تعيد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي المجر العلاقات الثنائية بين البلدين إلي عصرها الذهبي إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وشهدت الفترة الماضية طفرة في العلاقات الثنائية علي مختلف الأصعدة. فمن الناحية السياسية، كانت المجر من أولي الدول الداعمة لمصر في الحرب ضد الإرهاب، ولم يصدر منها أي انتقادات للقاهرة في هذا الصدد، بل طالما نظرت بودابست إلي الحرب التي يخوض غمارها الجيش والشرطة في مختلف أنحاء مصر، علي أنها دفاع أيضا عن أمن المجر لأن خطر الإرهاب يهدد الجميع. وتؤمن المجر- التي تتمتع بعضوية الاتحاد الأوروبي- بأن استقرار مصر هو أفضل ضمان لاستقرار الشرق الأوسط، منطقة الجوار المباشر لأوروبا. وأعلنت دعمها الكامل لحصول مصر علي مقعد في مجلس الأمن الدولي، وفي المقابل، تعهدت القاهرة بتأييد ترشح المجر لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف لعامي 2016-2017. وبحسب سفير المجر لدي القاهرة د.بيتر كيفيك فإن حكومته مهتمة بمعرفة كيف تنظر الدبلوماسية المصرية للتطورات الخطيرة التي تجري في الشرق الأوسط. وتفضل بودابست اتباع منهج بناء في سياستها الخارجية، بالتركيز علي ما يربط وليس ما يفرق، في مسعي لتوطيد التعاون بدلا من تعميق الصراع. وفي هذا الصدد، اتسمت سياسة بودابست الخارجية بالتوازن داخل الاتحاد الأوروبي، وبخاصة حيال الأزمة الأوكرانية. واتخذ رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان موقفا جريئا عندما استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير الماضي، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق الأمن في المنطقة بعزل روسيا. وأدت استقلالية صانع القرار المجري في الكثير من القضايا إلي توتر العلاقة مع الولاياتالمتحدة، حتي إن كثيرا من السياسيين الأمريكيين حذروا بودابست من تقاربها مع روسيا، وبلغ الأمر حد التهديد بتعليق الإعفاء من تأشيرة دخول الأراضي الأمريكية. في المجال الاقتصادي، تبدو العلاقات واعدة، فقد أصبحت مصر الشريك التجاري الأول للمجر في العالم العربي عام 2014. وارتفعت التجارة بين البلدين بنحو 50% لتصل إلي مستوي غير مسبوق بلغ 330 مليون دولار. وعقد البلدان جلسة جديدة للجنة الاقتصادية المشتركة شهر مايو الماضي. وأكد سفير المجر لدي القاهرة د.بيتر كيفيك أن عددا من الشركات المجرية تقترب من إبرام اتفاقات مع مصر في مجال الطاقة المتجددة، مشيرا إلي أن العديد من الشركات المجرية قد شاركت في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي وخرجت بانطباعات إيجابية للغاية. كما يبحث الجانبان المبادرة المجرية الخاصة بمنح بنك الصادرات المجري ضمانات بنحو 20 مليون دولار لمساعدة الشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة. وخلال زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلي المجر في إبريل الماضي ضمن جولة بأوروبا الشرقية، تم توقيع اتفاقية للتعاون السياحي من شأنها تشجيع تدفق السائحين المجريين علي مختلف الأماكن الترفيهية والأثرية بمصر. علي الصعيد الثقافي، تستعد المجر لاستقبال 100 طالب مصري في جامعاتها في منح كاملة تتحملها حكومة بودابست، بدءا من سبتمبر المقبل و علي مدار الأعوام الثلاثة المقبلة.