حين يدخل "الشارع والبلطجية والألتراس والمخدرات فى سياسة مجتمعات"، وينتظر "الشتاء الإقليمى" فى منطقة الشرق الأوسط مستقبلاً غامضًا تحوم حوله توقعات - ربما- بنيت على أسس واهية، فإن ذلك يثبت أن تنبؤات التغيير قد وصلت إلى سطح الحقيقة، وأن "السياسة الدولية" تنتظر تحولات قد لاتتوقعها عقول العلماء.. كل ذلك كان محل الأبحاث والتقارير والدراسات التى خرج بها العدد الجديد "يناير 2012" لمجلة "السياسة الدولية" التى تصدر عن مؤسسة الأهرام. بدأ العدد الجديد فى المجلة بافتتاحية لرئيس تحريرها، د. محمد عبد السلام، تحت عنوان "الشتاء الإقليمى".. التعايش مع فترات الانتقال الطويلة فى الشرق الأوسط، تحدث خلالها محاولا تفسير مايجرى على الساحة المصرية والعربية والدولية "حاضرًا ومستقبلاً"، وتطرق خلال هذا التفسير إلى الانتخابات البرلمانية، والمد الإسلامى، وربط كل ذلك بمحاولة الوصول إلى الاستقرار ومفاهيمه، وصولا إلى تفسير الحياة فى إقليم غير مستقر، وهو منطقة الشرق الأوسط. وتبع افتتاحية "السياسية الدولية"، عدد من الدراسات التى تحدثت عدة موضوعات شائكة، مصريا وعربيا، وبدأت بدراسة للدكتورة نادية سعد الدين، مدير تحرير الدراسات والمعلومات بجريدة الغد، الأردن، عن الحل الدولى الخاص بالسيناريوهات المختلفة لإقامة الدولة الفلسطينية، ثم تبعها دراسة للدكتور خالد عبد العظيم، الباحث والمتخصص فى العلاقات الدولية بالأهرام إبدو، حول ما أسماه بالعثمانية الجديدة، بشأن تحولات السياسة الخارجية التركية فى الشرق الأوسط، ثم رصدت الدكتورة إيمان أحمد رجب الباحثة بوحدة الدراسات الأمنية والاستراتيجية بمركز الأهرام ، تحت عنوان "اللاعبون الجدد" أنماط وأدوار الفاعلين من غير الدول فى المنطقة العربية. تحت عنوان "كيف يفكر العرب"، رصد السفير نبيل فهمى رؤيته للسياسة الخارجية المصرية خلال الفترة المقبلة، وسبل الوصول نحو سياسة خارجية مصرية فعالة، بينما تحدث السفير عزمى خليفة، عن التغيرات التى تعرضت لها دول الخليج العربى، وموقفها من ثورة 25 يناير فى مصر، بينما حاولت الدكتورة هناء عبيد تفسير دور العوامل الاقتصادية والاجتماعية فى التمهيد للفعل الثورى فى المنطقة العربية. حمل ملف العدد الجديد من "السياسة الدولية" عنوان: "2012.. التحولات الانتقالية المؤثرة فى تشكيل مستقبل النظام العالمى"، حيث كانت مقدمة هذا الملف تحت عنوان "العاليم يتحول" حيث رصد أبو بكر الدسوقى مساعد رئيس التحرير، والمشرف على ملف العدد، الحقائق الجديدة التى طرأت على الخريطة العالمية، ثم تناول الدكتور العربى صديقى حالة السخط العالمى، من خلال الزلزال الاستراتيجى الذى يضرب أركان العالم، فيما كتب الدكتور جمال محمد سليم عن حالة العجز الديمقراطى، الخاصة بأزمة النظم السياسية الليبرالية فى العالم الجديد. وتحدثت الدكتورة سلوى العنترى فى هذا الملف عن الانهيار الممنوع، ورصدت تحت هذا العنوان مستقبل القطاع المالى الاحتكارى العالمى، ثم تبع ذلك حالة من الكساد العالمى، حاول رصدها الدكتور عمرو عدلى من خلال موضوعه الذى