الرئيس السيسي يصل مقر احتفالية عيد العمال بمدينة العاشر من رمضان    «العلوم الصحية» تطالب «السيسي» بإصدار قانون مزاولة المهنة.. وتطوير المنظومة الطبية    «التنظيم والإدارة»: إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان مسابقة معلم مساعد    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    علاوة 3% الأبرز.. منح وتسهيلات كفلها القانون ل عمال مصر    «هونداي روتم» الكورية تخطط لإنشاء مصنع جديد لعربات المترو في مصر    «الحركة الوطنية»: دعم الرئيس السيسي لقطاع الصناعة يقلل الفجوة الاستيرادية    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    البنك المركزي يوافق على إطلاق أول بنك رقمي في مصر onebank    «شغالة مرة واحدة في الأسبوع».. شكاوى من تأخر ضخ مياه الشرب بمناطق في الغردقة    خبير اقتصادي: زيادة المعروض من السلع يؤدي لاستقرار الأسعار    وزيرا الزراعة في مصر ولبنان يبحثان تعزيز التعاون المشترك    طولكرم.. استشهاد فلسطيني في تبادل لإطلاق النار مع أمن السلطة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفا و596 شهيدا    البيت الأبيض: موسكو استخدمت أسلحة كيماوية ضد القوات الأوكرانية    موعد مباريات الجولة الأخيرة بدوري المحترفين.. غزل المحلة ضد بروكسي الأبرز    تشكيل توتنهام المتوقع أمام تشيلسي بالدوري الإنجليزي    رسميًا غياب نجم الأهلي عن مباراة الجونة للإيقاف    محافظ أسوان يتابع جهود السيطرة على حريق اندلع بأشجار النخيل بإدفو    «الأرصاد»: استقرار الأحوال الجوية.. والعظمى على القاهرة تسجل 31 درجة    تحرير 30 محضرًا تموينيًا في كفر الشيخ    القبض على 34 ديلر مخدرات في حي العصافرة بالإسكندرية    «رقم صادم».. ضبط 12 ألف قضية تسول خلال شهر    انخفضت ل2.4 %.. نتائج تحليل مشاهد التدخين والمخدرات في دراما رمضان 2024    العثور على جثتى أب ونجله فى صحراء قرية حمرادوم بقنا    إيرادات فيلم شقو تتراجع إلى المركز الثاني لأول مرة.. تعرف على السبب؟    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج.. الخميس 2 مايو 2024    "مئة مبدعة ومبدعة" يُوثق المنجز النسوي الأدبي بمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    إصدار 202 قرار بالعلاج على نفقة الدولة وتوفير الأدوية ل90 استغاثة خلال أبريل 2024 (تفاصيل)    الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني وتدمير 12 طائرة مسيرة كانت تستهدف مناطق في العمق الروسي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    غضب الله.. البحر الميت يبتلع عشرات المستوطنين أثناء احتفالهم على الشاطئ (فيديو)    الفنان ياسر ماهر ينعى المخرج عصام الشماع: كان أستاذي وابني الموهوب    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    تامر حسني يدعم بسمة بوسيل قبل طرح أغنيتها الأولى: كل النجاح ليكِ يا رب    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع خادم دياو بديل معلول    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    بعد أزمة أسترازينيكا.. مجدي بدران ل«أهل مصر»: اللقاحات أنقذت العالم.. وكل دواء له مضاعفات    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلا «المحليات» .. أعيت من يداويها
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 06 - 2015

منذ لحظة الميلاد حتى الوفاة.. وأنت فى عهدتها، فكل ما يمس حياتك اليومية من صميم اختصاصها.. سلامة الشارع الذى تسير فيه يوميا.. ماسورة المياه التى تغذى الحى الذى تقطن به.. الإدارة التعليمية التابعة لها مدرسة ابنك.. مكتب الصحة التى تستخرج منه شهادة ميلاد طفلك.. مكتب العمل الذى تحصل منه على رقمك التأمينى عند التقدم لوظيفة.. الطابق الاضافى الذى تريد بناءه فى عقارك.. الكافيه المزعج الذى تتمنى إغلاقه.. أعمدة الانارة المظلمة ليلا.. موقف الميكروباص العشوائى الذى يعيق مرورك من و إلى سكنك.. تلال القمامة التى أصابت أطفالك بالاختناق...
