يخطيء من يظن أن اعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسى عن المشاركة فى أعمال قمة الاتحاد الإفريقى التى تسضيفها جنوب إفريقيا يعنى حدوث أى تغيير فى الرؤية الاستراتيجية التى تحكم سياسة القاهرة تجاه قضايا القارة والتى تعززت قبل أيام باستضافة مصر لقمة التكتلات الاقتصادية الإفريقية على أرض شرم الشيخ ... ومن ثم فلا مجال لأية أحاديث عن أسرار وخفايا وراء الاعتذار. إن مصر تعتقد - واعتقادها صحيح - أن تحديات العصر تفرض عليها دون أن تتخلى عن هويتها العربية - أن تمد أبصارها تجاه دوائر انتماءاتها الأساسية وفى مقدمتها الدائرة الإفريقية التى ربما تكون هى الدائرة الوحيدة التى يصعب على مصر أن تخرج منها لأنه ليس بمقدور أحد أن يخرج من واقعه الجغرافى خصوصا إذا كانت جغرافيا مصر هى الحاكم الأساسى فى حركة شريان الحياة المتمثل فى نهر النيل الذى يمثل أحد أهم الروابط الحاكمة لتوجهات مصر ومعطيات أمنها القومي. ولعل أكثر ما يحسب للسياسة المصرية هو قدرتها على تحسس المخاطر التى تحيط بالقارة الإفريقية والمبادرة لدرئها بدلا من الاضطرار للوقوع تحت وطأتها والدخول فى متاهة وتكلفة ما تحتاجه هذه المخاطر من مقاومة غير مضمونة النتائج! والحقيقة أن مصر بحكم دورها الطليعى فى القارة الإفريقية منذ أن كانت راعيا أساسيا لحركات الاستقلال والتحرر قبل أكثر من 65 عاما مازال يحكمها إلى اليوم حرص كامل على حماية البنيان الإفريقى من أى تصدع والاسهام بكل ما تستطيع فى تسوية وحل النزاعات الإفريقية التى تزايدت فى السنوات الأخيرة وتمثل تهديدا لوحدة القارة وأمنها وسلامتها. ثم يبقى أن أقول: إن مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر تتحمل مسئولية كبرى فى مهمة اللحاق بالحركة السريعة التى يقودها الرئيس السيسى فى الساحة الإفريقية طرقا للأبواب وفتحا للنوافذ وتيسيرا للوجود المصرى المفيد والفعال.. ولست أقصد بذلك ما ينبغى على رجال الأعمال والمستثمرين المصريين عمله - وهو كثير ومربح اقتصاديا وسياسيا - وإنما أقصد فى الأساس الحركة الشاملة لجميع أجنحة المجتمع المدنى السياسية والثقافية والإعلامية والعلمية والتعليمية والدينية حتى تنقطع ألسنة المشككين فى صدق اهتمام مصر بإفريقيا. خير الكلام: عظماء الرجال مثل الجبال لاتنتقص الكهوف شيئا من عظمتهم ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله