مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 18 مايو بعد ارتفاعه في 7 بنوك    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة "اصليح" بخان يونس جنوب قطاع غزة    خالد أبوبكر: مصر ترفض أي هيمنة إسرائيلية على رفح    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    بعد 94 دقيقة.. نوران جوهر تحسم الكلاسيكو وتتأهل لنهائي العالم للإسكواش 2024    قبل مواجهة الترجي.. سيف زاهر يوجه رسالة إلى الأهلي    «مش عيب تقعد لشوبير».. رسائل نارية من إكرامي ل الشناوي قبل مواجهة الترجي    «لو هتخرج النهارده».. حالة الطقس اليوم في مصر وموعد انتهاء الموجة الحارة    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم بقنا (أسماء)    عمرو دياب يُشعل حفل زفاف ريم سامي (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    معلومات الوزراء يسلط الضوء على زيادة ميزانية التعليم بموازنة الدولة الجديدة    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    تعادل لا يفيد البارتينوبي للتأهل الأوروبي.. نابولي يحصل على نقطة من فيورنتينا    حضور مخالف ومياه غائبة وطائرة.. اعتراضات بيبو خلال مران الأهلي في رادس    منها سم النحل.. أفكار طلاب زراعة جامعة عين شمس في الملتقى التوظيفي    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    "الذهب في الطالع".. خبير اقتصادي: يجب استغلال صعود المعدن الأصفر    خالد بيومي: هذه نقاط قوة الترجي.. وأنصح كولر بهذا الأمر    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    فيضانات تجتاح ولاية سارلاند الألمانية بعد هطول أمطار غزيرة    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    إصابة 6 أشخاص بطلقات نارية في معركة خلال حفل زفاف بأسيوط    وسط حصار جباليا.. أوضاع مأساوية في مدينة بيت حانون شمال غزة    مسؤول: واشنطن تُجلي 17 طبيبًا أمريكيًا من غزة    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    عايدة رياض تسترجع ذكرياتها باللعب مع الكبار وهذه رسالتها لعادل إمام    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    "الصدفة خدمتهما".. مفارقة بين حارس الأهلي شوبير ونظيره في الترجي قبل نهائي أفريقيا    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ساعة الحساب»
حصاد ثلاثين عاما من عمل التقرير الإستراتيجى العربى
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 05 - 2015

يتزامن صدور العدد السابع والعشرين من التقرير الاستراتيجى العربى فى ابريل 2015، مع بلوغ التقرير عامه الثلاثين. وقد ظل التقرير طوال هذه المرحلة بمثابة «الإصدار الأم» لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
والذى سبق بقية الإصدارات الشهرية والربع سنوية والسنوية الأخرى مثل «كراسات استراتيجية» و«مختارات إسرائيلية» و«مختارات إيرانية» و«ملف الأهرام الاستراتيجي» (الذى تحول إلى الملف المصري) و«أحوال مصرية» و«شئون تركية» و«بدائل» و«تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية». كما أنه الإصدار الوحيد الذى يكتب ويساهم فيه غالبية إن لم يكن كل خبراء وباحثى المركز، عام بعد آخر، فضلا عن مشاركة خبراء وباحثين من الخارج، مما جعله واسع الانتشار ويعبر عن «ماركة تاريخية» بين صفوف النخبة الأكاديمية والبحثية، بتنوعاتها الجيلية وأطيافها السياسية ومآلاتها المهنية وإسهاماتها الفكرية، ليس فى مصر فحسب وإنما فى المنطقة العربية ككل، باعتباره أحد المراجع الأساسية فى الكتابات الأكاديمية الجماعية المنتظمة الصدور كل عام، وهو ما يعكس القدرة على الاستمرارية فى الإنتاج البحثي.
وعلى مستوى ثان، صار التقرير الاستراتيجى العربى النموذج الإرشادى لبقية التقارير الاستراتيجية الدورية الأخرى مثل تقرير حال الأمة العربية الذى يصدره مركز دراسات الوحدة العربية، وتقرير «أمتى فى العالم» الذى يصدره مركز الحضارة للدراسات السياسية، والتقرير الاستراتيجى الخليجى الذى تصدره وحدة دراسات الخليج بصحيفة الخليج الإماراتية، وتقرير الخليج فى عام الذى يصدره مركز الخليج للأبحاث، والتقرير الاستراتيجى الإفريقى الذى يصدره مركز البحوث الأفريقية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، والتقرير الاستراتيجى السودانى الذى يصدره مركز الدراسات السودانية، والتقرير الاستراتيجى المغربى الذى يصدره مركز الدراسات والأبحاث فى العلوم الاجتماعية بالرباط، والتقرير الاستراتيجى السورى الذى يصدره المركز السورى لدعم القرار، والتقرير الاستراتيجى الفلسطينى الذى يصدره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، والتقرير الاستراتيجى الإسرائيلى الذى يصدره المركز الفلسطينى للدراسات الإسرائيلية (مدار) برام الله، والتقرير الاستراتيجى الإيرانى الذى يصدره المركز المصرى للدراسات السياسية والتنموية.
