بالرغم من الخدمات العلاجية والجراحية المجانية التى يقدمها المعهد القومى للأورام، والتى تشمل أكثر من 244 الف مريض سنويا، فضلا عن ألف حالة تتردد عليه للمتابعة يوميا، وبالرغم من الازمات العديدة التى مرت بالمعهد كمشكلة تصدع المبنى الجنوبى منذ سنوات، ومحدودية التمويل والموارد إلا أنه لا يزال يقدم خدمات طبية متميزة للمرضى وفقا للمعايير الدولية، فى محاولة لمحاصرة مرض السرطان سواء على مستوى العلاج أو الابحاث والتدريب والتعليم حسب الطرق العلمية، مع أن ميزانية المعهد ضعيفة مقارنة بمراكز الاورام العالمية، ومقارنة بما يقدمه من خدمات مجانية ل 85% من المرضى المترددين عليه. فى البداية يقول الدكتور محمد لطيف عميد المعهد القومى للأورام ان نسب الاصابة بالاورام فى مصر تقارب نسب الاصابة على مستوى العالم ، ولكن المشكلة فى مصر ، تكمن فى عدم وجود مراكز كبرى متخصصة لعلاج الأورام تواكب الزيادة السكانية الهائلة ، كما ان المراكز بالمحافظات لا تستوعب حجم العبء الملقى عليها من تطوير وتجهيزات طبية يحتاجها علاج الاورام، ويعكس ذلك العبء الملقى على كاهل المعهد القومى للاورام باعتباره مركزا متقدما لعلاج الاورام المختلفة مثل اورام الدم بمختلف انواعها، وجراحات الاورام المتقدمة كجراحات الرأس والرقبة والتى تتطلب مهارات وامكانات لا تتوافر الا بالمعهد ، الى جانب الرعاية المركزة المتقدمة التى تتطلب كوادر علمية وتدريبا مستمرا. ويضيف ان المعهد يقدم منظومة علاج متكاملة للاورام بداية من الكشف المبكر والوقاية ، وتوافر كافة تخصصات الأورام، والفحوصات والتحاليل المعملية والعلاج الاشعاعى و الكيماوى ، وغرف عمليات لجراحات الاورام المتقدمة، ويقوم على هذه الخدمات اكثر من 3800 من الكوادر المؤهلة سواء من اساتذة علاج الأورام وأطقم التمريض والفنيين بالمعهد. ورغم الصعوبات التى يواجهها المعهد الا انه يضم احدث غرفة عمليات الانسان الالى لجراحات الحوض وبعض جراحات البطن التى يصعب على الجراح اجراؤها بدقة، واجريت اكثر من 100 جراحة متقدمة تصل تكلفة الواحدة إلى 60 الف جنيه يوفرها المعهد بالمجان، كما ادخل المعهد منذ عدة اشهر خدمة المسح الذرى البيزوترونى بالاشعة المقطعية ، وجهاز المنشط الخطى للعلاج الاشعاعى المتقدم للاورام وادخالها ضمن منظومة العلاج على نفقة الدولة. مستشفى لسرطان الثدى وحول المشروعات المستقبلية للارتقاء بأداء المعهد فى خدمة مرضى الاورام فى مصر ، أكد الدكتور لطيف ان المعهد قارب على الانتهاء من انشاء قاعدة بيانات الكترونية لكافة المرضى بهدف التخلص من المنظومة الورقية وذلك بالتعاون مع مؤسسة » وفاء لمصر« الخيرية ، وذلك لتحديث الخدمات للمرضي. وعلى صعيد التوسعات الخارجية للمعهد، فان اول مستشفى متخصص لعلاج سرطان الثدى تابع للمعهد بالتجمع الاول بمدينة القاهرة الجديدة، يعمل بكفاءة واستقبل خلال العام الماضى 39 الف حالة حيث تقدم خدمات جراحة الثدى والعلاج الكيميائى وجار اضافة العلاج الاشعاعى حول المشروع الضخم لانشاء المعهد القومى الجديد للاورام بمدينة الشيخ زايد والمعروف بمستشفى 500/500، اوضح الدكتور لطيف ان تكلفة المشروع