أكد الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أننا نعيش حالة فوضى فكرية ، وأن فوضى الفتاوى الجاهلة التى صدرت من الجهال كانت سببا في قتل الأبرياء، وسفك الدماء وسلب الأموال وانتهاك الأعراض، وان ما يحدث في العالم والمنطقة العربية تحديدا في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، بسبب فوضى الفتاوى الدينية، وما تمارسه الجماعات التكفيرية من استغلال الدين في ممارسة القتل والذبح وغير ذلك. وقال إن تقنين وضبط الفتوى وقصرها على المتخصصين يعالج كثيرا من السلبيات ويؤدي إلى انتشار الأمن والأمان، وفهم الناس لحقيقة هذا الدين الذي جاء ليحافظ على الإنسان. وقال في حوار ل «الأهرام» إن لجان مجمع البحوث الإسلامية تعمل على حفظ السنة النبوية والدفاع عن الشبهات التي تثار حولها، وان الأزهر يدرس به 38 ألف طالب أجنبي من 140 دولة، كما ينتشر وعاظه المستنيرون في 86 دولة وانه كذلك يولى عناية خاصة للطلاب الوافدين وينظم لهم دورات تدريبية لتحصينهم من الفكر التكفيري الذي تنشره الجماعات الإرهابية عبر المواقع الالكترونية.. وإلى نص الحوار: هل نحن بحاجة إلى قانون لضبط ساحة الفتوى؟ لا شك أن تقنين الأمور من أهم ما يعين على ضبطها، وفيما يتعلق بالفتوى والواقع الذي نعيشه والنتائج السلبية التي نعاني منها، بسبب فوضى الفتاوى، ونحن بحاجة الى مثل هذا القانون للقضاء على هذه الفتاوى الضالة والجاهلة التي صدرت من هؤلاء الجهال والتي كانت سببا فيما أشرنا إليه من قتل الأبرياء وسفك دمائهم وسلب أموالهم وانتهاك أعراضهم. ما دور مجمع البحوث الإسلامية في تصحيح المفاهيم الخاطئة؟ يقوم المجمع بدور كبير في تصحيح المفاهيم عبر محاور متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر الموسم الثقافي الأسبوعي الذي يقيمه مجمع البحوث الإسلامية في قاعة مؤتمر الأزهر ويحضره عدد كبير من وعاظ الأزهر من جميع مناطق الجمهورية ليستفيدوا من معالجة الأساتذة المتخصصين للقضايا المطروحة، مثل: مفهوم الجهاد، والإلحاد، والتطرف والغلو، وتغيير الفتوى بتغيير الزمان والمكان والحال. كما تتم طباعة هذه المحاضرات وتوزيعها على جميع مناطق الوعظ ليعمم فقهها على جميع الوعاظ، هذا بالإضافة إلى أن للمجمع نشاطا ثقافيا أسبوعيا في مدينة البعوث الإسلامية لتوعية الطلاب الوافدين من الفكر التكفيري، وبيان المعالجة الحقيقية من اليسر والسماحة وقبول الآخر والتعددية الدينية، والمذهبية والفكرية وحقوق وواجبات المواطنة ودور الوافدين في مواجهة التطرف والغلو وغير ذلك من أنشطة المجمع التي تركز على تصحيح المفاهيم ومقاومة الفكر المتطرف. ما هو دور القوافل في تصحيح الخطاب الديني؟ لا شك أن القوافل الدعوية تؤدي دوراً توعوياً في بيان التعاليم السمحة للإسلام، وذلك من خلال طرح موضوعات عصرية يحتاج إليها المواطن في حياته، خاصة في ظل حالات التضليل والتزييف التي تمارس باسم الدين، من خلال ما تقوم به الجماعات التكفيرية التي تقتل وتذبح وتحرق باسم الدين، وتمارس تجارة الرقيق الأبيض، وغير ذلك من القضايا التي جعلت الإنسان العادي في حيرة من أمره، ويحتاج إلى بيان الرأي الشرعي الصحيح في ذلك. ما هي خطة المجمع لنشر التوعية بين الشباب خلال الصيف؟ لدينا تنسيق مستمر بين وزارة الشباب والرياضة من خلال تفعيل مراكز الشباب في جميع أنحاء الجمهورية واستثمار طاقات الشباب في الأنشطة المتنوعة التي لن تأخذ شكلاً معيناً بالتركيز على الأمور الدينية فقط، بل ستكون هناك أنشطة رياضية وفنية في ممارسة هوايات الرسم والقراءة للقصص الهادفة التي تنمي أخلاق الشباب، هذا بالإضافة إلى المسابقات الدينية في موضوعات يسيرة حسب المراحل العمرية بشكل تربوي، مع توجيه رسالة موجزة وهادفة لاستعادة منظومة القيم والأخلاق في حياة الشباب والصغار، لأن التركيز على الصغار أمر مهم للغاية، حيث تتشكل ثقافتهم وتصوراتهم، وكثير من عاداتهم في المراحل المبكرة من عمرهم. الفوضى الفكرية ما هو دور لجان المجمع في الحفاظ على السُنة النبوية وما تتعرض له من هجوم في بعض وسائل الإعلام؟ يعمل المجمع من خلال اللجان المنبثقة عنه على الرد على الشبهات التي تثار حول السنة النبوية، سواء فيما يتعلق بالسند أو المتن، وما يتعلق بعلم مصطلح الحديث، ولدينا في المجمع موضوعات كثيرة اشتملت على تلك الردود، ولكن لابد وأن نؤكد حقيقة مهمة مفادها ضرورة توافر المنهجية العلمية للتعامل مع السُنة، فكم نحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نتعامل مع السُنة النبوية رواية ودراية، ولذا حينما افتقدت تلك المنهجية رأينا حالة الفوضى الفكرية التي نعيشها، مما جعل الخوض في المسائل العلمية الدقيقة متاحاً لكل من لا يملك الأهلية المعرفية. وكيف كان تعاملكم مع حالة الفوضى الفكرية؟ برغم هذه الظاهرة إلا أننا مع ذلك قمنا برصد تلك الشبهات الغريبة، وتم الرد عليها، ونعمل على نشرها بالطرق المناسبة التي تيسر الرجوع إليها، سواء من خلال الكتب التي ضمت عدة ردود على تلك الشبهات أو من خلال المواد العلمية الموجودة على موقع مجمع البحوث الإسلامية. كيف يمكن إحياء الدور العالمي للمجمع بتفعيل لجانه وضم أعضاء من مختلف الدول الإسلامية؟ بالنسبة لإحياء الدور العالمي لمجمع البحوث الإسلامية، فإن دور المجمع موجود وقائم بالفعل، ومستمر في العطاء من خلال مبعوثي الأزهر الشريف الذين يتم ابتعاثهم إلى أكثر من (68) دولة في أنحاء العالم، أو من خلال الخدمات التي يقدمها المجمع لحوالي ثمانية وثلاثين ألفا من الوافدين والوافدات، يدرسون في الأزهر من أكثر من 140 دولة في العالم، ودور المجمع عالمي من خلال تلك المنح التي يقدمها الأزهر إلى 130 دولة في العالم.هذا بالإضافة إلى أننا لدينا إشراف على أكثر من 25 معهداً في الخارج، فكل هذه الخدمات تقدم من خلال مجمع البحوث الإسلامية، فهذا يثبت مدى الدور الكبير الذي يلعبه المجمع داخل وخارج البلاد. ما دور إدارة الوعظ في مواجهة الفكر التكفيري؟ وما هي الأنشطة التي تقدم للوافدين؟ نقوم في المجمع بتزويد المسلمين في أنحاء العالم بالكتب والمراجع الإسلامية، ونعمل أيضا على إقامة الأنشطة الثقافية للطلاب الوافدين في مدينة البعوث الإسلامية، وطرح قضايا عصرية، نهدف من خلالها إلى تحصين وتحذير الوافدين من تسرب الفكر التكفيري عبر المواقع الإلكترونية، كما أننا في مجمع البحوث الإسلامية نعمل على وضع البرامج العلمية التي تعمل على التكوين العلمي الرصين لهؤلاء من خلال منهج الأزهر الشريف في نشر وبيان معالم الوسطية والسماحة واليسر والاعتدال ورفع الحرج ومراعاة مصالح الناس، وأهمية فهم بُعد الزمان والمكان والحال، وتأثير ذلك على الفتوى التي تتغير حسب تلك الأمور. كيف يمكن استعادة منظومة القيم والأخلاق في المجتمع المصري؟ لا يمكن استعادة منظومة القيم والأخلاق سواء في المجتمع المصري أم في غيره من المجتمعات إلا بالعودة للإسلام والتعرف على جوانب العظمة في هذا الدين، فالإسلام لا يعني حرمان الإنسان من التمتع بطيبات الحياة، ولا يعني العزلة أو الحكم على الناس بالكفر أو أنهم فُسّاق أو مبتدعون أو غير ذلك... فالقيم والأخلاق في الإسلام تحترم إنسانية الإنسان، وتؤكد حقوقه وحرياته، ولا شك إن إشاعة ثقافة الحب والتعايش والتراحم واحترام حياة وحقوق الآخرين، والتعاون بين الناس كل ذلك وغيره يساعد على استعادة منظومة القيم والأخلاق التي نحن بحاجة شديدة إليها خاصة في هذه الظروف العصيبة التي أدت إلى غياب القيم العليا. لماذا توقف المؤتمر السنوي؟ وهل سيعود مرة أخرى؟ لم يتوقف المؤتمر السنوي، بل لدينا مؤتمر عن تجديد الفكر الإسلامي قريبا سيتم تحديده وسيكون بصفة دورية جديدة إن شاء الله. ما الرسائل التي ترسلها للمواطن على أرض مصر؟ أقول للمواطن احرص على معرفة الرؤية الإسلامية في القضايا المختلفة، وابتعد عن الاستماع إلى فتاوى الجهلاء، واحرص على معرفة الدليل (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) واعلم أن الأزهر الشريف هو منار الوسطية والفهم الواعي للإسلام، وأن مصر محروسة بإذن الله تعالى، وأنها ستعبر الأزمة بفضل الله أولا ثم بجهود المخلصين من أبنائها وبأزهرها المعمور وعلمائه المخلصين لكننا بحاجة إلى التعاون والتراحم والترابط والمحبة والمودة ونبذ الخلاف.