وتكمن أهمية التقرير مقارنة بالتقارير السابق ذكرها، رغم جودة أغلبيتها، فى أنه يعبر عن الاتجاهات السائدة فى العالم فى عام، وليس قاصرا على مناطق أو إقاليم جغرافية (الأمة العربية او الدائرة الخليجية أو القارة الإفريقية) أو دولة بعينها. وعلى مستوى ثالث، يستحوذ التقرير على نصيب من الاهتمام فى الدوائر الأكاديمية الدولية بسبب أنه يمثل أول تقرير استراتيجى يصدر عن رؤية عربية للنظام الدولى والنظام الإقليمى العربى والنظام السياسى المصري، فضلا عن اشتراك بعض رؤساء تحريره ومستشاريه وخبرائه وباحثيه فى حلقات النقاش وورش العمل والندوات والمؤتمرات التى تنظمها مراكز البحث والتفكير فى عواصم غربية وآسيوية وأفريقية ولاتينية، بل كان التقرير أحد الهدايا «القيمة» التى يطلبها «شركاء التخصص» فى الخارج، لاسيما الأعداد المترجمة منها أو حتى النسخ العربية فى حال ما إذا كان الخبير الأجنبى المتخصص غالبا فى شئون المنطقة العربية والحالة المصرية يجيد اللغة العربية تحدثا وكتابة، لاسيما وأن هناك سعى من جماعة تحرير التقرير Arab Report Community لأن يكون التقرير مواكبا لمعايير الأداء التى تلتزم بها التقارير الاستراتيجية الدولية التى تصدر من واشنطن ولندن وباريس وجنيف وتل أبيب.
ويعود ذلك التميز الثلاثى الأبعاد للتقرير الاستراتيجى العربى إلى النقاش الداخلى المكثف بين معديه للاستقرار حول المفهوم الحاكم له عام بعد آخر، بما يؤدى إلى إحداث بعض التغييرات سواء من حيث الشكل أو المضمون، لكن بدون المساس بالهيكل الموروث، على حد تعبير د.محمد عبدالسلام رئيس التحرير السادس للتقرير، وإن أصبحت المتغيرات أكبر من الثوابت، بل صارت الثوابت هى المتغيرات.. فقد أصبحت الأحداث المتلاحقة التى تشهدها مستويات التحليل الثلاثة الرئيسية (العالم، الإقليم، مصر) فى السنة «كبيسة» وطويلة بدرجة تؤدى إلى أنها قد تشهد تحولات استراتيجية فى اتجاهين أو أكثر فى نفس نطاق الوحدة الزمنية، وهو ما يمثل إرهاقا شديدا على الباحث خاصة فى «التقارير المزدوجة» أى التى تغطى تطورات عامين فى تقرير واحد.
لكن الأهم، أن إدارة المركز برئاسة الأستاذ ضياء رشوان وهيئة تحرير التقرير بقيادة د.عمرو هاشم ربيع تعطى أهمية مركزية فى الاعداد المقبلة للتحول من تقديم توصيفات وتحليلات إلى توجيه «إنذارات» مبكرة لما قد نشهده مستقبلا، وهو نمط من التحليلات المتقدمة التى يتضمن الوصول إليها الاهتمام ببناء القدرات للأجيال الجديدة من شباب خبراء وباحثى المركز، ليس فقط على التحليل الدقيق أو التشخيص السليم للقضية محل البحث وإنما عبر التمتع بأدوات أخرى تتمثل فى استخدام المؤشرات «الإجرائية» وتوظيف الإحصاءات والرسوم البيانية والخرائط التوضيحية والصور المعبرة وأطر المعلومات المركزة، وهى كلها أمور تزيد من «صدقية التقرير».
فى هذا السياق، تناقش هذه الدراسة المصغرة ثلاث نقاط رئيسية هي: المحاور الحاكمة لهيكل عمل التقرير الاستراتيجى العربى على مدى ثلاثة عقود، والتحديات الرئيسية لانتظام صدوره، والسياسات المقترحة لتطويره فى السنوات المقبلة.
أولا: المحاور الحاكمة لهيكل عمل التقرير الاستراتيجى العربي
يمكن تقسيم المحاور الحاكمة لعمل التقرير الاستراتيجى العربي، وفقا لثلاثة أبعاد رئيسية، هي:
(أ) الأشخاص، باعتبارهم القوة البشرية المساهمة فى إخراج التقرير إلى النور، حيث شارك فى إعداد وتحرير أعداد التقارير البالغة سبعة وعشرين عددا خلال ثلاثة عقود، 456 خبيرا وباحثا من داخل المركز و326 خبيرا وباحثا من خارج المركز، فضلا عن 245 باحثا مساعدا، بحيث وصلت حصيلة عدد المشاركين فى التقرير 1027 شخصا، البعض منهم صار لاحقا عضوا بالمركز، ومن بين هؤلاء كاتب هذه السطور، فى حين صار البعض منهم دبلوماسيين وأكاديميين وإعلاميين.
وإذا انتقلنا من العام إلى الخاص، فقد تعاقب على رئاسة تحرير التقرير، على مدى ثلاثة عقود، ثمانية أشخاص، بدءا من أستاذ الأجيال والأب الروحى للمركز أ.السيد يسن ومرورا ب د.محمد السيد سعيد ود.وحيد عبدالمجيد ود.حسن أبو طالب وأ.عبدالفتاح الجبالى ود.محمد عبدالسلام ود.عماد جاد ود.عمرو هاشم ربيع، بحيث ظهرت قواسم مشتركة بين بعضهم البعض فى المعالجة البحثية للاتجاه الرئيسى الحاكم لعمل التقرير فى أقسامه الثلاث المختلفة (الدولي- العربى والإقليمي- المصري) مع وجود هويات متمايزة أيضا، بما يعكس تجديد دماء التقرير ويترك «بصمة»، فترة بعد أخرى.
ولم يقتصر الإسهام على رؤساء التحرير بل امتد ليشمل أدوارا لا يمكن إنكارها، خاصة لمستشارى التحرير، ويظل أ.السيد يسن الخبير الوحيد الذى تكرر اسمه فى التقرير، كرئيس للتحرير أو مستشار للتقرير، فى الأعداد السابعة والعشرين بنسبة 100%، واحتل أ.د. على الدين هلال أستاذ النظم السياسية المقارنة بجامعة القاهرة المرتبة الثانية، إذ كان مستشارا لمجموعة جمهورية مصر العربية فى التقرير الأول (1985)، ثم أصبح مستشارا للتقرير ككل منذ التقرير الثانى (1986) وحتى التقرير الرابع والعشرين (2008-2009).
ويعد د.سامى منصور من أبرز المستشارين التى ارتبطت أسماؤهم بالتقرير، إذ كان مستشارا لمجموعة النظام الدولى والإقليمى فى تقرير (1985) ثم أصبح مستشارا للتقرير ككل منذ تقرير (1986) وحتى تقرير (2007-2008). ويظل د.أسامة الغزالى حرب أحد أبرز المستشارين الذين أسهموا فى تحرير التقرير بل وكتابة مسودته الأولى، علاوة على كونه مقرر مجموعة جمهورية مصر العربية فى تقريرى (1985- 1986) والمنسق العام ومقرر مجموعة مصر فى تقارير (1987-1988-1989) ومقرر مجموعة مصر فى تقرير (1990) ونائب رئيس التحرير فى تقرير (1991) ومستشار لتحرير التقرير منذ تقرير (1994) وحتى تقرير (2008-2009).
كما كان د.محمد السيد سعيد واحدا من أبرز المساهمين الرئيسيين فى تحرير التقرير الاستراتيجي، على مدى عشرين عددا، إذ شغل موقع مقرر مجموعة النظام الإقليمى العربى ثم النظام العربى ثم المنسق العام ومدير التحرير ثم رئيس التحرير ثم مستشارا لتحرير التقرير منذ تقرير (1994) وحتى تقرير (2007-2008). كما أن د.طه عبدالعليم ظل مستشارا للتقرير، على مدى ثلاثة عشر عددا، علاوة على كونه مسئول عن القسم الاقتصادى فى التقرير خلال سبع سنوات.
ويلى هؤلاء المستشارين لتحرير التقرير د.وحيد عبدالمجيد رئيس تحرير مجلة «السياسة الدولية» الذى كان مستشارا لتحرير التقارير الست التالية (2003-2004) و(2004-2005) و(2005-2006) و(2006-2007) و(2007-2008) و(2008-2009)، بخلاف كونه رئيسا لتحرير التقارير (1997) و(1998) و(1999) و(2000). كما يعد د.حسن أبوطالب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار المعارف أحد المستشارين البارزين للتقرير فى أعداده الثلاث التالية (2006-2007) و(2007-2008) و(2008-2009)، فضلا عن كونه رئيسا لتحرير التقرير (2001) والتقارير المزدوجة الأولى (التى عالجت أكثر من عام) وهى (2002-2003) و(2003-2004) و(2004-2005) و(2005-2006).
