فرض الله سبحانه وتعالي الصوم في جميع الأديان السماوية لمدد محددة بتكليفات إيمانية سامية وجعل ثوابه له وحده كما قال في حديثه القدسي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: قال الله كل عمل أبن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني إمرو صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر وإذا لقي ربه فرح بصومه "، وكما قال " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". ويجمل الحديث المكون من شقين قدسي ونبوي 6 فوائد لخصوصية الصيام عن سائر العبادات لأنه لم يعبد أحد غير الله تعالي به فلم يعظم الكفار معبودا لهم بالصيام وبعده عن الرياء لخفائه غير العبادات الظاهرية ، ثانيا وقاية لأنه إمساك عن الشهوات والفواحش والنار محفوفة بالشهوات، ورفعة منزلة الصائم فرغم تغير رائحة فمه فهي أزكي عند الله من ريح المسك ، ثم فرحة للصائم عند فطره بما أنعم الله عليه من عبادة وتوفيقه لطعام وشراب ونكاح كان محرما منهم ، والأعظم لقاء ربه عند وفاته ليحصل علي أكبر الجزاء حين يسمع : أين الصائمون ؟ ليدخلوا الجنة من باب الريان الذي لا يدخله أحدا غيرهم ، خامسا هو مدرسة للقيم التربوية حيث يتخلص الصائم من رق الشهوة وعبودية مادته وضبط لغرائزه وإحساسه بغيره وسعيه لخير الناس الذي يعيش معهم ، وتعوده علي الجهاد والصبر والتحمل واحتمال الحياة بحلوها ومرها ليصل بنفسه إلي أعلي مقاماتها، والأهم ثوابه فكل الأعمال تضعف من عشرة إلي سبعمائة إلي ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يزيد بلا تحديد تقدير ، وأنه أحب العبادات لله فهو من صفاته وملائكته الكرام، وتفرده حيث أن جميع العبادات توفي منها مظالم العباد إلا الصوم .
ولكن إذا رأيت حالنا نحن المصريين في سلوكياتنا طوال الشهر الفضيل فتري عجب العجاب فمع صباحه تتعطل الأعمال وتظهر عصبية التصرفات وبذاءة الألفاظ ، وتخفض ساعات الحضور بالمصالح الحكومية نتيجته إنهيار الجهاز الإداري ، وتتزاحم الأسواق بعد فتح مخازن الأغذية للدولة فتزيد الأسعار وتنهك ميزانية الدولة والعباد ، وتتعطل البنوك للعمل 4 ساعات فقط والناتج تدهور الجهاز المصرفي ، وتنهار الشبكات الكهربائية نتيجة مفرمة زيادة الاستهلاك بزينة بلكونات المنازل والشوارع ومشاهدة مسلسلات الرذيلة والبلطجة والخيانة وإرتكاب المعاصي وبرامج خفية تتسم بالغباؤة والاشمئزاز من خلال فناني الإبداع المزيف المغلف بالعري والحض علي الآثام الذين يحتاجون علاجا من كثرة شرب الخمور والسجائر. وتتزاحم المقاهي وسط تطاير دخان الشيشية والنتيجة سهر و كسل وتأخر عن الأعمال ، وكثرة إعلانات التبرع بالفضائيات و عمال النظافة بالشوارع وإشارات المرور إستغلالا لتقرب العباد بالطاعات كأنه موسم للشحادة. يا مسلمين رمضان شهر العمل والإنتاج لا الكسل والشهوات ، فالمسلم لا يثنيه فرض دينه عن واقع حياته ولا تحد عزيمته ملذات الدنيا ، شهر الانتصارات الكبري الإسلامية من بدر الي أكتوبر 1973، عنوانه التكافل الاجتماعي بالشعور بمرارة الجوع والظمأ ، لا أن يكون عقوبة تعطل فيه الأعمال ومصالح الناس وترتكب المعاصي بحجج الترفيه، وتغيب فيه لمة العائلة نتيجة عقوق وجحود .... فحكمة صيام نهاره وقيام ليله تحتاج مراجعة ليكون رمضان الذي يجب أن نعرفه! [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