تفرق مراكز الأبحاث الأمريكية الكبري في بحوثها وبرامجها في المرحلة الراهنة ما بين تنظيم القاعدة الذي لا توجد قاعدة أرضية معروفة له, وبين حركة طالبان الأفغانية التي يخوض حلف شمال الأطلنطي والولاياتالمتحدة اليوم حربا شرسة ضدها. الآراء لا تتحد علي تطورات تنظيم القاعدة رغم ما ذكره ليون بينيتا مدير وكالة الاستخبارات المركزية لصحيفة واشنطن بوست مؤخرا, من أن الحملة العسكرية ضد القاعدة في الأراضي الباكستانية قد دفعت أسامة بن لادن وقيادات القاعدة إلي الاختباء, وأن قدرات التنظيم قد تراجعت بشدة ولن يستطيع شن هجمات داخل أمريكا علي غرار11 سبتمبر2001, في المقابل, يري محللون أن القاعدة تتبع تكتيكات جديدة وتنمو علي نحو غير منظور للأجهزة الغربية بدليل العمليات المتناثرة, التي أسهمت بالمصادفة وحدها في معرفة مرتكبيها قبل وقوعها مثل حادث طائرة ديترويت في أواخر ديسمبر الماضي, والذي قام والد شاب نيجيري بالإبلاغ عنه قبل تنفيذ العملية بساعات فقط, والكشف عن8 حالات لعناصر يشتبه في صلاتها بالقاعدة في الأراضي الأمريكية في الأسبوعين الأخيرين, ويستشهد خبراء بالأرقام الحديثة بتزايد أعداد المعتقلين من المتعاطفين مع القاعدة في الولاياتالمتحدة, فقد كانت أمريكا حتي عام2008, لا تصادف أكثر من حالة سنوية ثم حالة كل شهر في عام2009 ثم ثماني حالات في أقل من شهر في2010. في الجانب الآخر, يري محللون آخرون أن القاعدة تخسر حربا أيديولوجية في مواجهة مساندة شعبية لتيار الاعتدال في العالمين العربي والإسلامي, بعد أن ساهمت هجمات القاعدة في عمق المجتمعات العربية, خاصة في العراق والسعودية والمناطق الساحلية السياحية في مصر في الشعور بخروج هذا التنظيم عن كل التعاليم الدينية, والحدود, وفي المرحلة الجديدة تبدو حركة طالبان شريكا محتملا للسلطة في أفغانستان لأنها ببساطة, من صلب المجتمع وتمثل تكوينة متمردة علي السلطة القائمة, والقراءات الجديدة للوضع الأفغاني تشير الي أن تنظيم القاعدة يبدو غير متشبث بمواقعه في الأراضي الأفغانية حيث أشارت ندوة ب مؤسسة أمريكا الجديدة الليبرالية في واشنطن إلي أن تقديرات الاستخبارات ترجح أن تدريبات عناصر القاعدة في المناطق المتعاطفة مع التنظيم الإرهابي تمثل نسبة52% من عمليات التدريب في العالم, و42% خارج باكستانوأفغانستان, و5% في الشرق الأوسط, ومن بين المحاولات الإرهابية في الفترة ما بين عامي2004 و2005 والتي بلغ عددها131 محاولة, تقدر الأجهزة الاستخبارية تدريب18% من منفذي العمليات في باكستان مقابل71% نفذوا المحاولات بلا تدريب و1% فقط حصلوا علي جرعات تدريبية في الشرق الأوسط. والمعروف أن موجة من المتطوعين الأوروبيين توافدت علي الأراضي الباكستانية اعتبارا من عام2006 وهو ما غير من طبيعة العمليات الإرهابية, وتشير التحقيقات مع عدد من المنفذين لعمليات تم إجهاضها أنهم توجهوا إلي باكستان لغضبهم من الحرب الأمريكية علي العراق, وأفغانستان, وبدافع المشاركة في الجهاد الكبير ضد الغرب تحت تأثير التعاليم