فضلا عن ذلك، هناك كتيبة أخرى من الخبراء الذين أسهموا فى تحرير التقرير، مثل د.عبدالمنعم سعيد مدير المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية حيث كان مستشارا للتقرير لثلاث أعداد متتالية (1990) و(1991) و(1992)، فضلا عن كونه أول مدير تحرير للتقرير (1985) ثم المنسق العام له فى التقرير الثانى (1986). وكذلك الحال بالنسبة ل أ.د.سعد الدين إبراهيم الذى كان مستشارا لمجموعة النظام الإقليمى العربى فى تقرير (1985) ثم مستشارا للتقرير ككل فى أعداد (1986) و(1987) و(1988) و(1989) و(1990). كما كان د.أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مستشارا لتقرير (1991) فضلا عن مشاركته فى تقارير (1988) و(1989) و(1990). وهكذا، كان التقرير بمثابة «النافذة» التى أطل من خلالها رموز مهنية بارزة على الجماعة العلمية فى مجال التحليل الإستراتيجي.
كما أسهمت أجيال بحثية، خاصة من خريجى قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة القاهرة فى منتصف الثمانينات من القرن الماضي، بدرجات متفاوتة ولكنها متقاربة، فى إعداد التقرير الاستراتيجى منذ التحاقها بالمركز وحتى صدور التقرير الأخير. فقد جاء د.عمرو هاشم ربيع نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى المرتبة الأولى بعدد 22 مشاركة، وتلاه د.عماد جاد نائب مدير المركز بعدد 20 مرة، وتلاه د.محمد عبدالسلام المدير الأكاديمى لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بعدد 18 مرة، ثم د.أيمن السيد عبدالوهاب بعدد 17 مرة، ثم أ.مجدى صبحى نائب مدير المركز بعدد 16 مرة، ثم د.جمال عبدالجواد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بعدد 15 مرة.
وانطلاقا من ذلك، ظلت النسب الغالبة المشاركة فى كتابة موضوعات التقرير الاستراتيجى من الداخل (أى من داخل الهيئة العلمية للمركز) أكبر من الخارج، بل كانت بعض التقارير مثل (1993) و(1994) بدون مشاركة من الخارج. مع الأخذ فى الاعتبار تقارب نسب المشاركة بين خبراء وباحثى الداخل والخارج فى تقارير (1989) و(1991) و(1996) و(2006-2007) و(2008-2009). وتجدر الإشارة إلى أن أكثر التقارير التى شهدت مشاركة لخبراء وباحثين من الداخل هى تقريرى (1992) و(2013-2014) بعدد 23، فى حين كانت أقل التقارير مشاركة من جانب باحثى الداخل تقرير (1999) بعدد 7 باحثين، وهو ما يشير إليه جدول «1».
جدول «1»
نسب مشاركة الباحثين الرئيسيين والمساعدين من الداخل والخارج
(ب) المداخل، اختلفت المداخل التى استخدمها رؤساء تحرير التقرير الاستراتيجى العربى فى رسم ملامح الأعداد السنوية. فقد ركز أ.السيد ياسين على دراسة الهياكل المؤسسية (البنائية) سواء فى النظام الدولى أو النظام العربى أو النظام المصري. وهنا، تم التركيز على أداء مؤسسات الاقتصاد العالمى وقمم الدول الصناعية والمنظمات الاقتصادية الدولية والجات وأداء مؤسسة الجامعة العربية وتجربة لجان تنقية الأجواء العربية وتفاعلات وعمليات النظام العربى سواء كانت مبادلات تجارة أو هجرة عمالة أو تفاعلات ثقافة، وكذلك أداء التجمعات الإقليمية الفرعية مثل مجلس التعاون الخليجى والاتحاد المغربي، ودراسة القنوات غير الرسمية للتفاعلات العربية، فضلا عن اختبار مدى مؤسسية العلاقات الخارجية للنظام العربى مثل (النظام العربى والعالم الثالث) و(الأداء العربى فى الأمم المتحدة).
أما د.محمد السيد سعيد رحمه الله فقد ركز على الاتجاهات الرئيسية فى النظام الدولى والإقليمى والمصري. فعلى سبيل المثال، أشارت تقارير (1994) و(1995) و(1996) إلى الطابع الانتقائى لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وتهميش يعض القضايا الرئيسية والمؤتمرات الدولية كآلية لتنظيم التفاعلات والخروج من الركود فى الاقتصاديات الصناعية الكبرى وآفاق الشراكة الأوروبية المتوسطية وأبعاد «الإقليمية الجديدة» وتشكل مجتمع مدنى عالمى ومسار اتجاه خريطة العنف فى العالم (فى أوروبا بعد تعصب اليمين والعنف الأصولى الوافد، وفى آسيا عبر النزعات الانفصالية وحق تقرير المصير، وفى افريقيا عبر ميراث الحرب الأهلية والتحول إلى الديمقراطية، وفى امريكا اللاتينية عبر انتشار المخدرات والفقر والجريمة) وتأثير العقوبات الاقتصادية على العلاقات الدولية وتعديل السياسات المالية لدول مجلس التعاون الخليجى وتصاعد قضية المصالحة فى العلاقات العربية البينية ومشكلات الحدود العربية- العربية، سواء تمت تسويتها أو جار تسويتها أو تعثر تسويتها.