تناول الاقتصاد العالمى من الأزمة إلى الركود، فيما جاءت المعادلات الجديدة فى مقال للدكتور وليد محمد عبد الناصر، ليتحدث خلاله عن تحولات موازين القوى فى النظام الدولى، إلى أن جاءت عولمة الأقاليم التى فسرها الكاتب محمد فايز فرحات، تحت عنوان "الترتيبات عبر الإقليمية من الأمن إلى الاقتصاد"، فضلاً عن الواقع الافتراضى الذى اشترك فى رصده الكاتبان شريف رشد وإسراء إسماعيل، وتناولا فى شرحه، الانعاكاسات السياسية والاقتصادية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، بينما تناول الدكتور محمد قدرى سعيد المخاطر المباشرة، ومستقبل السياسة الدفاعية فى العالم، تلاه موضوع حمل عنوان "المليارات السبعة" للدكتور أيمن زهرى، تحدث فيه عن التداعيات الاقتصادية والسياسية للقضية السكانية. تناول العدد الجديد من "السياسة الدولية" عددًا كبيرًا من التقارير والتحليلات لأهم الأحداث على الساحة العالمية، كان فى مقدمتها تقرير حمل عنوان " العالم بين عامين" كتبه سامح راشد، مساعد رئيس التحرير، المشرف على قسم التقارير، ثم تبعه تقرير للباحث أحمد أبو طالب تحدث فيه عن "أنونميس" والقرصنة السياسية عبر الفضاء الإلكترونى، فيما طرح الدكتور معتز سلامة تساؤلاً مفاده: هل يؤدى اتفاق نقل السلطة إلى استقرار اليمن؟ لكنه اعتلى هذا التساؤل بعبارة وصف فيها اليمن بأنه "دولة لانظام". رصدت الكاتبة نزيرة الأفندى أزمة منطقة اليورو فى مواجهة الوحدة الأوروبية، التى اعتبرتها "أزمة كاشفة"، فيما تناول الدكتور أيمن شبانة، دوافع وأبعاد التدخل الكينى فى الصومال، واعتبر هذا التدخل "فاعل إقليمى جديد"، كما تحدث الدكتور مصطفى عيد، الخبير الاقتصادى عن التأثيرات الاقتصادية والسياسية لضريبة الكربون فى أستراليا. فيما كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية محل مقارنة عند الدكتور يسرى أبو شادى، الذى وضعها ما بين "المهنية والسياسية"، واتخذ من الملف الإيرانى نموذجا على ذلك، بينما كشف الدكتور عبد الرحمن عبد العال معاناة المجتمع الهندى من الفساد، وإشكاليات مواجهته، وأنواع هذا الفساد وأسباب انتشاره، ثم حاولت الدكتورة رجاء إبراهيم سليم بعد ذلك، رصد الأشكال المتحولة لتداول السلطة فى القارة السمراء، مابين الانقلاب والانتخاب والتوريث. كما رصدت المجلة موضوعات عدة كانت وظلت شائكة على المحيط الدولى، وكان بديهيًا أن ترصد التداعيات السياسية والأمنية للانسحاب الأمريكى من العراق، حيث تحدث الباحث أحمد السيد تركى عن أعراض ما بعد الاحتلال، وتنازعات الإرادات بين واشنطن وبغداد، معتبرا أن الانسحاب كان عسكريا بينما ظل البقاء تعاقديًا. وتناول الباحث أحمد دياب الأبعاد الداخلية والإقليمية لمشكلة المخدرات فى المكسيك، واعتبر أنها تجارة عبرة للحدود، متحدثا عن هذه الظاهرة بكل أبعادها، مدعما ذلك بالأرقام والإحصائيات.. بينما على النقيض من "مخدرات المكسيك"، جاء الحديث عن الأدوار التدخلية للجامعة العربية فى الأزمات الإقليمية، حيث تناول الباحث محمد بدرى عيد دورها الغائب، وموقفها من