المغلوطة في مؤسسات دينية إسلامية في الغرب. ويتوقع بيتر بيرجن الخبير المعروف في شئون الإرهاب المزيد من محاولات القاعدة لشن عمليات في عام2010, ويقول: إن هذا التنظيم, والجماعات علي نمطه, لا تهتم كثيرا بالتأييد الشعبي في الدول العربية والإسلامية, وستواصل محاولات إثبات الوجود رغم أن القوات العسكرية الأمريكية نفذت في عهد الرئيس أوباما هجمات يفوق عددها إجمالي ما نفذته في سنوات حكم جورج بوش. وقالت الباحثة بارابرا سود من مؤسسة راند والخبيرة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية إن تقديرات الاستخبارات تشير إلي أن أسامة بن لادن زعيم القاعدة لايزال يحتفظ بقدرة علي توجيه العمليات من مخبئه, فيما تمثل جزيرة العرب وشرق إفريقيا وشمال إفريقيا المراكز الرئيسية للقاعدة, وتعتقد تقديرات الاستخبارات أن100 عضو من القاعدة ينشطون فعليا في الأراضي الأفغانية وهو عدد كاف لإدارة مهام بن لادن وأيمن الظواهري وتحريك شبكة الموالين, وجميع التحليلات مبنية علي تقديرات للموقف ومقابلات مع مسئولين محليين ومقاتلين سابقين في طالبان دون أن تكون هناك مصادر من الدرجة الأولي للأجهزة الأمريكية, ويري محللون أن هناك نقصا خطيرا في المعلومات فشلت واشنطن في علاجه في عشر سنوات كاملة, ولم تعد أساليب تقليدية مثل دس تقارير عن الشقاق بين القاعدة وطالبان تحت تأثير العمليات الأخيرة للقوات الأمريكية تنطوي علي مصداقية كبيرة في نظر المحللين. وتصف مراكز أبحاث أخري الوضع في أفغانستانوباكستان بأنه شديد التعقيد نتيجة وجود جماعات حديثة التكوين تنتمي إلي القاعدة, وتتخذ من مناطق بعينها ملاذات آمنة لا تتوافر بشأنها معلومات كثيرة, فقد أصدر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني, الأكثر قربا من إسرائيل في واشنطن, دراسة عن تلك الملاذات الآمنة تقول إن القاعدة تعلمت من أخطاء نشر مقاتليها في الأراضي العراقية, مما أدي إلي تحرك العشائر والقبائل المحلية ضدها, فتقوم القاعدة اليوم بإمداد الجماعات المحلية في باكستانوأفغانستان بخبراتها لتخوض حروبا بالوكالة نيابة عن التنظيم الأكبر. لكن مجلة فوربس المعروفة في عالم الأعمال والبزنيس ذهبت أبعد من ذلك بالحديث في عدد أخير عن وجود أدلة علي الإفلاس المالي لتنظيم القاعدة من واقع تراجع عدد العمليات والتضييق الدولي علي الشبكة الإرهابية ووكلائها في العواضم الغربية, ومن جانبه, يحلل الكاتب الأمريكي فريد زكريا حالة التنظيمات الجهادية اليوم بتأكيد تراجع التعاطف معها منذ أن شرعت في ضرب أهداف في بلدان عربية مهمة مثل السعودية بعد الهجمات الدامية التي قامت بها فروع التنظيم في العراق, وأن الشارع العربي توجه نحو دعم تيار الاعتدال لوقف نزيف الخراب الذي تشكله تنظيمات مثل القاعدة, وتوقع الكاتب الأمريكي أن تستمر الحرب ضد تيار العنف الديني لأن هناك مناخا يساعد علي استمرارها في العالم العربي والحل الأمثل هو تطوير ثقافة مدنية حقيقية وانفتاح سياسي تدريجي وصولا إلي ديمقراطية كاملة.