التعليم الفنى فى بعض الدول المتقدمة يعد قاطرة الاقتصاد الوطنى لهذه الدول فبلد مثل المانيا فإن نظام التعليم الفنى فيها جعل صادرتها السنوية تقارب 1500 مليار دولار سنويا وجعلها تحتل المرتبة الثالثة عالميا بعد الصين وأمريكا، وفى مصر عانى التعليم الفنى لعدة عقود من التدهور والتهميش والإهمال وتدنى نظرة المجتمع إلى خريجى هذا النظام التعليمي، وأخيرا أدركت الدولة أهميته فى بناء اقتصاد الدول ووفقا لتطور الأوضاع فى البلد ودخولها فى مرحلة التنمية المستدامة والمشروعات والاستثمارات الكبيرة خلال المرحلة القادمة صدر القرار الجمهورى بإنشاء أول وزارة للتعليم الفني، الأهرام ذهبت إلى الدكتور محمد يوسف أول وزير للتعليم الفنى وهو الحاصل على الدكتوراه فى هندسة الطرق والكباري، ليرشدنا إلى طريق تعظيم الاستفادة من هذا النظام لعله يخرجنا من نفق التعليم الفنى المظلم ... وكان هذا الحوار: بصفتك أول وزير للتعليم الفنى فى مصر.. ما هى طبيعة المهمة المحددة للوزارة وماذا ستفعل؟ يشرفنى أن أكون اول وزير للتعليم الفني، وهى أيضا مسئولية فالمهام المطلوبة كثيرة ومن بينها تطوير التعليم الفنى وتطوير التدريب وتوفير العمالة الماهرة ،وتطوير المناهج الدراسية وتدريب المدرسين ونحن نعمل فى أكثر من اتجاه الطالب وتدريبه عمليا وتغيير المناهج الدراسية والتدريب المستمر للمعلم، وهناك عنصر مهم وهو مهم للطالب والمدرس، وهو كيف تكون المدرسة جاذبة للطالب والمدرس، هناك أكثر من آلية لذلك من بينها " مشروع رأس المال " وهو مشروع يدر عائدا كل الأطراف المشاركة فيه الأساسى فيها الطالب والمعلم، وأيضا معايير الجودة والسلامة المهنية، وتجهيز المدارس نفسها ومعالجة المشاكل الموجودة فى مبانى المدارس والجزء الأخير فى المنظومة وهو الانتقال إلى سوق العمالة، وأنا أعتقد أن النجاح هوانتقال الطالب إلى الوظيفة التى تدرب عليها وتخصص فيها . ومتى يكون لدينا فنى متخصص بعيدا عن " الأسطى بلية " الذى يدعى الفهم فى كل شيء ؟ هذا يتطلب أن يكون كل من يمارس مهنة على مستوى قياسى واحد سواء من درس أو تعلم المهنة من خلال سوق العمل، وأن يكون هناك معايير ومستوى قياسى للجميع ل ممارسة اى مهنة وهذا ما نسعى إلية فى الوزارة وبالتنسيق مع بعض الوزارات المعنية وسوق العمل . تحدثنا كثيرا عن التعليم الفنى وضرورة الاهتمام بخريجى المدارس الفنية الصناعية ومع هذا لم نجد خطوات ايجابية على الأرض ..فما هى إستراتيجيتكم للتعامل مع هذا المأزق ؟ خطوات كثيرة تمت على الأرض، ولكن دائما ما نكون أمام اتجاهين، إما أن تعمل لتحصل على " شو إعلامى فقط" وأنا لست من أنصار هذا، وإما أن تعمل فى صميم العمل نفسه ،وهنا نعمل على خطتين قصيرة عاجلة ، وطويلة الأمد، الخطة قصيرة الأمد وهى التى نقوم فيها بتأهيل الطلاب و بسرعة لتلبية احتياجات سوق العمل من خلال تدريب الطلاب فى الصناعة للحصول على مستويات مهارة مرتفعة وبالتالى حين يتخرج الطالب وهوجاهز للوظيفة ، وهناك أكثر من برنامج تدريبى تم بالفعل للطلاب فى شركة المقاولون العرب وشركة كبرى لصناعة العزل والنسيج والملبوسات ، والخطة طويلة الأمد وهى التى تمتد لفترات طويلة وسوف نحنى ثمارها بعد فترة أطول . مراكز التدريب المهنى المنتشرة فى بعض الشركات والمصانع التى من المفترض أن يكون دورها إعداد كوادر فنية مدربة أين هى الآن ؟ مراكز التدريب المهنى تحتاج أن يفعل دورها بحلول خارج الصندوق، نظرتى إلى مركز التدريب المهنى أن لها دورين الدور الأول هو التعليم المستمر، والدور الثانى هو مساعدة طلاب التعليم الفنى فى التدريب العملى وهى تتبع الوزارة من حيث التخطيط الاستراتيجى والمعايير لكن الإدارة التنفيذية مع الوزارة التى تتبع لها . للمقاولون العرب تجربة رائدة فى هذا النوع من مراكز التدريب لماذا لا تعمم هذه التجربة وسيادتكم كنت مسئولا عن هذا المركز ؟ يجب أن نأخذ فى الاعتبار أن الشركات تختلف عن الحكومة، فشركة المقاولون العرب شركة وطنية عملاقة وهذا التوجه موجود فيها باعتبار أن التدريب شيء مهم وأساسى وهذا يمكن تحقيقه فى إطار يناسب الحكومة، ويحتاج رؤية فى نظام الحوكمة، والشيء الثانى هو كيفية مخاطبة الفئات المستهدفة للحضور الدورات التدريبية، وهو ما تشتكى منه بعض المركز من عزوف المتدربين عن التدريب . لماذا تفشل الايدى العاملة المصرية فى أخذ مكانها بسوق العمالة على المستوى العربى والاقليمى فى ظل منافسة شرسة مع العمالة الأسيوية ؟ هل هذا يعود إلى نقص الكوادر أم ضعف إمكانات التأهيل ؟ هناك نقطتان مهمتان فى هذا الموضوع وهما التقييم والمتابعة، يجب أن يكون هناك متابعة للطالب أو المتدرب ولذلك يجب أن تختلف الجهة التى تقوم بالتدريب عن الجهة التى تمنح الشهادة، وكانت من نتائج وجود بعض المشاكل فى عملية التقييم أدى إلى تدنى مستوى التقييم بالإضافة غلى عدم وجود معيار واحد واختلاف المعايير بين جهة وأخري، ولهذا لابد من وجود معايير ثابتة ومحددة للطلاب والمتدربين . هل تتصور وأنت وزير للتعليم الفنى أن نستورد عمالة أسيوية لتنفيذ بعض المشروعات فى مصر ؟ البداية من الآن لتدريب الطلاب لسوق العمل، والمعادلة ذات بعدين، ليس فقط أن تعلم الطلاب وتدربهم جيدا، ولكن الأهم هو مناخ العمل نفسه أى أن يحصل العامل على راتب جيد وتأمين صحى وسكن جيد وخدمات تجذبه للعمل بهذا المكان، فهى منظومة متكاملة . هل هناك تضارب فى الاختصاصات بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم الفني، أم أن القرار الجمهورى الذى صدر بأن تكون وزارتكم ذات حقيبة وزارية فض هذا الاشتباك؟ وزارة التعليم الفنى ووزارة التربية والتعليم وجهان لعملة واحدة، فالتنسيق بينى وبين وزير التربية والتعليم على أعلى مستوى ويتم بمنتهى الدقة و الشفافية وكلنا نعلى المصلحة العليا للدولة وميزانية وزارة التعليم الفنى فى مرحلة الدراسة الآن وسوف نعلنها بمجرد صدورها ، فهناك اتصال دائم بينى وبين الدكتور محب وزير التربية والتعليم، ومظاهر هذا هو لائحة الانضباط الخاصة بوزارة التربية والتعليم والتى ادرسها الآن لتطبيقها بالتعليم الفني، فلا وجود لجزر منعزلة بين الوزارات فبلدنا حالتها لا تسمح بذلك وما لمسته من كافة الوزراء هو التعاون، وليس هناك ما يدعو إلى أى خلاف . لا يمكن الارتقاء بالتعليم الفنى بدون تغيير نظرة المجتمع للتعليم الفنى ..كيف تحل هذه المشكلة وتغيير تلك النظرة الطبقية ؟ يجب ان نكون صادقين مع الطالب و أهله أنا لا أجمل الواقع، إذا كنت أعمل بوظيفة مهندس أو فنى هذه هى الحقيقة، ويجب أن تصل معلومات التعليم الفنى مجردة ما له وما عليه، من خلال خطة الاتصالات والتى تحتوى على ما هى الرسالة ومن هو المستهدف وكيفية إيصال الرسالة ليحدث التأثير المطلوب فى المتلقي، وهذا هو نهجنا فى المرحلة القادمة الطرق العلمية لحل المشكلات لا مجال للإفتاء فى ايجاد الحلول. هناك مشروعات للتعليم الفنى قائمة منذ فترة مثل مشروع "مبارك كول".. هل هناك مشروعات جديدة مماثلة مع بعض الدول المتقدمة صناعيا ؟ دعنا من أن نصنع الصنم ونعبده، هذه التجارب جميلة جدا ولكن للأسف الشديد بعد وقت تحتاج إلى إعادة رؤية، وإعادة التنشيط وأن تسأل ما هى الدروس المستفادة ؟ من أجل تطويرها وتحسينها، فالتعليم المزدوج جزء من منظومة التعليم المبنى على العمل، وهناك أكثر من وسيلة له مثل مشروع مدرسة داخل مصنع والذى بدأ فيها الدكتور محمود أبو النصر الوزير السابق، وتعمل بشكل جيد بالتعاون مع وزارة الصناعة قمنا بافتتاح مدرسة داخل مصنع بمدينة برج العرب، وهناك اتصالات مع حكومة اليابان لتطبيق النظام اليابانى فى التعليم الفني، ونحن الآن وصلنا إلى درجة من التشبع فى هذه التجارب وأصبح لدينا خبرة كبيرة فيها ونحتاج الآن إلى تطبيق نظام تعليمى يناسب ظروفنا، لأن هناك تجارب فى بدايتها جميلة، لأنها تختار طلبة الاعدادية بمجموع كبير وحين تخرجهم منها بمجموع كبير تجد أن 90% منهم فى الجامعات، إذن فهى لم تحقق الهدف منها فى تخريج فنى متخصص وقادر، ولهذا يجب أن يكون لنا نظام تعليم فنى مناسب لظروفنا. ما هو تعليق سيادتكم على فوز فريق من طلبة مدرسة الصنايع بالسويس بجائزة المحكمين فى الهندسة بالمسابقة التى اقيمت بالولايات المتحدة فى مجال هندسة الانسان الآلي؟ أنتهز هذه الفرصة لشكر وزارة الخارجية لأنهم قاموا بمجهود جبار فى عملية سفر الطلبة للمشاركة فى هذه المسابقة، وأحب أن أوجه رسالة إلى أبنائنا طلاب المدارس الصناعية أن المشاركة فى مثل هذه المسابقات، هو ما يمكن أن تفعلوه، والفرص متاحة أمام الجميع للتفكير والإبداع والاختراع،وأضيف أن الآن أصبح لكم وزارة خاصة بكم وهذا إن دل على شيء يدل على اهتمام الدولة بالتعليم الفني، وطلاب التعليم الفنى لديهم ميزة أنهم بمجرد تخرجهم يلتحقوا بسوق العمل وفى ضوء المشروعات الكبيرة فى البلد أملنا من الله أن " نلاحق " على هذه المشروعات لإمدادها بالعمالة.