قائمة لا تنتهى من المسؤوليات والمهام تضطلع بها الوحدات المحلية أو ما نسميها “المحليات”.. تلك الكلمة التى نالت حظها الوفير من سوء السمعة، فما أن ترد على أى لسان، حتى يلحقها وابل من الاتهامات بالفساد والتربح ومخالفة القانون والبيروقراطية، أو على أقل تقدير تقاعسها عن القيام بدورها فى تقديم الخدمات للمواطنين، ومحاسبة المخالفين.
أسباب الخلل فى عمل الادارة المحلية فى مصر، متشابكة ومتداخلة، منها ما يتعلق بشكل مباشر بالقانون الذى ينظمها (وهو القانون رقم 43 لسنة 1979)، ومنها ما يتعلق بأمراض الادارة التى أصابت الجهاز الادارى للدولة بشكل عام، وتمكنت منه بالشكل الذى يجعل عملية إصلاحه أكثر تعقيدا.. حتى أن اللواء نجاح فوزى -مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن الاقتصادى- تعجب فى أحد تصريحاته الصحفية من مهندسى الوحدات المحلية،وتساءل: كيف لمهندس يحبس زملاءه بنفس المكتب ويستمر هو فى ارتكاب نفس الفعل؟! وهنا استحضرنا بيت المتنبى الشهير عن”الحماقة” التى أعيت من يداويها ، ولو كان حيا بيننا لعدل بيته الشعرى ونظمه عن” المحليات”!
محافظ بلا قرار
كان من المهم استطلاع آراء بعض ممن خاضوا- ولا يزالون يخوضون- معترك العمل المحلي، ليحكوا من واقع التجربة عن الصعوبات التى تواجههم ، علنا نمسك بأطراف الخيط..
اللواء وضاح الحمزاوي- محافظ سوهاج الاسبق- أكد أن المشكلة الرئيسية وراء عدم قيام المحليات بعملها المنتظر ،هى ازدواجية تبعية المديريات المختلفة من تعليم وصحة وإسكان وقوى عاملة وغيرها، للمحافظة والوزارات فى الوقت ذاته ،فالعاملون فى تلك المديريات لا ينفذون أى قرار من المحافظ الا بموافقة الوزارة- كل حسب تخصصه-، ويضرب مثالا بسيطا فيقول:” أردت توصيل ماسورة مياه شرب لإحدى القرى ، وكان لابد من الحصول على موافقة وزارة الري، وبعد انتظارها طويلا دون جدوى ، قررت التنفيذ على مسؤوليتى الشخصية، خاصة بعد ان أكد لى موظفو مديرية الاسكان عدم وجود مشكلة من مد الماسورة ، فإذا بموظفى مديرية الرى يتشاجرون مع زملائهم فى الاسكان ويهددونهم بعمل محضر ، والنتيجة أن بقيت القرية بلا مياه صالحة للشرب عام تلو الاخر”.
ويتابع الحمزاوي:” المحافظ الذى يعتبر رئيس جمهورية محافظته لا يملك سلطة اتخاذ قرار وتنفيذه، لأن كل مديرية تنتظر القرار من الوزارة التابعة لها وليس من المحافظ، والمفترض أن يكون للمحافظ مع مجلسه التنفيذى سلطة تنفيذ القرارات دون الرجوع للوزارات المختلفة، على الاقل فى الاعمال البسيطة .
وفيما يتعلق باستشراء الفساد فى المحليات، يعتقد الحمزاوى أن أجور موظفى المحليات فى حاجة إلى إعادة نظر، لكنه يرى ان «حديث الفساد» به بعض المبالغة فالامر -كما يري- مقتصر على الادارات الهندسية فى الوحدات المحلية ، وليس من العدل تعميم التهمة على باقى الإدارات.