تصل الى مليار و200 مليون دولار، و تعتمد فى الاساس على التبرعات، وتعد المستشفى من اكبر المستشفيات فى العالم لعلاج الاورام، و سيقام على ارض جامعة القاهرة بمساحة 35 فدانا، وستسع الف سرير و 60 غرفة عمليات، ويضم احدث الاجهزة ومنها المعجل البروتونى وهو الاول فى افريقيا والشرق الاوسط ، وكذلك العلاج الاشعاعى المتقدم لاورام العمود الفقرى وأورام العيون، وينتظر افتتاح المرحلة الاولى من المستشفى خلال 3 اعوام، وتصل تكلفتها الى 2 مليار جنيه مصري، يتوافر منها 20% فقط لبداية العمل، من هنا تأتى اهمية اسهامات اهل الخير فى دعم المستشفى الجديد على حساب رقم 500/500 بكافة البنوك المصرية، حيث يمثل المشروع حلما كبيرا لتقديم خدمة علاجية وفقا للمعايير العالمية. التمويل .. أكبر المشكلات وحول اهم التحديات والصعوبات التى يواجهها المعهد فى ادارة المنظومة العلاجية ، يرى الدكتور حاتم ابو القاسم استاذ جراحة الاورام ومدير عام المستشفيات بالمعهد انها تتعلق بارتفاع اسعار العلاج والدواء، خاصة ان المعهد يعالج 85% من مرضاه بالمجان، كما ان تكاليف علاج مريض الاورام مرتفعة تصل فى بعض الاحيان الى 150 الف جنيه للمريض الواحد ، وتصل تكلفة علاج بعض الحالات بالعلاجات الموجهة الى نصف مليون جنيه، علما بان معظم الحالات التى ترد للمعهد فى مراحل متأخرة وتحتاج لرعاية خاصة وسرعة بدء للعلاج ويشير الى ان ميزانية المعهد تصل الى 55 مليون جنيه بالاضافة الى ضعفى المبلغ من التبرعات، وكل ذلك يساوى أقل من 1% من ميزانية بعض مراكز علاج الاورام بالعالم. وايضا توجد مديونيات لبعض شركات الادوية تصل الى 63 مليون جنيه الامر الذى يعكس الصعوبات التى يواجهها المعهد، ، ومن هنا تاتى اهمية تبرعات اهل الخير على حساب 777 بالبنوك المصرية، كركيزة اساسية لاستمرار العمل بالمعهد لاستكمال مهمته القومية. أزمة المبنى الجنوبي ويضيف الدكتور حاتم انه رغم مرور المعهد بأزمة تصدع المبنى الجنوبى عام 2010، والتى تسببت فى اخلاء 300 سرير وغلق 6 غرف عمليات وجناح للرعاية المركزة ، وتوقف العيادات الخارجية ، الا ان المعهد تمكن من استمرار العمل وذلك بنقل العيادات الخارجية بالحديقة المجاورة للمعهد، بهدف استقبال 20 الف مريض شهريا، كما تم تشغيل مستشفى سرطان الثدى بالقاهرة الجديدة لاستيعاب حالات سرطانات الثدي، وتم توفير جناح بمستشفى دار السلام لاستقبال مرضى سرطان الدم ، الى جانب ضغط الجدول الزمنى للعمليات للتغلب على قوائم الانتظار حيث تجرى العمليات فى ايام العطلات ولأوقات متاخرة ليلا، كما تعاونت مؤسسة » وفاء لمصر » الخيرية فى اعادة تجهيز جناح الرعاية المركزة بكافة الاجهزة ورعاية تشغيله ماديا . ويشير الى انه من المنتظر الانتهاء من ترميم المبنى الجنوبى خلال عامين، بتكلفة 200 مليون جنيه وفرتها الدولة لدعم المعهد، و سيضم المبنى العيادات الجديدة ، واقسام الجراحة والعلاج الكيميائى والاشعاعي، مؤكدا انه رغم كافة الصعوبات الا ان منظومة العمل بالمعهد مستمرة وتحقق نسب شفاء تقارب المعايير العالمية ، ويبقى دعم المعهد بتبرعات اهل الخير ضرورة لاستكمال رسالته فى مكافحة السرطان.