فى حين اهتم د.وحيد عبدالمجيد بالتفاعلات البينية مثل (العرب والتفاعلات الدولية) مثل الدور الأمريكى فى عملية التسوية العربية الإسرائيلية وتحولات السياسة الأمريكية فى العراق والرهان العربى على التحول فى النظام العالمى وتعقيدات علاقات حلف الناتو بدول الشرق الأوسط، و(العرب والتفاعلات الإقليمية) مثل تأثير العلاقات التركية الإسرائيلية على الوضع العربى وأبعاد العلاقات الإيرانية - السورية، حتى فى النظام السياسى المصرى كان هناك اهتمام ب (تفاعلات نظام الحكم) و(تفاعلات المجتمع السياسي) و(تفاعلات المجتمع المدني) و(التفاعلات الاجتماعية).
أما د.حسن ابوطالب فقد اهتم بالقضايا المحورية فى العالم والإقليم ومصر، والتى قد تنتج عن أزمات دولية أو إقليمية مثل هجمات 11 سبتمبر، وتكوين تحالف دولى ضد الإرهاب، والعمليات العسكرية الأمريكية فى أفغانستان، والإسلام والمسلمون فى الإعلام والفكر الغربي، ومستقبل الجماعات الإسلامية بعد هجمات 11 سبتمبر، والثورة فى الشئون النووية، ومناهضة العولمة والليبرالية الجديدة، وحالة المعلوماتية فى العالم، وأزمات الاندماج للمسلمين فى أوروبا، والإسلام الآسيوى بين الاعتدال والعنف، وأسيا بين البرامج النووية والحركات الانفصالية، ودور حلف الناتو فى الشرق الأوسط، والأزمة العراقية- الأمريكية، ومحورية النفط فى الحرب الانجلو أمريكية على العراق، ومعضلات إعادة بناء عراق ما بعد الغزو، وبناء الجيش العراقى الجديد، والعدوان الإسرائيلى على لبنان، وتمكين المرأة العربية، مع إيلاء قدر من الاهتمام للاتجاهات أيضا مثل التدويل فى الشرق الأوسط، والتهديدات فوق التقليدية فى الإقليم.
وقد اتبع أ.عبدالفتاح الجبالى مدخل الاتجاهات الأساسية، الذى سبق أن اتبعه د.محمد السيد سعيد ود.حسن أبو طالب بدرجة أقل، ومن أبرز الموضوعات فى التقارير التى ترأس تحريرها الجبالى ما يلي: صعود اليسار فى أمريكا اللاتينية والكوارث المؤكدة للتغيرات المناخية، وإحياء مفاهيم التعاون والأمن الإقليمى والموجة الثالثة: مشكلات الانتشار النووى فى الشرق الأوسط، وإشكالية العلاقة بين السنة والشيعة فى الإقليم، و«الحقبة الإيرانية» فى منطقة الشرق الأوسط، وتصاعد الدور الإقليمى لجنوب افريقيا، وتصاعد مشكلات الهجرة غير الشرعية من مصر إلى أوروبا.
فى حين ركز د.محمد عبدالسلام على الظواهر السائدة مثل تنامى ظاهرة المد الشيعى فى شمال افريقيا ومشكلات العمالة تلقى بظلالها على العلاقات المصرية العربية والعدالة الجنائية الدولية فى المنطقة العربية وتصاعد دور الشركات العربية متعددة الجنسية ونموذج دبى يواجه اختبارا شديد الصعوبة واستمرار تصاعد الدور الإقليمى لإيران فى الشرق الأوسط، وموجة جديدة من الانقلابات العسكرية فى افريقيا، وتطور مسار الاحتجاجات الاجتماعية فى مصر، وظاهرة برامج التوك شو والصحافة الخاصة، والانترنت فضاء يثير ظواهر ومشكلات جديدة، ودلالات الالتفاف الجماهيرى حول المنتخب الوطنى لكرة القدم، والظواهر الجديدة فى الخريطة الدينية.
وعاود د.عماد جاد اقتراب التفاعلات البينية الذى اتبعه د.وحيد عبدالمجيد مثلما برز فى تقرير (2011-2012) حيث تطرق التقرير إلى الدور الأمريكى فى ثورات الربيع العربي، وأوروبا والربيع العربي، ومواقف الصين وروسيا من الثورات العربية، وتفاعلات مجلس التعاون الخليجى والاتحاد المغربى مع الحراك الثورى العربي، وأزمة علاقات دول الخليج مع جماعة الإخوان المسلمين، وحسابات تركيا مع الحراك الثورى العربي، وأثر الثورات العربية على مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية.
