روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك". يذكركم "البديل" بفضيلة الشهر المبارك، والحمد لله على نعمه الباطنة والظاهرة، شرع لعباده ما يصلحهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه نجوم الهدى الزاهرة، ومن اتبع هديه وتمسك بسنته الطاهرة.ودل الحديث الشريف على جملة فضائل ومزايا للصيام، من بين سائر الأعمال منها: مضاعفة الصيام تختلف عن مضاعفة الأعمال الأخرى، فمضاعفته لا تنحصر بعدد، بينما الأعمال الأخرى تضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. ومنها أن الإخلاص في الصيام أكثر منه في غيره من الأعمال لقوله: "ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي". وأن الله اختص الصيام لنفسه من بين سائر الأعمال، وهو الذي يتولى جزاء الصائم لقوله: "الصوم لي وأنا أجزي به". كذلك حصول الفرح للصائم في الدنيا والآخرة، فرح عند فطره بما أباح الله له، وفرح الآخرة بما أعد الله له من الثواب العظيم، وهذا من الفرح المحمود لأنه فرح بطاعة الله كما قال تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا" يونس 85. وما يتركه الصيام من آثار محبوبة عند الله وهي تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام، وهي آثار نشأت عن الطاعة فصارت محبوبة عند الله تعالى "ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". ومن فضائل الصيام أيضًا، أن الله اختص الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم إكرامًا لهم، كما في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال أين الصائمون؟ فيقومون فيدخلون فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد". كما أنه يقي صاحبه مما يؤذيه من الآثام، ويحميه من الشهوات الضارة، ومن عذاب النار، كما ورد في الأحاديث أن الصيام جُنَّة، أي ستر حصين من هذه الأخطار. ودعاء الصائم مستجاب، فأخرج ابن ماجة والحاكم عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد"، وقال الله تعالى في أثناء آيات الصيام: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" البقرة 186؛ ليرغب الصائم بكثرة الدعاء. كذلك يجعل كل أعمال الصائم عبادة، كما روى أبو داود الطيالسي والبيهقي عن ابن عمر مرفوعًا: "صمت الصائم تسبيح ونومه عبادة ودعاؤه مستجاب وعمله مضاعف". وأنه جزء من الصبر، فأخرج الترمذي وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام نصف الصبر"، وأخبر الله سبحانه وتعالى أن الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب.