عن فضل صوم رمضان يقول الدكتور عبد الحليم منصور رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر فرع الدقهلية أنه ورد في فضل الصوم أحاديث كثيرة نورد منها : 1 عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قال الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أو شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إني صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى من رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ من أَجْلِي الصِّيَامُ لي وأنا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا 2 عن سَهْلٍ رضي الله عنه عن النبي قال إِنَّ في الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يوم الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ منه أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ منه أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فإذا دَخَلُوا أُغْلِقَ فلم يَدْخُلْ منه أَحَدٌ 3 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال" كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل : إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزئ به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" لماذا خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال ؟ خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال فقال : " إلا الصيام فإنه لي" وقد كثر القول في معنى ذلك من الفقهاء وغيرهم وذكروا فيه وجوها كثيرة ومن أحسن ماذكر فيه وجهان : أحدهما : أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جلبت على الميل إليها لله عز وجل ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام ، لأن الإحرام إنما يترك فيه الجماع ودواعيه من الطيب دون سائر الشهوات من الأكل والشرب وكذلك الاعتكاف مع أنه تابع للصيام ، وأما الصلاة فإنه وإن ترك المصلي فقد الطعام والشراب في صلاته بل قد نهي أن يصلي ونفسه تتوق إلى طعام بحضرته حتى يتناول منه ما يسكن نفسه ولهذا أمر بتقديم العشاء على الصلاة . وهذا بخلاف الصيام فإنه يستوعب النهار كله فيجد الصائم فقد هذه الشهوات وتتوق نفسه إليها خصوصا في نهار الصيف لشدة حره وطوله ولهذا روي أن من خصال الإيمان الصوم في الصيف ، وقد كان الرسول يصوم رمضان في السفر في شدة الحر دون أصحابه كما قال أبو الدرداء وورد أنه كان بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر . فإذا اشتد توقان النفس إلى ماتشتهيه مع قدرتها عليه ثم تركته لله عز وجل في موضع لا يطلع عليه إلا الله ، كان ذلك دليلا على صحة الإيمان ، فإن الصائم يعلم أن له ربا يطلع عليه في خلوته وقد حرم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة فأطاع ربه وامتثل أمره واجتنب نهيه خوفا من عقابه ورغبة في ثوابه فشكر الله تعالى له ذلك واختص لنفسه عمله هذا من بين سائر الأعمال ولهذا قال بعد ذلك : " إنه إنما ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي " الصيام ومضاعفة الأجر: استثنى الله الصوم من الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عدد ، فإن الصيام من الصبر وقد قال تعالى : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب " ولهذا ورد عن النبي أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر وفي حديث آخر عنه قال :" الصوم نصف الصبر" والصبر ثلاثة أنواع : صبر على طاعة الله ، وصبر عن محارم الله ، وصبر على أقدار الله المؤلمة ، وتجتمع الثلاثة كلها في الصوم فإن فيه صبرا على طاعة الله ، وصبرا عما حرم الله على الصائم من الشهوات ، وصبرا على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن ، وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه.