عنان: متحور «نيمبوس» أقل خطورة.. ولكن أكثر تماسكاً مع خلايا الجسم    بعد هبوطه في 8 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الأربعاء 11-6-2025    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    تراجع جديد يلامس 500 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 11-6-2025    عمدة لوس أنجلوس تعلن حالة الطوارئ وتفرض حظر تجول في المدينة    فلسطين: استشهاد شقيقين برصاص الاحتلال في نابلس    اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن وعناصر مسلحة بريف حمص الغربي    "صفقة القرن".. تعليق قوي من حسين الشحات على انضمام زيزو إلى الأهلي    "الأول في التاريخ".. منتخب السنغال يحقق فوزا كبيرا على حساب إنجلترا    استعلم الآن عن نتيجة الصف الثاني الإعدادي 2025 الترم الثاني بالقاهرة بالاسم ورقم الجلوس    إصابة 3 بطلقات نارية في مشاجرة بسبب النزاع على قطعة أرض بسوهاج    "المعازيم راحوا المستشفى".. إصابة 3 أشخاص إثر إطلاق نار في حفل زفاف بالمنوفية    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    تدهور مفاجئ، دخول نجل تامر حسني للعناية المركزة مرة ثانية، وبسمة بوسيل تطلب الدعاء    يحيى الفخراني عن نبيل الحلفاوي: "أصدق الأصدقاء"    "كله تم بالتراضي".. التفاصيل الكاملة لعروس الشرقية المغصوبة على عريس متلازمة داون- صور    موجة شديدة الحرارة 6 أيام.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس الأيام المقبلة    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    البرازيل ضد باراجواى.. أنشيلوتى يدفع بتشكيل نارى لحسم بطاقة كأس العالم    نظرة إلى العين السخنة    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تصفيات كأس العالم.. أنشيلوتي يعلن تشكيل البرازيل الرسمي في مواجهة باراجواي    السلطات الأوكرانية: قتيلان و28 جريحًا إثر ضربات روسية جديدة على مدينة خاركيف    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    المجلس الوطني الفلسطيني: تصريحات هاكابي ضد حل الدولتين خروج عن قواعد الدبلوماسية    كندا تعتزم بيع سندات أجل 28 يوما بقيمة 2.5 مليار دولار كندي    محاقظ المنوفية يحيل موظف وحدة محلية في أشمون إلى النيابة بتهمة الرشوة    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي.. وأعلم أنه بمثابة حياة لجماهيره    10 أيام ونستقبل فصل الصيف .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    ظاهرة تتفاقم في الأعياد والمناسبات .. المخدرات تغزو شوارع مصر برعاية شرطة السيسي    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    «صفقات فاشلة».. تفاصيل تقرير ميدو في الزمالك (خاص)    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    لا تقسُ على نفسك.. برج العقرب اليوم 11 يونيو    مرض ابنى آدم وعملياته السبب.. تامر حسنى يعتذر عن حضور فرح محمد شاهين    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع المنصورة ليلا.. ويؤكد: لا تهاون فى مواجهة الإشغالات    «ابني تعبان وعملياته السبب».. تامر حسني يعتذر عن عدم حضور فرح محمد شاهين    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    هل لاحظت رائحة كريهة من تكييف العربية؟ إليك الأسباب المحتملة    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقائق الواقع‏..‏ وضرورات التغيير
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 03 - 2012

هناك مفارقات حادة بل وشاذة ومستفزة بين الامكانات المادية الهائلة التي يملكها الشرق الاسلامي وبين الواقع البائس الذي تعيشه أغلب الشعوب في عالم الإسلام‏.‏ فمساحة العالم الاسلامي الممتدة من غانة إلي فرغانة, ومن حوض نهر الفولجا إلي جنوبي خط الاستواء تبلغ خمسة وثلاثين مليونا من الكيلو مترات المربعة, يعيش فيها أكثر من مليار وستمائة مليون نسمة من السكان.. بينما مساحة الصين هي ربع مساحة العالم الإسلامي, وفيها ما يقرب من تعداد المسلمين!.
وإذا كان الموقع الجغرافي للعالم الإسلامي يجعله الحاكم لتواصل قارات العالم وبحاره ومحيطاته, فإن أرضه تحتوي علي الثروات التي تجعله العالم الأول في الكثير من ميادين الثراء.. فهو العالم الأول في البترول والغاز الطبيعي واليورانيوم والمنجنيز و الكروم والقصدير والبوكيت.. وهو العالم الثاني في النحاس والفوسفات.. وهو العالم الثالث في الحديد.. وهو العالم الخامس في الرصاص.. وهو العالم السابع في الفحم.. فضلا عن غناه بمناجم الذهب.. وفي المعادن التي لم يتم الكشف عنها والاستخراج لها.
.. وفي هذا العالم الاسلامي أطول أنهار الدنيا, وأقدم فلاح علم البشرية فن الزراعة, وفي بلد واحد من بلدانه السودان غير الثروة الحيوانية أكثر من مائتي مليون فدان صالحة للزراعة بأقل التكاليف لتكون سلة الغذاء لكل عالم الإسلام.. وفي هذا العالم الإسلامي من شواطئ البحار والمحيطات والأنهار ما يجعله المصدر الأول للثروة السمكية والمعادن البحرية.
وإذا كان الغرب وأهل الشمال الذين يمثلون 20% من سكان العالم يحتكرون ويستهلكون 68% من خيرات هذا العالم, تاركين 14% فقط من الثروة ل80% من سكان الجنوب!.. فإن الحال حال التفاوت الفاحش ليس أفضل في داخل عالم الإسلام.. ففي بعض البلاد يبلغ متوسط دخل الفرد 35,000 دولار, بينما ينخفض في الكثير من البلاد إلي 500 دولار فقط لا غير!.
,, فتعيش القلة في تخمة السفه والتبذير, وتعيش الكثرة في فاقة تدفع البعض إلي أن يبيع عقيدته للمنصرين لقاء كسرة خبز أو جرعة دواء!.. بينما يردد الجميع كالببغاوات حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم : أيما أهل عرصة , مكان] أصبح فيهم أمرؤ جائعا فقد برئت منهم ذمة الله عز وجل! رواه الامام أحمد وأبويعلي.
وفوق هذا التفاوت الفاحش والفقر المذل, هناك في العالم الاسلامي مئات الملايين الذين يعيشون في المقابر والعشوائيات ومدن الصفيح.. وهناك الأمية الأبجدية التي تحجب النور عن أكثر من نصف تعداد المسلمين وذلك فضلا عن الأمية الفكرية والثقافية التي تفترس المواهب فتدفنها من المهد إلي اللحد!.. وهناك العنوسة التي تنخر في بنيان النظام الأسري, والتي تفتح أوسع الأبواب للحرام بعد أن سدت أبواب الحلال أمام الشباب والشابات!.. وهناك العنف العشوائي الذي تتوالي موجاته ويتكاثر منظوره, والذي يغذيه الفقر فيدفع إلي الكفر بمنظومة القيم والأخلاق, وإلي اليأس والقنوط حتي تفر قطاعات من الشباب من أوطانها, علي رغم تحول الكثيرين منهم إلي طعام للحيتان في البحر المتوسط أثناء الفرار! وهناك اللاجئون المسلمون, الذين يكونون أغلبية اللاجئين علي النطاق العالمي!..
وهناك النخبة التي تحولت إلي نكبة! والتي صنعها الاستعمار علي عينه, والتي تحاول علاج هذه الأمراض بما يزيد من حجم الداء, فتلجأ إلي الاستدانة من الغرب الاستعماري, حتي لقد تحولت الديون في عالم الجنوب إلي الشكل المعاصر للامبريالية, فرهنت الاقتصاد ومعه الكرامة والاستقلال السياسي والحضاري لقاء فوائد الديون, التي تستهلك أغلب الانتاج في كثير من بلاد الاسلام!.
وهناك عشرات القواعد العسكرية الأجنبية التي تنتشر علي الأرض الاسلامية التي حررها صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم بدمائهم الذكية.. والأساطيل الحربية الاستعمارية التي تحتل البحار والمحيطات في عالم الاسلام, لتحرس التخلف, ولتحمي نظم العجز والفساد والتبعية, ولتكريس الفقر ونهب الثروات!.
وإذا كان هذا هو مبلغ الواقع البائس المفروض علي عالم الاسلام.. فهل نستغرب ذلك الانفجار الهائل الذي شهدته وتشهده بلادنا في ثورات الربيع العربي التي فتحت النافذة أمام الشرق الاسلامي للخلاص من هذا البؤس وهذا الكابوس؟!
إننا أمام لحظة تاريخية فارقة, لا نريدها مجرد ثورة تقف عند حدود قطر أو عدة أقطار, وإنما نريدها نهضة تحقق للشرق الإسلامي الاستقلال السياسي والحضاري والاقتصادي وليس, فقط, استقلال القلم والنشيد!.. وحتي تنعتق رقاب شعوب الشرق العربية والإسلامية لابد من العودة إلي الذات العقدية والفكرية والثقافية, وإلي الهوية الحضارية الإسلامية.. ولابد من إقامة السوق التجارية المشتركة, والكتلة الاقتصادية المتكاملة والتضامن بين اقطار عالم الإسلام.. ليس فقط بعثا لماضينا الإسلامي, يوم كنا العالم الأول علي ظهر هذه الأرض لأكثر من عشرة قرون.. إنما إضافة إلي ذلك تأسيا بالقارة الأوروبية, التي أقامت وحدتها, علي الرغم من التناقضات التاريخية الحادة والصراعات القومية والدينية والاستعمارية التي استغرقت من عمرها عدة قرون.
إن لدي أمتنا العربية الإسلامية من الأصول العقدية, والمواريث الحضارية, والمشاريع الفكرية والحركات الجماهيرية ما يمكنها فتح أبواب التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقلة والمستدامة.. وعلي سبيل المثال, فإن في مكتبتنا الإسلامية مئات الدراسات العلمية التي تقدم فريضة الزكاة مؤسسة للتنمية الاقتصادية المستقلة.. بل إن هناك بندا واحدا من بنود هذه الزكاة هو زكاة الركاز أي زكاة الثروات المركوزة في باطن الأرض, وأغلب ثروات العالم الإسلامي مركوزة في باطن الأرض وفيمة زكاة الركاز هذه (20%) من قيمة ما يستخرج من هذه الثروات.. وفيها جاء حديث رسول الله صلي الله علي وسلم: فيما خرج من الأرض الخمس وفي الركاز الخمس.. رواه البخاري ومسلم ومالك والزندي وأبو داود والإمام أحمد.. وهي زكاة لو وضعت في الصندوق الإسلامي للتنمية لأنقذت العالم الإسلامي من الفقر, وحررت رقابه من العبودية لصندوق النقد والبنك الدوليين.. ولحقت لعالمنا التنمية بالحلال, الذي يفتح علي المسلمين أبواب بركات السماء.
إن التنمية بزكاة الركاز وغيرها من الزكوات مع تحريم استثمار المال الإسلامي خارج ديار الإسلام هي القضايا التي يجب ان تحتل الصدارة في جدول أعمال النهضة الحضارية التي فتحت نافذتها ثورات الربيع العربي أمام عالم الإسلام.. فقط نحتاج الي إرادة النهوض.. وإلي الإرادة التي ترتب وتعظم إمكانات هذا الموضوع.
المزيد من مقالات د. محمد عمارة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.