أنا لو من ابناء قرية ابراهيمية الشرقية التي شهدت واقعة التسمم الجماعي صباح أمس الجمعه، لتقدمت علي الفور ببرقيات من الشكر والتقدير الي كل (جركن) في هذا الوطن رفض أن (يركن) وكأنه يحتج علي الأغنية الشعبية المحبطة التي حاولت أن تنال منه ومن وطنيته عندما اتهمته بالخنوع والخوف قائلة (أديك في الجركن تركن)، فالجركن في هذه الواقعة رفض أن يركن وقرر أن يتحمل المسئولية كاملة، لعل وعسي أن يفتح ذلك ملف مياه الشرب في كل قري مصر. لقد نجحت جراكن الابراهيمية أن تذكرنا من جديد بمشاهد أزمة مياه الشرب وعدم صلاحيتها وهي مشاهد نادرا أن تذهب إلي قرية أو نجع إلا ووجدت فيها جركن يقف علي عربات الكارو أو ظهور البغال والحمير وهو يسقي المواطنين ويسد حاجتهم للمياه الصالحة للشرب مزهواً فخوراً، في ظل غياب واضح وصريح لمياه الشركة القابضة التي يبدو انها تفرغت فقط لتحصيل فواتير الاستهلاك دون أن تنتبه الي صيانة معداتها وانتشار محطاتها وقيامها بواجبها وتوصيل المياه للمنازل المحرومة، أما الأخطر والأهم أن هذه الشجاعة (الجركنية) قد تسوقنا إلي تفاصيل خطيرة، الجميع في هذا الموقف الراهن يحاول الابتعاد عنها وإغفالها وهي أن العديد من مصادر المياه الممولة (لتنظيم الجراكن) هي في الأصل ترجع إلي نهر النيل. إن محاولة الشركة القابضة لمياه الشرب إعلان براءتها من تسمم المواطنين وتهديد حياتهم لحظة وقوع الحادث دون أن تنتظر نتائج العينات والتحاليل والمعروف أنها تستغرق وقتاً لا يقل عن 27 ساعة حتي يتبين الخيط الأسود من الأبيض مصداقيتها وحقيقتها أو كما قال ذلك وزير الصحة، إنما هو هروب من المسئولية ومحاولة للفرار من المحاسبة وإلصاق التهمة بجراكن بريئة لم تفعل شيئاً ولم ترتكب جرماً سوي أنها حملت مياه الشركة القابضة المقطوعة عن الناس وراحت توصلها لكل عطشان ومحتاج. لا أريد أن أحسد أهالي الإبراهيمية علي هذا التسمم المشرق بالأمل والتفاؤل، لأنه وببساطة سيكون الباب السحري الذي ستدخل منه محطات جديدة لمياه الشرب والصرف الصحي لكل أهالي الشرقية وليس الإبراهيمية فقط، فحكومتنا اعتادت علي ألا تتحرك إلا إذا وقعت الواقعة وحدثت الكارثة ومات الأبرياء، ولعلها في ذلك تريد أن تبعث إلينا برسالة أن الموت هو الطريق إلي الحياة وإننا اذا أردنا أن نعيش وبصحة وعافية فلابد أن نتسمم ونموت .. ويحيا الجركن لمزيد من مقالات أبوالعباس محمد