا للقدم (يشبه سروال البمبوطية البورسعيدي)، ويتم ربطه أحيانا بعراقه سوداء من منطقة الوسط بدءا من اليمين إلى اليسار، فى حين يحبذ أبناء «العبابدة» ارتداء الجلباب العربي، وعلى رأسهم يضعون العمامة البيضاء، بينما يفضل أهالى »الرشايدة« ارتداء الجلباب الأبيض المجسم (الأقرب للخليجي) وعلى رءوسهم غترة (وهى قطعة قماش قطنية) لونها أبيض ممزوجابالأحمر على هيئة خطوط متعارضة ويتميزون عن بقية القبائل بلون بشرتهم الفاتح، فى حين يحتفظ من ينتمون للصعيد بزيهم المتعارف عليه، ويختلف الوضع مع أبناء الدلتا حيث يرتدون أشكالا متنوعة من الجلباب إلا أن بشرتهم البيضاء والخمرية تميزهم عن الباقين، وعلى العكس يحتفظ أبناء السواحل فى الأغلب بارتداء القميص والبنطال.
يرجع الأهالى توقيت بدء عملية التنمية الحقيقية فى »شلاتين« وتوابعها إلى التسعينيات من القرن الماضى من خلال رجال القوات المسلحة إلى جانب المتخصصين من المدنيين، عبر دخول الجبال المحيطة بالمنطقة من الداخل، ولقاء شيوخ القبائل والأهالى الرحل (المتجولين) فى الصحراء الشرقية وفقا لطبيعة نزول الأمطار لاعتمادهم على الرعى دون التزام (وقتها) بالحدود المصرية السودانية، وذلك بغرض حثهم على الاستقرار فى المدينة، مع تعهدهم بتوفير الخدمات المعيشية المناسبة قدر المتاح.
وأسفرت تلك المبادرات عن استجابة الكثير من أهالى قبيلتى »العبابدة« و«البشارية« وبشكل أقل قبيلة »الرشايدة« وغيرهما من القبائل، وبدأوا فى النزوح إلى المدينة للاستقرار.
وهو الأمر الذى تسبب بمرور الوقت فى تحويل مدينة شلاتين وتوابعها إلى ميناء تجارى استقطب الكثيرين من الباحثين عن العمل والاستثمار من أبناء الوجهين القبلى والبحرى وكذلك أبناء دولة السودان، فضلا عن عامل الجذب للسائحين الأوروبيين لطبيعة وشكل المدينة المختلف شكلا ومضمونا.
حين تسير فى شوارع »شلاتين« تجد الغربان السوداء والنسور ذات اللون البنى الفاتح الممزوج بالأبيض تحلق وتزين سماءها الصافية، وعلى أرضها الصحراوية ينتشر الماعز والأغنام فى مختلف الأماكن بلا راع جوارهم، وبرغم ذلك نادرا ما تحدث واقعة سرقة.
وتختلف البيوت والمنازل التى يسكنها الأهالى من منطقة لأخرى، فلكل حى طبيعته الخاصة، والملكية نوعان: فهناك أماكن بوضع اليد يمتلكها أفراد من قبائل العرب دون سندات ملكية حكومية، وأماكن أخرى يتم تخصيصها أو بيعها بسندات حكومية من خلال مجلس مدينة شلاتين.
والأولى اكتسبها قبائل العرب بحكم الزمن، إلا أن الكثير من تلك البيوت أصبح مهددا بالإزالة لقربه من الحيز العمرانى المرخص، وعادة تفصل حيازات تلك الأماكن من خلال بناء خط طوبى بين القبيلة والأخرى، وفى بعض الأحيان يكتفى أصحابها باستخدامها لجلسات السمر أو تجمعات العرس والعزاء أو كمخزن.
