عن أبي هريرة(رضي الله عنه)عن النبي(صلي الله عليه وسلم)قال:( يقول الله عز وجل الصوم لي وأنا أجزي به,يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي والصوم جنة,وللصائم فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقي ربه,ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك). رواه البخاري ومسلم والترمذي في الصوم. يبدأ الحديث- كما يقول الدكتور احمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء واستاذ الحديث وعلومه بجامعة الازهر- بقول الله تعالي:(الصوم لي وأنا أجزي به),وتكفل رب العزة سبحانه وتعالي بجزاء الصائمين,وفي رواية:(كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به)وأضاف الله تعالي إلي نفسه تشريفا لهذه العبادة وتكريما للقائمين بها,وقد ورد في إضافة إلي الله تعالي معان من الفائدة أن نوردها,منها أن الصوم بعيد عن الرياء لخفائه بخلاف الصلاة والحج والصدقة وأنه ليس للصائم ولا لنفسه فيه حق,وأن الاستغناء عن الطعام من صفات الله تعالي فتقرب الصائم بما يتعلق بهذه الصفة,وإن كانت صفات الله تعالي لا يشبهها شيء وأنه سبحانه المتفرد بعلم مقدار ثواب الصائم ومضاعفة حسناته,وأنها إضافة تشريف وأن جميع العبادات توفي منها مظالم العباد إلا الصيام,ونرجح أن الصوم عبادة لا يدخل فيها الرياء,والمعني أن كل عمل من أعمال الخير والطاعة يحصل لصاحبها حظ منها لأنها ظاهرة إلا الصوم فإنه لا يدخل فيه الرياء, نعم قد يدخل في الصوم الرياء في القول كمن يخبر عن نفسه مثلا بأنه صائم فيكون الرياء فقط من جهة الإخبار بخلاف بقية الأعمال فإن الرياء قد يدخلها بمجرد فعلها,لذلك ورد أنه يقول(الصوم لي وأنا أجزي به يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي,الصوم جنة),ومعني الصوم جنة أي وقاية ومانع من النار,ومن كل عمل يقرب إلي النار,ووقاية الصوم للمسلم من النار بمغفرة الله تعالي لما تقدم من الذنوب,(من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه),وللصائم فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقي ربه سبحانه وتعالي. واشار الي ان للصائم فرحة في الدنيا وفرحة في الآخرة فرحة الصائم في الدنيا عند فطره بتمام عبادته لقيامه بها علي أكمل وجه لما يرجوه من ثواب عند الله عظيم وبما أفاءه عليه ربه خلال شهره المبارك من رحمات,حيث فتحت أبواب الجنة ومن أمان وطمأنينة إلي غيرذلك من الأمور,وفي الآخرة عند لقاء ربه,حيث ينال الجزاء الأوفي من ربه سبحانه(ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)وهذه أيضا خصوصية عظيمة للصائمين جعلها الله تعالي لهم أعظم من رائحة دم المجاهد,فالمجاهد اللون لون الدم والريح ريح المسك,وأما الصائم فخلوف فمه أطيب عند الله من رائحة المسك,والخلوف هو تغير رائحة الفم بسبب الامتناع عن الطعام والشراب,ولكن جعلها الله أطيب من رائحة المسك لعظم هذه العبادة.