أما عن دور المجالس الشعبية- وهو رقابى بالاساس- فيراه المحافظ الاسبق غائبا تماما قبل ثورة يناير، اذ يعترف بأن انتخاباتها كانت صورية، بأن يتم تسويد بطاقات الانتخاب لصالح أسماء بعينها. المشكلة الان- والكلام للحمزاوي- هى فقدان الرغبة لدى المواطنين فى المشاركة فى أى انتخابات، خاصة بعد تعثر قانون مجلس النواب، وتأجيل الانتخابات البرلمانية،وبالتالى سيكون دفع الناس للمشاركة فى انتخابات المجالس المحلية، مهمة صعبة.

القوانين الحالية سبب الفساد
العميد أسامة الحلوجى –رئيس حى العمرانية- حذر من خطورة استمرار المركزية الشديدة فى اتخاذ القرارات، ويتابع شارحا: لو أردت نقل موظف لعدم صلاحيته للعمل فى موقعه، لابد أن أرجع لسكرتيرعام المحافظة وغالبا ما يكون الرد: «لا توجد أماكن بديلة.. فلتبق عليه الآن»، واذا حاولت التغلب على نقص الامكانات والموارد، من خلال إعادة استغلال الامكانيات المتوفرة، لابد من الرجوع للمحافظ وموافقة وزارة المالية، مثلما حدث عندما أردت إعادة تجهيز سيارة لتعمل ك«ونش» بدلا من شراء واحد جديد، توفيرا للتكلفة».
ويضيف: من المفترض أنى على درجة وكيل وزارة، ومع ذلك فليس لى حق اتخاذ القرار دون الرجوع لسكرتير عام المحافظة على الاقل، ولذلك يشعر رؤساء الوحدات المحلية بأنهم مكتوفو الايدي، ونتساءل :ما معنى أن يتم اختيارنا لتحمل المسؤولية ثم يسلب منا حق اتخاذ القرارات؟!.
وعن رأيه فى فساد المحليات ،يقول الحلوجى بصراحة: القوانين الحالية هى سبب الفساد، فعندما يلزمنى قانون المناقصات بأن أختار أفضل المواصفات بأقل الاسعار، فهو أمر غير منطقي، ومن الطبيعى أن يكون الأقل سعرا هو الاقل جودة، وهنا يأتى دور اللجان المسؤولة عن البت الفنى والمالى فى المشروعات المنفذة، والمفترض أن الاجهزة الرقابية هى التى تقوم بمتابعة عمل تلك اللجان. على جانب آخر عندما تمنح سلطة لموظف مرتبه هزيل، فمن المتوقع أن تضعف النفس البشرية أمام الاغراءات، وقد وصل الامر ببعضهم الى قبول دخول السجن مقابل تأمين متطلبات الاسرة».
ومن خلال عمله سابقا كمدير عام البحوث الاقتصادية فى محافظة الجيزة، لم يكن للحلوجى انطباع إيجابي عن أعضاء المجالس الشعبية، فيقول:” المفترض أن يتعاون المجلس الشعبى مع نظيره التنفيذى إلا أن بعض أعضائه للاسف كانوا يستغلون سلطتهم فى تحقيق مكاسب شخصية كتعيين معارفهم أو انجاز أى مصالح خاصة ، كما يصل الامر أحيانا الى تطاولهم على القيادات التنفيذية، والحل هو أن ينص القانون على عدم منح عضو المجلس المحلى أى امتيازات أو مقابل مادي، بل يعمل متطوعا بشكل كامل حتى نضمن عدم ترشح إلا من يهدف الى الخدمة العامة بشكل حقيقي.
الحكومة ضد الحكومة
إبراهيم صابر- رئيس حى المعادي- يحاول تطبيق فكر اللامركزية فى عمله بقدر الامكان ويقول مازحا” قد يكون ذلك سببا فى عدم رضا بعض القيادات عني”، ويتابع:” عندما أرغب فى تطوير ميدان على سبيل المثال، أنتهى من تنفيذ العمل ثم أقوم بدعوة المحافظ ليرى ما أنجزناه ، وبالمناسبة فان نقص الامكانات يمكن التغلب عليه من خلال مساهمات المجتمع المدنى والاهلي”.
المشكلة الرئيسية التى تواجه رؤساء الاحياء من وجهة نظر صابر، هى ازداوجية وتعدد جهات اتخاذ القرار، مما يؤدى الى التضارب ، فتبدو أجهزة الحكومة وكأنها تعمل ضد بعضها البعض، ويشرح قائلا:” إذا قمت بتشميع “كافيه” لعدم حصوله على ترخيص، يقوم صاحبه بفض الشمع ، وهى جنحة عقوبتها غرامة قدرها 50 جنيها، وهو مبلغ هزيل، فإذا قمت بقطع الكهرباء عنه، يلجأ لشركة الكهرباء ويطلب عمل ما يعرف ب” الممارسة”، وهو إجراء تتيحه شركة الكهرباء لمنع سرقة الكهرباء، بإذا فالشركة لا تهتم بكون المقهى غير مرخص، وبالتالى يقوم صاحبه بفتحه وتشغيله من جديد، وفى النهاية يتم إلقاء اللوم على المحليات وتتهم بأنها تترك المخالفين. مثال آخر وهو المواقف العشوائية للميكروباصات ، فأنا كرئيس حى لا أملك وحدى حق التصرف فى إزالتها دون معاونة إدارة المرور”. ويعترف صابر بأن هناك فى المقابل تقصيرا من قبل موظفى بعض الوحدات المحلية فى عدم النزول الى الشارع ومعاينة مواضع الخلل بأنفسهم، لكنه يقترح أمرين يراهما فى غاية الاهمية حتى يتم تفعيل دور المحليات،فيقول:” لابد من إنشاء شرطة متخصصة لإزالة المخالفات على غرار شرطة السياحة والكهرباء وغيرهما ، فالوضع الراهن يفرض علينا انتظار قسم الشرطة التابع له الحي، حتى يجرى الدراسة الامنية، وكل ذلك يعطل اتخاذ اجراءات رادعة سريعة. الامر الثانى هو إعادة المحاكم البلدية ونيابة البلدية ، لسرعة الفصل فى القضايا وتحقيق الردع الفوري، أما ما يحدث الأن فهو قيام الحى بتحرير محضر فى قسم الشرطة، ثم الانتظار حتى يتم إرساله للنيابة العامة ثم المحكمة، وقد تنقضى الدعوى بانقضاء المدة، وكل تلك الاوضاع تجرئ المتعدين على القانون على التمادي”.
وحول الاتهامات المستمرة للمحليات بالفساد فيشير رئيس الحى إلى أن هناك اكثر من جهاز رقابى على الوحدات المحلية أبرزها الرقابة الادارية والنيابة الادارية، ونيابة الاموال العامة، ومباحث المرافق، ومباحث قسم الشرطة، والجهاز المركزى للمحاسبات والجهاز المركزى للتنظيم والادارة، لكنه يرى أن الرقابة السابقة هى الاهم وليس اللاحقة على حدوث واقعة الفساد، وتتحقق الرقابة السابقة من خلال المجالس الشعبية والمجتمع المدني، والمواطن الذى يحمل على عاتقه دورا كبيرا فى عدم الرضوخ لأى ابتزاز، كما يجب على كل مسؤول إتاحة التواصل المباشر معه، وفى الوقت ذاته يجب إعادة النظر فى أجور موظفى المحليات لأنهم الاقل بين موظفى الدولة.
أما فيما يتعلق بدور المجالس الشعبية فيكشف صابر عن أنها كانت دائما على خلاف مع المجالس التنفيذية، ويطالب بعرض مشروع قانون التنمية المحلية المقترح من وزارة التنمية المحلية على قيادات العمل المحلى لمناقشته، وتمنى أن يعاد النظر فى شروط الترشح للمجالس المحلية خاصة وأن الدستور أعطاها حق سحب الثقة من القيادات التنفيذية، وهو ما يتطلب خبرة المترشح بالعمل المحلى ، فلا يكفى إخضاع المسؤول الجديد لدورة مدتها ثلاثة أيام ليبدأ عمله بعدها مباشرة، كما يجب أن تكون هناك معايير معروفة ومعلنة لاختيار القيادات.

تنفيذ القانون
تواصلنا أيضا مع محسن النعمانى -وزير التنمية المحلية الاسبق- والذى أوضح أنه شارك –ضمن عدد من القيادات المحلية- فى جلسات التحضير لمشروع قانون التنمية المحلية الذى عملت عليه وحدة اللامركزية بالوزارة منذ سنوات ، وأوضح أنه تم استطلاع آراء كثير من العاملين فى مجال المحليات، وتم عقد لقاءات فى عدد من المحافظات .
النعمانى أكد أن المشروع المقترح ينظم عمل المحافظات بما يمنع اتخاذ أى قرارات دون أن تكون شريكة فيها، كما يعطى صلاحيات أوسع للمجالس الشعبية المحلية لمساءلة المسؤولين التنفيذيين بحيث تكون الرقابة حقيقية وليست شكلية. أما عن أبرز الصعوبات التى واجهته أثناء عمله محافظا لسوهاج فكانت تتعلق بملكية الاراضي، حيث تتعدد المؤسسات الواجب الرجوع اليها عند اتخاذ أى قرار بشأن قطعة أرض، بما يتعدى عشر جهات، مما يمثل عقبة كبيرة عند تنفيذ مشروعات التنمية، كما أن وجود أكثر من مجلس شعبى على اكثر من مستوى محلى، يعيق عملية اتخاذ القرار، وربما يحدث تعارض.
النعمانى يراهن على الشباب فى الانتخابات المقبلة (سواء برلمانية أو محلية) ،أما فيما يتعلق بحديث الفساد فى المحليات فيقول:” لقد اطلعت على عدد من الدراسات العلمية فى هذا الشأن واكتشفت أن هناك مبالغة فى هذا الحديث، فالنسب ليست مرتفعة وتقتصر على إدارات معينة كالادارات الهندسية والتراخيص التجارية، أى انه لا يجب التعميم، وتطبيق القانون هو الحل الوحيد، وقد رأينا الدولة عندما أرادت تفعيل القانون فى مخالفات البناء خلف المحكمة الدستورية، نفذت على الفور دون تردد، ولن يجرؤ احد على المخالفة من جديد”.
مليارات ضائعة
المجتمع المدنى كانت له هو الآخر عين على ما يجري، اذ قدرت حملة “مين بيحب مصر” المبالغ التى يتم إهدارها سنويا بسبب تسهيل موظفى المحليات لمخالفات التعدى على الاراضى الزراعية وخلق عشوائيات جديدة، بنحو 88 مليار جنيه. الحسين حسان- المتحدث باسم الحملة- يقول أن المشكلة تعود الى أن 92% من العاملين بالادارات المحلية من حملة الدبلومات، والنتيجة كم هائل من المخالفات، ولذلك طالبوا بنقل جميع الإدارات الهندسية التابعة للوحدات المحلية، إلى مديريات وزارة الإسكان بالمحافظات، كما طالبوا بإلزام الجمعيات الاهلية -وعددها 42 ألف جميعة- بتدريب الشباب على إدارة العمل المحلى، والترشح للمجالس الشعبية ، خاصة وأن كل الدعم المالى الذى تحصل عليه تلك الجمعيات من الخارج يكون فى إطار «التنمية الديمقراطية» ومجال التنمية المحلية من ضمنها.
ويضيف حسان: من أبرز مشاكل المحليات حاليا الموارد المالية الضئيلة، اذ تحصل الإدارة المحلية على ما يزيد عن 90% من مواردها المالية من الحكومة المركزية، وهو ما ينفى استقلاليتها ماليا وفنيا، واذا كان القانون يتيح المعلومات للمجالس الشعبية والمواطنين، الا انه لم يحدد آليات هذا الإجراء، حيث تتحايل المجالس التنفيذية على هذا الحق بطلب تصاريح مختومة من هيئات أمنية وهى طلبات تعسفية. كانت حملة «مين بيحب مصر» قد أعدت مشروع قانون مقترح للادارة المحلية وسلمته لمكتب وزير التنمية المحلية منذ عدة أشهر، ولم يتلقوا ردا حتى الآن.


المستشار عدلى حسين عضو لجنة إعداد القانون الجديد للإدارة المحلية:
ترجمنا مواد الدستور بتفعيل اللامركزية ومنح المجالس الشعبية صلاحيات المحاسبة
كشف المستشار عدلى حسين –محافظ القليبوبية الأسبق وعضو لجنة إعداد مشروع قانون الادارة المحلية الجديد- أنه تم الانتهاء من صياغة مشروع القانون الصياغة القانونية المحكمة ومراجعته من قبل مجلس الدولة، ومن المنتظر أن يعرضه وزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب، على رئيس الوزراء ليرفعها بدوره لرئيس الجمهورية، الذى إما أن يصدر القانون، أو يتم الانتظار لاقراره من خلال مجلس النواب وهو المرجح، خاصة وان قانونا بهذه الاهمية لابد أن يصدر بموافقة مجلس النواب.
واكد حسين أن القانون المقترح ما هو الا ترجمة لمواد الدستور والا يتعرض للطعن، وقد تم التغلب على عدد من السلبيات التى تعيق عمل الادارات المحلية حاليا وعلى رأسها الازدواجية فى تبعية المديريات الخدمية للمحافظات اداريا، ولوزاراتهم فنيا، وقال إن القانون الجديد منح المحافظ حق اختيار مديرى المديريات التابعة له، حتى وإن رشحت الوزارات أشخاصا بعينهم، فلا بد من موافقة المحافظ عليهم.
كما أصبح للوحدات المحلية ميزانيات مستقلة، فكل رئيس حى على سبيل المثال لديه ميزانية مستقلة، فى الوقت ذاته تم منح المجالس الشعبية صلاحيات اوسع ، بحيث يكون لديها أدوات لمحاسبة المسؤول التنفيذى تصل الى الاستجواب وسحب الثقة، كما أنه لا يجوز للمحافظ الاعتراض على قرارات المجلس المحلى إلا فى حالة واحدة وهى مخالفتها للقانون.
يتابع المستشار :” بالنسبة لاختيار القيادات المحلية من محافظين ورؤساء أحياء ومراكز ومدن وقرى ،فقد كنت أطمح -على المستوى الشخصى – اعتماد نظام الانتخاب، فقد جاء نص الدستور مخيرا بين التعيين أو الانتخاب، وقد انتهينا فى القانون إلى أن المرحلة الحالية يناسبها التعيين ، وإن كنت أرى أنه كان من الممكن تطبيق نظام الانتخابات على مستوى القرى والمدن كنوع من التدريب، كما عدلنا شروط الترشح للمجالس المحلية، أبرزها أن يكون حاصلا على الشهادة الاعدادية على الاقل وليس الابتدائية كما فى القانون الحالي”.
الجديد فى القانون- كما يكشف المستشار- هو استحداث كيان جديد هو أكاديمية الادارة المحلية ،وتكون مهمتها تخريج كوادر متخصصة فى أصول العمل المحلي، ومن المفترض أن يصدر قرار بانشائها من رئيس الجمهورية ولها باب خاص فى القانون.