تتعدد أشكال تلك البيوت، ويقع الكثير منها فى مناطق صحراوية شاسعة، وقد يصاب الزائر أثناء تجواله بالدهشة والتعجب حين يرى بيوتا خشبية أغلبها مهملة ولا تزيد مساحة البيت الواحد الإجمالية عن 50 مترا ، إلا أنه يبرز من بعضها اثنان من التكييف الصحراوى معلقان على حوائطها ويعلو سقفها طبق قمر صناعى (دش)، وإلى جوارها ما يطلقون عليه »بيوت الطبيعة« وهى مبنية بالطوب أفقيا (من طابق واحد) وسط مساحة شاسعة من الأرض الفضاء، يتم استغلالها أحيانا بزراعة النجيلة الصناعى لتكون متنفسا لأصحابها، ويحيطها سور من الخارج، وصولا إلى مبان لا يزيد عدد طوابقها غالبا على خمسة يتم تأجير شققها للمغتربين أو الوافدين للتجارة، وفى الأطراف المتناثرة تنتشر خيام يسكنها بعضهم أو يقومون باستغلالها لجلساتهم الخاصة.
وبرغم انذارات الإزالة التى تصدرها الحكومة وتنفذها من حين لأخر فى إطار محدود، إلا أن بعض المنتمين لعرب القبائل يتحايلون ويستغلون وجود الأراضى الفضاء ويقيمون عليها أسوارا لبيعها دون مستندات حكومية للقادمين للعمل من محافظات الوجهين القبلى والبحري، ويتم احتساب ثمنها وفقا لمساحة الأرض وموقعها فى المدينة الذى يزيد مع قربها للمنطقة التجارية (السوق)، وتتراوح أسعارها بين 5 آلاف إلى 20 ألف جنيه، وتعد الأغلى ثمنا فى منطقة شرق السوق الدولي، يليها منطقة حجر الأساس ثم منطقة الحظيرة، وحى الصيادين المطل على شاطئ البحر الأحمر.
أما بالنسبة للأراضى المملوكة بعقود رسمية من الدولة، فنجد أن مجلس مدينة شلاتين يخصص قطع أراض بمساحات مختلفة تبدأ من 150 مترا وصولا إلى 600 متر، ويتم إدخال المرافق إليها حسب توافرها، ويمكن الحصول عليها من خلال دفع مقدم شراء يبدأ من 5 آلاف جنيه مع تقسيط بقية الثمن على عدة سنوات وفقا لسعر الأرض.
وفى نفس التوقيت يقوم المجلس بتسليم شقق بأسعار رمزية لموظفى الدولة والمصالح الحكومية، وأيضا الحالات الإنسانية من عرب القبائل إلا أن البعض يستغل تلك الميزة ويقوم بتأجير الشقق للمغتربين من الوجهين القبلى والبحرى أو التجار الوافدين من السودان بأسعار تتراوح ما بين 500 إلى 700 جنيه، وتزيد لو كانت مؤثثة لتبدأ من 900 إلى 1200 جنيه، وذلك فى أحياء منها الزهور ومنطقة العمائر.
وفى جولاتنا فى شلاتين لاحظنا أن الأكشاك الصغيرة التى تتراوح مساحتها فى حدود 10 إلى 60 مترا وغير آمنة حال حدوث حريق أو سرقة يتراوح سعر تأجيرها ما بين 200 إلى 600 جنيه حسب موقعها فى السوق ومساحتها، أما المحلات التجارية فى العمائر السكنية فيرتفع إيجارها باعتبارها الأكثر أمانا وإن كانت فى معظمها بعيدة نسبيا عن السوق عكس الأكشاك ويتراوح إيجارها بين 300 إلى 1500 جنيه وفقا لقربها من السوق ومساحتها مع الوضع فى الاعتبار وجود مياه وكهرباء داخلها.. وتتحمل الدولة تكاليف الكهرباء والمياه من باب التشجيع، فضلا عن أن عربات النظافة تقوم بتجميع القمامة من الشوارع الرئيسية بالمجان.
وفى المدينة ثلاثة فنادق، منها اثنان بالقرب من سوق »شلاتين الدولي«، وأسعار غرفهما أقرب للفنادق الدرجة الثالثة بالعاصمة، والغرف فيهما مستويات أعلاها غرفة بحمام خاص وتكييف وثلاجة، وأدناها غرفة بحمام مشترك، وأغلب رواد الفندقين من العاملين بشركة المقاولون العرب المرتبطين بمشروعات داخلية أو تجار وافدون للمدينة، أما الفندق الثالث فهو سياحى مطل على شاطئ البحر الأحمر وبعيد عن المواصلات الداخلية والوصول إليه يحتاج لتأجير سيارة خاصة، ومعظم رواده من السائحين الأجانب والمصريين المحبين للهدوء والاستمتاع بالحياة الطبيعية، حيث إن غرفه مصممة لتتيح لقاطنها الهدوء والاسترخاء.
الجميع هنا يعمل على تقديم المساعدات للأهالى المنتمين للقبائل قدر الإمكان بمختلف الأشكال سواء كانت خدمية أو تشجيعية، وهذا الدور يعود إلى أكثر من 20 عاما مضت، وليس وليد الأعوام الأربعة المنصرمة فقط (بعد ثورة 25 يناير) وهدفه تشجيع وربط أبناء تلك القبائل بالمدينة ، كتحفيز مشايخ القبائل على التعليم ، وحماية الوطن من أى أعداء خارجين أو القبض على المتسللين الأفارقة أو مهربى السلاح .
بئر الأحلام
كان الصراع على الوجود وإثبات الذات هو الأمر الذى تنبه له مجموعة من هواة التمثيل المنتمين للقبائل والوافدين، وجسدوه فى مسرحية »بئر الأحلام« التى جمعتهم جميعا حاملة مضمون »كل البلاد بلادى وأراضيها أرضي« فى دعوة للسلام والمحبة والتآخى تحت راية »كلنا مصريون«.
استوقفتنا تلك الفرقة التمثيلية التى ينتمى إليها مجموعة من بقاع مصرنا شمالا وجنوبا، وتعود فكرتها لابن محافظة الشرقية محمد الشرقاوي، وابن محافظة أسوان عبد الفتاح عبد الحفيظ، اللذين جمعا حولها بعض أبناء المنطقة منذ نحو 8 سنوات واجتذباهم ليشكلوا نواة فرقة مسرحية تم اعتمادها رسميا فيما بعد فى أثناء فترة تولى د.أحمد مجاهد رئاسة قصور الثقافة، بعدما قدموا عدة عروض مسرحية أمام كبار مسئولى الدولة، كما تبرع ابن قبيلة البشارية أحد أعضاء الفرقة محمد أبو نعيم بمكان يملكه ليكون مسرحا يجمعهم لعقد التدريبات المطلوبة، ليخرج من التجربة مؤلفا مسرحيا ومخرجا وممثلا لم يمتهن أو يدرس تلك المهنة فى يوم من الأيام.
المخابز
يبدأ الأهالى حياتهم اليومية فى الصباح الباكر نحو الساعة السابعة صباحا، وتكون البداية فى الغالب مع ازدحام فى طابور الخبز المدعم، ويتميز خلاله ابن القبيلة فى طريقة مشيته عن الآخرين، حيث تجد من عاداته حمل العصا فوق أكتافه أعلى الظهر، ويرجع الازدحام بسبب ابتعاد الكثيرين عن استخدام الأفران البلدى فى المنازل، لارتفاع تكاليف تخبيزه، ومن النادر أن تجد سيدة فى هذا الطابور.
وأرجع المواطنون معاناتهم فى هذا الشأن إلى عدم التزام الحاصلين على ترخيص مخابز مدعمة (من أبناء الصعيد) بالعمل مدة ال 8 ساعات المقررة، والاكتفاء بنحو ساعتين لتقديم خدماتهم من الخبز الصغير شديدة السمرة.
