الماء هو مادة الحياة وإكسيرها السحري الذي بدونه لاستحالت الحياة علي سطح هذا الكوكب, ولما خلق الله سبحانه وتعالي الأرض والسماء وأراد أن يخلق الإنسان هذه الارض خلق له الماء الذي فيه قوام الارض حياته وحياة من حوله من الكائنات الحية.. فالماء هبة الله لنا, وعصب حياتنا, وأساس وجودنا وكياننا, وبدونه لايمكن أن تبقي كائنات حية نباتية أو حيوانية أو بشرية علي وجه الأرض, ومن هذا القول فإن المياه باتت اليوم هي قضية مصر الأولي, ويتزايد خطرها مع سنوات المستقبل. وقد كانت وثيقة مصر للقرن الحادي والعشرين والتي تم اقرارها عام 1999, واحدة من أهم وثائق مصر حيوية في التحدث عن ثقافة صون المياه, حيث اشارت الي أن صون الموارد المائية المتاحة لمصر, وهي موارد محدودة يتزايد عليها الطلب, وحسن ادارة هذه الموارد هو أحد مشروعات مصر القومية للقرن القادم والتي تتطلب الجهود والعزائم, ويؤدي فيه كل فرد دوره ويتحمل مسئوليته. بالاضافة الي كل ما قيل, فقد أوجز الدكتور محمود أبوزيد رئيس المجلس العربي للمياه في محاضرته القيمة التي ألقاها مؤخرا بعنوان مصر وحوض النيل بين الماضي والحاضر والمستقبل, بمكتبة الاسكندرية قائلا: إن أزمة المياه في حوض النيل لاتعود إلي ندرة المياه, ولكن لسوء استثمار الموارد المائية المتاحة, مشيرا إلي أن نسبا كبيرة جدا من المياه التي تسقط علي حوض النيل تضيع, هباء, وأن أكبر خطر يواجه مصر الآن في موضوع المياه هو التلوث, والذي يوجد له مظاهر عديدة, وأضاف أن مصر تواجه أيضا عددا من التحديات في هذا الإطار, منها التغيرات المناخية, وتدني كفاءة الاستخدامات المائية, وعدم تفعيل مشاركة مستخدمي المياه والقطاع الخاص, ونقص الاعتمادات المالية, وعدم الالتزام باللوائح والقوانين, وألمح إلي أن نصيب الفرد من المياه يقل بشكل ملحوظ بسبب ثبات المورد المائي وزيادة عدد السكان, حيث بلغ نصيب الفرد عام 1950 من المياه 12050 مترا مكعبا, وانخفض في عام 2000 إلي 7310 أمتار مكعبة, ومن المتوقع أن ينخفض عام 2035 إلي 5210 امتار مكعبة. وكما جاء بالدراسة التي نشرتها شركة مابل كروفت البريطانية مؤخرا عن المشاكل الكثيرة التي ستواجه امدادات المياه والتي أوضحت ان دول القارة الافريقية (التي نحن منها وهي منا) هي الأكثر تعرضا لخطر الفقر المائي في العالم, وذكرت الدراسة أيضا ان الري الزراعي يستهلك 70% من المياه العذبة في العالم, بينما تستهلك الصناعة 22%, وعلي هذا سيكون علي الدول المهددة بالفقر المائي ومنها مصر أن ترشد استخدام المياه, سواء في الزراعة أو الصناعة أو حتي في الاستخدام المنزلي, وأنني من خلال نافذة قضايا وآراء أدعو للقيام بحملة قوية يقوم من خلالها قراء جريدة الاهرام الغراء الي دعم ونشر الوعي بأهمية قطرة الماء للمصريين, وتقديم اقتراحات مثمرة يتم بثها الي المصريين تساعد الحكومة في ترشيد مياه الشرب والري والصناعة. أخيرا, فإن التحديات المستقبلية التي ستواجه قطاع المياه بمصر كثيرة, وفي مقدمتها ندرة الموارد المائية وثبات حصة مصر من مياه النيل في ظل الزيادة السكانية المتنامية والتي تقدر بمعدل 104 ملايين نسمة في السنة, إضافة إلي تدني نوعية هذه الثروة القومية يوما بعد يوم, تدعونا الي تضافر جهود جميع الأجهزة والمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وجميع فئات المجتمع خاصة علي مستوي الشباب نحو النهوض بقطرة الماء والحفاظ عليها وتنميتها, ان مصرنا الحبيبة التي ندعو الله أن يحميها من كل شر, تستحق منا الكثير, هيا بنا نشارك في تلك الحملة, فالأمر يستحق ومصر ايضا تستحق, ومصداقا لقول النبي (صلي الله عليه وسلم) لاتسرف ولو كنت علي نهر جار. المزيد من مقالات د.حامد عبدالرحيم عيد