ويعتقد المستشار عدلى حسين أن الانتخابات المحلية المقبلة ستكون مثار اهتمام المواطنين خاصة وأن الدستور اشترط أن يكون ربع المجلس المحلى للشباب وربع آخر للمرأة، كما اشترط وجود نسبة معقولة للاقباط، أما عن حديث الفساد فى المحليات ،فيفسره بغموض القوانين عموما وعدم تحديد الصلاحيات والاختصاصات بدقة، مما يفتح المجال للتأويلات والاستثناءات،ويضيف:” تغيير قانون الادارة المحلية وحده لا يكفي، بل لابد من ثورة تشريعية تشمل قوانين أخرى مهمة وتدخل فى نطاق عمل المحليات مثل قوانين البيئة والبناء ونهر النيل والزراعة وغيرها”.
نظام الإدارة المحلية الحالى فى سطور‬
تتكون مصر من 27 محافظة ، 186 مركز، 225 مدينة ، 85 حي ، 3401 قرية و 25930 من العزب والكفور والمشايخ والنجوع.
يأخذ النظام المحلى الشكل الهرمي ويتراوح عدد المستويات المحلية بين مستويين وأربع مستويات وفقا لطبيعة المحافظات ،ففي المحافظات الحضرية مستويان هما : المحافظة ، والاحياء، اما فى المحافظات الريفية ‫فناك ثلاث مستويات هي : المحافظة ، والمراكز ، والمدن والقرى ،وهناك بعض المحافظات الريفية بها أحياء مثل الغربية والدقهلية .
المدن الجديدة‫:‬ مجتمعات محلية خارج التنظيم المحلى تماما، ولا تتبع وزارة التنمية المحلية وإنما هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة،مما يؤدي إلى تشابك وتداخل اختصاصات الأجهزة المعنية ، رغم أنه طبقا للقانون 59/1979 يجب تسليم ما ينشأ من مجتمعات عمرانية جديدة بعد استكمال مقوماتها ومرافقها الأساسية إلى وحدات الإدارة المحلية .
في كل وحدة من الوحدات المحلية ( المحافظة، المركز، الحى، المدينة والقرية) مجلس شعبي محلى يتم تشكيله بالانتخاب المباشر من المواطنين المحليين، وتم حل آخر مجالس محلية منتخبة في عام 2011، كما يوجد مجلس تنفيذي يتولى تنفيذ السياسات والقرارات المحلية، ويتكون من رئيس الوحدة المحلية ، ورؤساء المصالح والأجهزة والهيئات العامة. وكل محافظة يتبعها إداريا 14 مديرية .
المصدر: ورقة عمل أعدتها الدكتورة ناهد أديب بوزارة التنمية المحلية عام 2012 المركزية.. لا مفر!

حاولنا الحصول على نسخة من مشروع قانون الادارة المحلية الجديد الذي أعدته وزارة التنمية المحلية، خاصة بعد ان اكتشفنا ان النسخ التي نشرتها بعض الصحف ليست هي النسخة الصحيحة والنهائية. لجأنا الى خبراء الوزارة وأعضاء اللجنة التي أعدت القانون وإدارة الاعلام.. فكانت الاجابة دائما: لا يمكنك الحصول عليها الا بموافقة الوزير شخصيا ! بل أن أحدهم قال نصا: كما تعلمين إنها المركزية الشديدة في الوزارة! عبارة كهذه استوقفتنا بشدة خاصة أن تلك الوزارة هي نفسها التي قامت بإعداد قانون من المفترض أنه سيقضي على « المركزية» في إدارة العمل المحلي!! المهم أننا حاولنا-عوضا عن ذلك- التعرف على ملامح المشروع من خلال خبراء الوزارة الا ان الجميع تجنبوا الحديث الينا بحجة أنهم لم يطلعوا بعد على النسخة لانها غير متاحة لهم، وحتى بعد أن ابدى البعض استعداده للحديث تراجع لاحقا ! اذا فالوزير وحده –ولا أحد سواه في الوزارة- المسؤول عن التواصل مع الصحفيين!
في النهاية لم يساعدنا سوى المستشار عدلي حسين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.