بعد ذلك يبدأ كل منهم فى الذهاب لعمله، وفى الفترة بين الظهيرة والمغرب تخف الحركة نسبيا بشوارع المدينة نظرا لحرارة الجو المرتفعة حيث يفضل الكثيرون الاسترخاء فى منازلهم، بينما يفضل بعض الشباب ممارسة كرة القدم فى المساحات الفضاء، فى المقابل يجتمع البعض الآخر داخل المقاهى الموجودة على جنبات الأسواق والتى يعبر بعضها عن طبيعة أهل المدينة الأصليين والأخرى تشبه المقاهى الشعبية بالعاصمة، فالأولى يجتمع بها أبناء القبائل للسمر وتكون مفروشة بالحصير (السجاد البلاستيكي)، ويحتسون فيها مشروب «الجابنة» المكون من قهوة مطحونة مضاف إليها الزنجبيل أو القرنفل، ويتابعون فى جلساتهم الأفلام الهندية وبخاصة التى يكون بطلها »شاروخان« إلى جانب قنوات الرياضة والغنائية، يليها الإخبارية، أما الثانية فيكون معظم روادها من المنتمين لأبناء الصعيد، ويمكن القول إنه لا يتوافر أماكن ترفيهية بديلة كالسينمات أو الملاهى الإلكترونية، مما يجعل البعض يلجأ إذا أراد التنزه إلى السفر إلى مرسى علم التى تبعد نحو ساعتين بالسيارة.
ويسيطر أبناء الصعيد على تراخيص المخابز المدعمة، وبيع المنتجات الغذائية من بقالة وفاكهة وخضراوات ولحوم ، يليهم فى هذا الأمر أبناء النوبة وأسوان أما أبناء الوجه البحرى فمعظمهم من أصحاب المهن الحرفية كالنجارة والحدادة، بينما يعمل أبناء السواحل فى مجال الصيد.
طقوس الزواج
مازال قبائل العرب يحافظون على طقوس الزواج الخاصة مع خلطها بالمستحدثات العصرية، ويبدأ التحضير بشراء «شنطة» العروس وهى تحتوى على ثياب عبارة عن لفة قماش ملون (أقرب إلى الزى السوداني) وعدد من الجلابيب إلى جانب الصابون والبخور والعطور المميزة وكذلك المفروشات ، والشنط يتراوح ثمنها فى المتوسط ما بين 5 و 10 آلاف جنيه.
وتستمر مراسم الزواج مدة 3 أيام تبدأ من الاثنين يليها ليلة الزواج والتى تكون الخميس أو الاثنين التالي، ويبدأ الزفاف فى اليوم الأول بسهرة تجمع الأهل مع العروسين ثم يأتى اليوم الثانى «الحنة» أما الثالث فيكون سهرة على أنغام «الدى جي» أو يحييها أحد المطربين مثل الفنان «حسين حسب النبى أحمد»، وتتراقص الفتيات وسط الأقارب ويغنى الشباب على أنغام الموسيقى وعزف آلة الطمبور (الأقرب للسمسمية الإسماعيلاوية).
أما واجب العزاء فيكون بالنهار لمدة 3 أيام مع تقديم المشروبات والمأكولات للمعزين، ويعاد تقديمه مرة أخرى بعد مرور 15 يوما، وكان اللافت للنظر أن المدافن الخاصة بالقبائل موجودة فى وسط الصحراء دون أى أسوار، وبسؤالنا حول تعرضها للسرقة، فكانت الإجابة أنها لم تتعرض يوما لذلك.
سوق «حجر الأساس»
تعد سوق «الشلاتين الدولي» وسوق «حجر الأساس» من أهم الأسواق التى يأتى لها المشترون من القرى المجاورة للمدينة مثل مرسى الحميرة وأبرق وبرانيس، وذلك لشراء احتياجاتهم الأسبوعية من عطارة وخضراوات ولحوم وملابس وأوان معدنية، وكذلك الماعز والأغنام بينما تعتبر سوق الجمال الدولية من أبرز العلامات التى تشتهر بها المدينة ويأتيها التجار من كل المحافظات لانخفاض أسعارها، ويطالب بعض الأهالى المنتمين للقبائل باستغلاله بشكل أكبر من خلال إقامة سباق »هجن« دولى على غرار ما يحدث فى دول الخليج، وعلمت »الأهرام« أنه من المقرر الانتهاء من إنشاء مجزر آلى بطاقة 15 رأس جمال فى الساعة نهاية الشهر الحالى على مساحة 63 ألف متر، بهدف الاستفادة من الجمال الواردة من السودان وإثيوبيا واريتريا.
وإذا تناولنا الأحوال التجارية بشكل أوسع على المستوى الدولى نجد وجودا كبيرا لأبناء القبائل من خلال مكتب شئون القبائل الذى يمنح تصاريح لوكلاء مقيمين بالمدينة إلى جانب الشركات المحلية فى ربوع مصر الحاصلة على ترخيص، وذلك لتمرير التجارة الافريقية ومعظمها قادمة من دولة السودان، حيث يحظر السفر إلى ميناء رأس حدربه دون تصريح أمنى نظرا لطبيعة المنطقة الحدودية، والتى إن تحولت إلى منطقة تجارة حرة وفقا لرأى الأهالى ستزيد من ازدهار المدينة مع تفعيل الاتفاقيات الدولية التجارية بين مصر والسودان، وكان اللافت للنظر عدم وجود أى مكتب صرافة داخل المدينة بالرغم من طبيعتها التجارية.
والتجارة مع دولة السودان الأكثر رواجا وتنقسم إلى شقين، الأول بالمقابل المادى والثانى بنظام المقايضة، فيتم استبدال السلع المصرية بنظيرتها السودانية، ويتم تخزين البضاعة المصرية بميناء »الحظيرة« الجاف داخل المدينة، ويقوم الوكلاء باختيار المنتجات المطلوبة من السوق المصرية ويتحصلون على مقابل مادى نظير الإشراف على الشحن وتفريغ البضائع يتم الاتفاق عليه مع التاجر ويقدر بنحو 50 جنيها مقابل طن المواد الغذائية أو الحاصلات الزراعية.
النقل والاتصالات
بالرغم من الانفتاح التجارى الدولي، فلا تزال خدمات الاتصالات دون المستوى فشبكات المحمول الثلاث المصرية هى الأضعف على مستوى المدينة مقارنة بشبكات المحمول السعودية التى يستخدمها البعض لمتابعة أعماله التجارية لعدم انقطاع إشارتها أما خاصية الإنترنت على التليفون الأرضى فهى غير متوافرة أساسا.
لا يوجد مرفق نقل عام داخلي، ويعتمد المواطنون فى تنقلاتهم اليومية على ركوب مشروعات خاصة أو تتبع جمعية مدنية وتكون عبارة عن سيارة نصف نقل أو ميكروباص صغير أما بالنسبة للأتوبيسات التى تقلهم إلى المحافظات القريبة فكانت شكواهم أنها دائمة التعطل وتعانى من إهمال شديد، واستغلالا لبعد المسافات الداخلية شرع البعض فى شراء أسطوانة الغاز المتاحة فى المستودع فى منطقة »العالي« أو »الزهور« بنحو 15 جنيها، وذلك بغرض بيعها كالسوق السوداء بسعر 50 جنيها عبر المرور على المنازل والمحلات.
المرأة البدوية
والمرأة البدوية على مستوى طيب من الوعي، فالتعليم خلال العقود الماضية واهتمام الدولة بتلك المنطقة كان له مردود إيجابى بالغ الأثر، إذ تتمتع باحترام شديد والحرص على منحها قدرا كبيرا من الخصوصية، فإذا شاركت الرجال الغرباء فى ركوب وسيلة المواصلات الداخلية (نصف نقل أو ميكروباص) يترك الرجال فواصل لإتاحة فرصة الجلوس لهن ، كما أنهن يختلطن بالرجال الغرباء فى حدود وإن كانت ضيقة إلا أنها تصل لمناح مختلفة الأشكال وتزداد عام تلو الآخر بعد دخولهن معترك العمل.
وإذا تجولت بالمدينة ستجد فتيات التحقن بالمدرسة حتى المرحلة الثانوية فى الكثير من الأحيان، إلا أن قليلا منهن واصلن تعليمهن الجامعى فى محافظات مصر المختلفة، والبعض الآخر أمتهن الوظيفة لكسب العيش، فتجد المعلمة بدور الحضانة التى تزرع فى نفوس الأطفال الوعى بأهمية التعليم واحترام الكبير، وكذلك صانعة المشغولات اليدوية وغيرها من المهن، بدعم من شيوخ القبائل.
هناك عائشة عيسى التى تدرب نحو 65 من الفتيات والسيدات تتراوح أعمارهن من 12 إلى 70 عاما على صناعة المشغولات اليدوية المعبرة عن تراثهم البدوي، وبيعها للسائحين الأجانب ، بل ويمتد الأمر فى بعض الأحيان إلى قيام بعض النسوة بالتجوال والسفر والانتقال من مدينة لأخرى لفتح أبواب رزق جديدة تساعد على أعباء الحياة والمشاركة فى معارض محلية لتسويق معروضاتهن لإيمانهن أن تراثهن البدوى لابد من الحفاظ عليه، وهن يناشدن الدولة مزيدا من الاهتمام والرعاية والتوجية لايجاد بيئة عمل أكثر منافسة تحقق دخلا أعلى لهن ولعائلاتهن.
أما حليمة محمد على ابنة القبيلة الحاصلة على الدبلوم الفنى فتعمل معلمة باحدى دور الحضانة من الساعة ال 7 صباحا حتى ال 12 ظهرا بمكافأة شهرية نحو 300 جنيه، مستخدمة الأدوات التى وفرتها مديرية التضامن الاجتماعى من أشكال توضيحية وأفلام تعليمية وقصص مكتوبة وألعاب مختلفة، إلا أن دورها هى والعاملات مثلها لا يتوقف فقط على تعليم النشء وإنما يتخطاه لتعريف أهالى الطلبة بمواعيد التطعيمات الصحية الواجبة لأبنائهم.
بساطة الحياة المعيشية داخل شلاتين هى أساس إعجاب السائحين الذين يأتون من أوروبا وبخاصة إيطاليا وألمانيا وبلجيكا والنمسا لزيارتها بعدما سمعوا عنها من أقرانهم الذين زاروا مصر فى وقت سابق أو العاملين المصريين فى مجال السياحة بالغردقة، وأكثر ما يلفت أنظارهم تلك التركيبة المكانية التى لم يعهدوا مثلها فى دولهم من أكشاك وخيام جوار بيوت متفرقة بشكل عشوائي، فضلا عن الهدوء الموجود بالمنطقة وردود أفعال الناس التى وصفوها بالعفوية فى التعامل معهم والعامرة بالترحيب، إلى جانب سوق الجمال الشهيرة بالمدينة فقط هم يزعجهم التعامل الجاف (من وجهة نظرهم) عند رفع الجمال على سيارات النقل تمهيدا لبيعها وتحميلها بأعداد أكبر من طاقة السيارة، وعلى عكس المتوقع يرون أن المشغولات اليدوية التى تعبر عن التراث البدوى المعروضة للبيع لا تختلف كثيرا عما هو موجود فى بلادهم أو المدن السياحية المصرية.
حى "الصيادين"
وإلى جوار الميناء البحرى فى شلاتين، تجد حى »الصيادين« الذى يعمل به آلاف المواطنين الوافدين من المدن الساحلية وبخاصة السويس وسفاجا والقصير، بعد استخراجهم لرخصة لممارسة المهنة من الغردقة ويصل الحاصلون عليها نحو 1300 مواطن يعمل تحت كل رخصة من 5 إلى 9 صيادين آخرين، وهؤلاء يقضون أوقاتهم فى البحر لمدة تصل إلى شهرين متصلين بالتناوب ويستأجرون أكشاكا لتخزين الأسماك التى يتحصلون عليها بنحو 200 جنيه شهريا.
ودعا رمضان جاد كريم وزميله حسنين عبد الخالق السلطات المختصة للتدخل والحيلولة دون المخالفات والانتهاكات التى يرتكبها بعضهم وتؤثر على الحياة السمكية والشعب المرجانية، موضحين أن هناك من يأتى فى رحلة بحرية للترفية غير عابئ بالأماكن الممنوع الصيد بها أو ممارسة الغطس والتى تؤثر على الحياة البحرية، التى هى من كنوز الطبيعة المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.