وركز د.عمرو هاشم ربيع على التغيرات الانتقالية مثل «الصعود الآوراسي» فى النظام العالمي، واختلال التوازن فى السياسة الروسية لصالح التوجه شرقا والأسس الحاكمة للسياسة الإسرائيلية فى الشرق الأوسط، وإعادة هيكلة مؤسسة الرئاسة فى عهدى الرئيس عدلى منصور وعبدالفتاح السيسى وانفراط عقد الحركات الثورية من تحالف 30 يونيو وتغير التحالفات الانتخابية فى عام 2015 وتحولات السياسة الخارجية المصرية بعد 30 يونيو. كما بدأ د.عمرو فى تخصيص قسم فرعى داخل التقرير معنى بالظواهر قيد التشكل مثل «الأطراف الرخوة»: مشكلات أمن الحدود فى المنطقة العربية، و«عولمة جهادية»: تدفقات المقاتلين الأجانب العابرة للحدود فى الشرق الأوسط.
(ج) الموضوعات، بلغ عدد الموضوعات التى نشرت فى التقرير، على مدى ثلاثة عقود، (645) موضوعا، وتوزعت على محاور عمل التقرير فى ثلاثة أقسام رئيسية، على النحو التالي: (158) للقسم الدولي، و(275) للقسم العربى والإقليمي، و(212) للقسم المصري. وكانت أكثر الأعداد التى خصصت أكبر مساحات للموضوعات تقرير (1995) بواقع «49» موضوعا، وتلاه تقرير (2013-2014) بواقع «38» موضوعا، وكانت أقل الاعداد تخصيصا لعدد الموضوعات تقرير (1988) حيث بلغ عدد الموضوعات (10).
وكان القسم العربى أكثر الأقسام التى احتوت على موضوعات كميا مقارنة بالقسمين الدولى والمصرى فى التقارير المختلفة بواقع «18» مرة، وتساوى القسم العربى فى عدد الموضوعات مع القسم المصرى بعدد «4» مرات، وجاء بعد القسم المصرى فى «5» مرات، وهى تقارير (1991) و(1992) و(1995) و(1996) و(2010). ويرجع تفسير غلبة الموضوعات العربية والإقليمية من مبرر أساسى وهو النطاق الجغرافى المركزى الحاكم للتقرير الاستراتيجى العربى فى الدائرة العربية وما يحيط بها من تفاعلات دول الجوار المحيطة بها.
وإذا انتقلنا من العام إلى الخاص، فقد كان تقرير (1995) أكثر التقارير اهتماما بالموضوعات فى القسم الدولى بعدد 216 تقريرا، تلاه تقرير 2008 ب 11 موضوعا، وتقرير 1996 و2010 ب 9 موضوعات لكل منهما، وتقرير 2001 و2006 ب 8 موضوعات لكل منهما، فى حين كان تقرير 1988 أقل الإصدارات التى خصصت موضوعات للقسم الدولى بعدد موضوعين. ورغم صغر المساحة فى التقارير المتعلقة بالموضوعات الدولية لكن ثمة موضوعات فرعية منبثقة عنها.
فى حين كان تقرير (2013-2014) أكثرها من حيث عدد الموضوعات المتعلقة بالقسم العربى والإقليمى بعدد (20) موضوعا، تلاه تقرير (2002-2003) بعدد (18) موضوعا، ثم تقرير (2008-2009) بعدد (17) موضوعا ثم تقرير (1995) بعدد (16) موضوعا. أما تقرير (1995) فكان أكثر التقارير تخصيصا لموضوعات القسم المصرى بعدد (17) موضوعا تلاه تقرير (1996) بعدد (16) موضوعا، وتقرير (2010) بعدد (13) موضوعا، وتقرير (2011-2012) بعدد (12) موضوعا. وكانت تقارير (1986) و(1987) و(1988) و(1989) و(2001) أقل التقارير التى خصصت موضوعات للقسم المصرى بعدد (4) موضوعات لكل منها، وهو ما يشير إليه جدول «2».
جدول «2»
الأقسام المختلفة فى التقرير الاستراتيجى العربي
وهنا، يمكن الإشارة إلى ثلاثة محاور لتغطية الموضوعات الرئيسية فى التقرير الاستراتيجى العربي، على النحو التالي:
(*) التفاعلات الدولية، اهتم القائمون على تحرير التقرير، بالتفاعلات الدولية بشكل عام مع التركيز بوجه خاص على تأثيراتها على الشرق الأوسط، على نحو ما بدا فى الأعداد الخمسة الأولى فى التركيز على موازين القوة العسكرية للولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى ومدى تأثيرها على سياستهما إزاء الشرق الأوسط، والرؤية الأمريكية للترتيبات الأمنية بعد حرب الخليج الثانية، وتجارة الغذاء الدولية وانتشار المجاعات فى الدول الأفريقية، والقوى البازغة فى النظام الدولى مثل اليابان والصين والجماعة الأوروبية حينذاك (قبل أن تتطور إلى صيغة الإتحاد الأوروبي)، والتحولات الجارية فى هيكل النظام الدولى والأليات المؤسسية القديمة الجديدة فى الحوار بين الشمال والجنوب.
(*) التحولات الإقليمية والعربية، حظيت باهتمام كبير من جانب إدارات تحرير التقرير الاستراتيجى فى سنوات مختلفة لاسيما مع التركيز على تأثير «السخط الداخلي» على استقرار النظم السياسية القائمة. وفى هذا الإطار، كان هناك اهتمام مبكر فى التقرير بالتحولات الجارية فى بنية الدولة الوطنية العربية، بحيث تضمن 26 تقريرا من إجمالى 27 تقريرا بموضوعات مختلفة تمس بشكل مباشر أو غير مباشر هذا الموضوع، بنسبة 96,2%. وكان التركيز فى تقارير مختلفة على علاقة الدولة بجماعات الإسلام السياسي، وهو ما يعكس إدراك إدارات تحرير متعاقبة للتقرير بأن الخيارات البديلة للنظم العربية الحاكمة هو الحركات الإسلامية، وهو ما أثبتته الخبرة العملية فى مرحلة ما بعد الحراك الثورى فى العام 2011.
وركز تقرير (2010) و(2011-2012) (2013-2014) على التحديات التى تواجه الدولة العربية، وخاصة (تحديات البقاء والتماسك)، سواء ما يتعلق بصراعات بناء الدولة الليبية والمسارات المتباينة لتحديات الدولة الوطنية فى المغرب العربي، والسيناريو المفاجئ لاحتمالات اضطراب بنية الدولة فى الخليج العربى والتأثيرات المضاعفة للعراق فى ظل الاستقطاب السياسى ومسارات التحول الإقليمى وأعراض الهشاشة فى الدولة اليمنية وصعوبات الخروج من المرحلة الانتقالية فى الصومال. فبقاء الدولة الوطنية صار مركزيا فى اهتمامات التقرير الاستراتيجى العربي. واللافت للنظر اهتمام التقرير الاستراتيجى العربى منذ الأعداد الأولى وحتى العدد الأخير بأدوار القوى الرئيسية فى الشرق الأوسط.. فقد اهتم 18 تقريرا من إجمالى 27 تقريرا بموضوع دور مصر الإقليمى بنسبة 66٫6 %، فى بؤر مختلفة. كما اهتم التقرير بدول الجوار الجغرافى وتحديدا تركيا وإيران وإسرائيل وأثيوبيا، بأوزان نسبية مختلفة، سواء على مستوى التفاعلات الداخلية أو التحركات الإقليمية، وهو ما يشير إليه جدول «3».
(*) التطورات المصرية، رصدت أعداد التقرير الاستراتيجى العربى التفاعلات الداخلية فى مصر عبر تحديد أدوار سلطات الدولة (التنفيذية- التشريعية- القضائية) والعلاقات فيما بينها، وأدوار الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية وجماعات الضغط (رجال الأعمال) واتجاهات الصحافة المصرية والمشكلات الاقتصادية (مشكلة التضخم- ضعف النمو الداخلي- انتاج واستهلاك الطاقة- أزمة الديون الخارجية- البطالة وسوق العمل) وتقييم سياسات الإصلاح والتكيف الهيكلي، ومسار التطور فى العنف السياسى والجنائى والدينى واتجاهات التطور فى السياسة الخارجية لمصر والسياسة الدفاعية والتسليحية وأنشطة القوات المسلحة فى مجال الخدمة الوطنية.
جدول « 3 »
أبرز الموضوعات التى تناولها التقرير الإستراتيجى العربي
ثانيا: التحديات الرئيسية لانتظام صدور التقرير الاستراتيجى العربي
واجهت إدارات تحرير التقرير الاستراتيجى العربي، فى فترات زمنية مختلفة، تحديات مختلفة، على النحو التالي:
(*) بلورة الرؤية الحاكمة، التى تتطلب التكامل بين أجزاء التقرير والتوازن فى المعالجة الأكاديمية لموضوعاته لاسيما مع تنوع معديه سواء كانوا خبراء أكاديميين أو ضباط متقاعدين أو دبلوماسيين سابقين أو إعلامين مستقلين، ينتمون إلى تيارات فكرية مختلفة ومدارس علمية متنوعة وتوجهات سياسية متباينة، مما يتطلب التحلى بالمهنية والمنهجية العلمية وتحييد الإنحيازات السياسية.
