أوجب الله علينا صوم رمضان بقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» [183 البقرة]. وواضح أننا نرى آية الصوم تبدأ بنداء المؤمنين بأحب ما يوصفون به وهو الايمان.. لدليل جلى على عظم قدر هذه الفريضة.. إنه نداء مرتبط فى الأذهان بقول ابن مسعود رضى اله عنه «إذا رأيت الله عز وجل يقول» يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك فانه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه». إن الصوم عبادة قديمة قدم الأديان فالأمم السابقة قد أدت هذا الصوم وإن اختلفت أساليب أدائه وهذا ما يفهم من قوله تعالي: «كما كتب على الذين من قبلكم» وقد اختلف الفقهاء فى بيان هذه المثلية هل هى فى قدر الصوم ووقته أم فى منهجه وسمته، يقول الدكتور عبدالواحد وافى فى صوم الأمم السابقة «بين الله سبحانه الغاية من الصيام، وأنه ليس مجرد ترك الطعام والشراب وهجر اللذائذ المشروعة فى غير نهار رمضان فقال «لعلكم تتقون». أما الذين لم يثمر فيهم الصوم ثمرة التقوى فهم لم يصوموا على الحقيقة، فكم من صائم ليس له حظ من صومه إلا الجوع والعطش والحرمان، والصوم المقبول هو الذى يكسر حدة الشهوة ويضعف دواعى المعصية، ولذا كان الصوم جنة (بضم الجيم) أي.. وقاية من الوقوع فى الآثام. وقد جعل الله الصوم أياما معدودات أى أيام معلومة العدد وبين الله سبحانه فى قرآنه بقوله «شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان» (185 البقرة). وبسط سبحانه أحكام الصيام إشعارا بجلال شأنه وعلو قدره فقال «فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون» (184 البقرة).. والعمل يكون فى نطاق الوسع فانه سبحانه وحده الذى يقدر حقيقة أعذار عباده «ان الله لايخفى عليه شيء فى الارض ولا فى السماء».. (5 آل عمران) وحدد الله سبحانه شهر الصوم من بين شهور العام فقال »شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان« (185 البقرة). وقد فرض الله الصيام على المقيمين إذا ما ثبت لديهم هلال الشهر بقوله تعالي: «فمن شهد منكم الشهر فليصمه».. وفى تفسير الآية يقول ابن كثير هذا ايجاب حتى على من شهد هلال الشهر.. أى من كان مقيما فى البلد حين دخل شهر رمضان وهو صحيح فى بدنه أن يصوم لامحالة. وبين الله تبارك وتعالى أنه يريد أن يقارب عباده الكمال فيما يأخذون به أنفسهم من طاعة الله فقال سبحانه «ولتكملوا العدة» وهو ما يقصده رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله «وأفطروا لرؤيته».
المستشار عبدالعاطى الشافعى عضو المجلس الأعلى للشئون الاسلامية