أعجبنى تعقيب محرر «بريد الأهرام» على رسالة «البسمة على وجوه حزينة» بشأن مستشفى سرطان الأطفال 57357، إذ قال «ومن الضرورى أيضا تأكيد إتاحة الفرصة لجميع المصابين بالسرطان من الأطفال فى العلاج بهذا المستشفى، إذ ترد إلينا شكاوى عديدة بعدم قبول بعض المرضى، مرة بحجة عدم وجود أماكن، ومرة لأنهم يشترطون عدم خضوع الحالة لأى علاج من قبل، وفى كل الأحوال فإن الأطفال المرضى ليس لهم ذنب! والأمر فى حاجة إلى مراجعة شاملة للفلسفة التى يقوم عليها المستشفى».وبالفعل تجب مراجعة الفلسفة التى يقوم عليها هذا المستشفى، مستشفى بهذا القدر وعلى هذا المستوى، يجب ألا يغلق أبوابه دون الحالات الصعبة أو المستعصية المحولة إليه من مراكز أخرى أو أطباء آخرين. فالمستشفيات المتميزة فى تخصصاتها مثل مستشفى 57357، يطلق عليها فى العالم كله اسم مراكز العناية الثانوية أو الثالثوية حيث تستقبل الحالات التى فشل علاجها فى المراكز الأولية الأخرى أو استعصى على أطبائها، فتسخر فى سبيل، إمكاناتها البشرية والتقنية الهائلة ويحدث هذا فى مصر، وفى جميع أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، المستشفى الذى أعمل به وهو مستشفى الأطفال اليابانى التابع لجامعة القاهرة، يستقبل حالات عظام الأطفال المحولة إليه من ريف مصر وصعيدها، ومعظمها عولج من قبل أو مازال تحت العلاج ففشل علاجه، فلا نوصد أبوابنا دونها، فالأطفال المرضى لا ذنب لهم. كما أن مستشفى جامعيا كمستشفانا، هو صرح علمى وطبى فى القطر، تحتم عليه أن يستقبل هذه الحالات القادمة اليه التى أطلقنا عليها أسم الحالات الثالثوية، فيقوم بعلاجها وتقويم ما يكون قد حدث من قصور فى علاجها. أما أن نرفض استقبالها،خوفا من تضاؤل فرص شفاء أصحابها لبلوغها هذه المرحلة المتقدمة من المرض والمضاعفات بسبب العلاج السابق غير المجدى، من أجل أن تظل نسب الشفاء مرتفعة فى الإحصائيات الرسمية التى تصدرها المستشفى، فهذا لا نرى له مثيلا فى العالم، ويضرب رسالة الطب السامية فى أساسها. د. يحيى نور الدين طراف