(*) تسارع التحولات السائلة، بصورة مذهلة سواء فى العالم والإقليم ومصر، بما لم يمكن فرق العمل المختلفة فى التقرير من متابعة مختلف التطورات، وهو ما يوجد إشكالية لإصدار تقرير سنوى فى عالم يتغير يوميا وليس شهريا، وبالتالى يعرض إشكالية التحديث المستمر للموضوعات فى التقرير خاصة تلك التى تتعرض للتغير الحاد أحيانا فى السنة الواحدة، لاسيما بعد التغير الحادث فى مفهوم الإقليم وهياكل الدول وطبيعة الفاعلين.
(*) تقديم القيمة المضافة، عبر محاولة التوفيق بين دراسات الحالة والاتجاهات العامة، بحيث يتم تجاوز الوقائع إلى اكتشاف الاتجاهات الرئيسية. فلم تعد هناك مشكلة ندرة معلومات بل غزارة معلومات متاحة فى وسائل الإعلام، مع تعدد مراكز الدراسات وتزايد المطبوعات الصادرة عنها، وأصبحت التحليلات الشهرية – إنن لم تكن اليومية- تلبى احتياجات قطاع كبير من مستهلكى الأكاديميات، وهو ما يفرض على معدى التقرير تقديم منتج متميز فى سوق مختلف.
(*) ظهور الممانعة السياسية. كان أحد الأهداف الرئيسية لصدور التقرير هو تقييم أداء المؤسسات السياسية المختلفة، لاسيما فى مصر، وهو ما بدا مقابلا باتجاه يغلب عليه الممانعة والرفض والرغبة لوقف هذا الإنتاج العلمي، على نحو ما برز خلال عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك لولا موقف «إدارة المركز». وقد تكرر ذلك بعد وصول الرئيس الأسبق محمد مرسى للحكم، حيث تعرض المركز لعملية تجميد استهدفت وقف نشاطه وإجراء عملية إحلال وتبديل حتى يتوافق مع الخط العام للنخبة «الإخوانية».
(*) توافر الموارد المالية، إذ أن تكلفة طباعة وتحرير ومناقشة التقرير الاستراتيجى لا يمكن تخيلها، لكن مختلف مجالس الإدارة لمؤسسة الأهرام، كانت تقدم فيضا من الرعاية المعنوية والمساندة العملية للتقرير، إيمانا منها بالدور الريادى والتنويرى الذى يقوم به مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية فى المجال العام ليس فى مصر وإنما فى الشرق الأوسط، بحيث تبوأ المكانة الأولى فى العام قبل الماضى ثم المكانة الثانية فى العام الماضي، ولولا هذا الدعم المؤسسى لتعثر التقرير منذ سنوات صدوره الأولى.
ثالثا: السياسات المقترحة لتطوير أداء التقرير الاستراتيجى العربي
هناك مجموعة من السياسات التى يمكن إتباعها، لتطوير الأعداد المقبلة من التقرير، على النحو التالي:
(*) توسيع قاعدة المشاركة العربية فى الاعداد المقبلة للتقرير، وذلك بتكوين لجنة استشارية من الخبراء والمفكرين العرب لتحكيم بعض موضوعاته، فضلا عن استكتاب بعض الباحثين للإسهام فى تحرير التقرير والكتابة فى شئون بلادهم.
(*) استحداث قسم خاص للدراسات المحكمة، موقعة بأسماء مؤلفيها تتناول القضية المركزية أو الإشكالية الرئيسية فى كل قسم، مع الحرص على تقديم توقعات مدروسة وخيارات بديلة تتعلق بملامح المستقبل.
(*) وضع فهرسة كاملة لأعداد التقارير المختلفة من التقرير الاستراتيجى العربى منذ صدوره الأول فى عام 1986، وصدوره الأخير فى عام 2015، على شبكة المعلومات الدولية «الأنترنت»، بما يساعد الباحثين والخبراء والمهتمين على الوصول بسهولة للأجزاء التى يرغبون الإطلاع عليها.
(*) عقد ورش عمل ربع سنوية للوقوف على مسار عمل الأقسام المختلفة من التقرير الاستراتيجي، بما يؤدى إلى التعرف المبكر على مكامن الخلل فى أجزائه ومعالجتها وإثراء مضمون التقرير من ناحية وتمتين روابط علمية وإنسانية بين المشتركين فى كتابته من ناحية أخرى.
(*) استعادة التقليد السنوى لمناقشة التقرير الاستراتيجى العربى بالتعاون بين مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، للاستفادة منها فى أعداد التقرير اللاحقة.
(*) إعادة تنظيم المؤتمر الاستراتيجى العربى بين مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وبعض المراكز الأخرى فى المنطقة العربية، باختيار قضية ملحة وعاجلة طرحت فى هيكل التقرير، وتحمل تأثيرات مستقبلية على الدولة الوطنية والنظام الإقليمى العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.