الثورات العربية، وتوقعاته لدورها المستقبلى، فيما كانت تركيا حاضرة مع الباحث أحمد السكرى حين تناول تعقيدات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبى، ووصف ذلك بالمسار المتعثر، فضلا عن الدور القطرى فى السياسة العربية، وسياسة هذه الدولة الصغيرة تجاه دول الثورات العربية، طريقة تغطية الجزيرة لهذه الثورات، وكان ذلك فى تقرير للدكتورة مروة فكرة. فى شأن ذى صلة، اتخذ ملحق "تحولات استراتيجية" الذى يصدر مع مجلة "السياسة الدولية"، من النموذج المصرى مثالًا له، حيث رصد مستقبل مصر بعد الثورة، ومدى إمكانية أن تؤسس الثورة المصرية نموذجًا، ثم تحدث الدكتور حسن سلامة عن السيناريوهات الثلاثة لمستقبل الدولة فى مصر، بينما الدكتور أحمد فاروق غنيم تناول طرق الإصلاح المؤسسى لتفعيل "السوق الحر"، بينما حدد الدكتور على ليلة سبل إعادة الهيكلة لبناء مجتمع نموذج، ثم وضع الدكتور سليمان العطار البنية الثقافية الجديدة التى من خلالها نتحدى الأطر التقليدية، وأخيرًا ناقش الدكتور محمد سالمان طايع التغييرات المنضبطة للسياسة الخارجية. كان "الشارع" عنوان الملحق الثانى ل"السياسة الدولية"، حيث أشار غلاف الملحق إلى أن الشارع هو القوى الاكثر تأثيرًا فى فترات مابعد الثورات، لذلك سألت الباحثة إيمان أحمد رجب فى مقدمة هذا الملحق قائلة "لماذا سياسات الشارع"، لكنها أجابت عن نفسها بمحاولة تفسير حركية الشارع سياسيًا واجتماعيا، مصريا وعربيا، وما حواه هذا الشارع من قوى متنوعة، يصعب على الكثيرين تحديد ماهياتهم، أو ديناميكية عملهم. وناقش الملحق خمس صور أو ظواهر، يمكن من خلالها دراسة الشارع وحركيته، والقوى غير المنظمة التى يتألف منها، وحمل القسم الأول عنوان "الرأى العام"، وناقشت الباحثة رانيا مكرم، أساليب قياس الرأى العام وأنماط تأثيره فى السياسة الداخلية والخارجية للدول، ومدى تأثره بالعوامل الدينية، بينما ناقش الباحث أشرف عبد العزيز، فى القسم الثانى "المحتجين" كقوة فى الشارع المصرى، تعبر عن نفسها من خلال المظاهرات والاعتصامات، واعتبرها أحد المداخل التقليدية فى تحليل المزاج السياسى للشارع. تناول القسم الثالث من الملحق "القوى الزاحفة" غير المنظمة، التى تحتشد تلقائيا، بينما جادلت الباحثة رضوى عمار، من خلال رصدها لهذا القسم، بأن التأثير الرئيسى لهذه الظاهرة لا يمس الدول التى تشهدها، بقدر مايمس سياسات الدول الأخرى، التى تتعامل معها، لكن تظل قدرة القوى الزاحفة على بناء نظام جديد غائبة، ما لم تتحول إلى حركات اجتماعية فاعلة فى المجتمع. حاولت الدكتور أمل حمادة، خلال مناقشتها للقسم الرابع الذى يحمل عنوان "القوى التى تتحدى السلطة" أن تتخذ من حالة "الألتراس" فى مصر مثالا لها، واعتبرت أن هذه الفئة تلعب دورا مهما فى إعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والشارع فى مصر، بينما ناقش القسم الخامس البلطجية، كقوة فاعلة فى الشارع، لم يعد بالإمكان تجاهل وجودها وناقش ذلك، الباحث أحمد أبو زيد، حين رصد زيادة حدة البلطجة بعد سقوط نظام مبارك تحديدًا.