هناك الكثير من المستجدات والتطورات على المشهد الانتخابى والسياسى الراهن فى مصر ،وهناك أيضا الكثير من الاتهامات للدستور الجديد بأنه السبب وراء اللغط الذى دار حول قوانين الانتخابات البرلمانية ؛فكان لابد من عرض تساؤلات الرأى العام على السيد عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين التى وضعت الدستور ليرد على تلك الاتهامات ، وأخذ رأيه حول ما يحدث على الساحة الآن ،خاصة أن الرجل له وزنه السياسى ووجهة نظره التى يجب وضعها فى الاعتبار. اللقاء مع موسي، تطرق إلى العديد من القضايا ،أهمها الانتخابات البرلمانية ،والتعديلات الأخيرة على قوانين الانتخابات ، وخبايا المشهد السياسى وصراع الأحزاب ،وغيرها من الموضوعات التى تشغل الرأى العام حاليا.. وكان هذا الحوار: برأيك لماذا لم تأخذ الحكومة بمقترحات الاحزاب لتعديل قانون الانتخابات بزيادة عدد القوائم الى 8 بدلا من أربع ؟ يُرجع في ذلك الى الحكومة واللجنة المختصة، ولكن الواقع يشير الى انه لم يحدث اتفاق بين الاحزاب والقوى السياسية على مقترح واحد يشكل اساسا لانفاذ تعديلات محددة متوافق عليها، وكنت أتمنى أن يحدث توافق حول هذا الامر؛ لتأخذه الحكومة ولجنة إعداد القوانين فى الاعتبار.. وأنا شخصيا كنت أؤيد الاقتراح الخاص بزيادة القوائم الى ثمان لأن ذلك النظام من شأنه تسهيل الامر على الناخبين وكذلك على الاحزاب، ولكننى فى نفس الوقت ضد زيادة عدد الدوائر وزيادة عدد النواب لأن ذلك سيجعل طريقة العمل صعبة داخل البرلمان. هل من الممكن أن تقوم بعض الأحزاب بالطعن على قوانين الانتخابات ،خاصة بعد عدم الأخذ بمطالبها عند تعديل القوانين؟ أتمنى أن يضع الجميع حال البلد فى الاعتبار ؛فالاستمرار فى الطعن والتعديل سوف يؤدى الى «العطب» فى المسيرة السياسية ويعوق العملية الديمقراطية فى مصر، وتأجيل الاستحقاق الاخير لخارطة الطريق ،وهذا بالطبع خطرعلى عملية البناء السياسى فى مصر. وأطالب بل أناشد كل الاحزاب والقوى السياسية أن تأخذ فى الاعتبار الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، واتوقع من الجميع إعلاء المصلحة العليا لمصر أولا، فالموضوع ليس موضوع تنافسية أو انتهازية ،أو فرد عضلات او تصفية حسابات.. فالأهم الآن هو الخروج بمصر من عنق الزجاجة والمرحلة الحرجة التى تمر بها الآن. وأثق فى ان المحكمة الدستورية تأخذ ذلك فى الاعتبار ،بل ان على المجتمع المصرى كله ألا يشجع أو يرحب بالطعون ،فهذا المسلك سوف يُدخلنا فى حلقة مفرغة ودوامة جديدة من الطعون والتعديلات، فيجب ان نساعد ونرحم أنفسنا بدلا من أن نُخرب على أنفسنا. هناك بعض يُطالب بتحصين قانون الانتخابات .. ما رأيك فى هذا الأمر؟ لا أستطيع أن اُعلق على القانون المعروض الآن على مجلس الدولة حيث اننى لم أطلع عليه. الحكومة أعلنت من قبل رغبتها فى أن يتم إجراء الانتخابات قبل شهر رمضان المقبل .. فهل هذا ممكن ، خاصة أن هناك مواعيد امتحانات الثانوية العامة والجامعات؟ من الممكن أن تبدأ إجراءات العملية الانتخابية كفتح باب الترشح وإعلان مواعيد الانتخابات.. وما إلى ذلك، وأرى انه على القوى السياسية ان تساعد الحكومة على ذلك، فمصر تحتاج الى برلمان بأسرع ما يمكن حتى تكتمل مؤسسات الدولة وتتفرغ مصر لعملية البناء والتنمية، والمشاركة فى إعادة تشكيل المنطقة. طالب البعض بإعادة النظر فى قانون المحكمة الدستورية ؛لكى يكون لها حق الرقابة السابقة لضمان صحة قوانين الانتخابات .. فهل هذا يتعارض مع الدستور الجديد؟ هناك مادة فى الدستور توضح هذا الأمر تماما وهى المادة (191) والتى تنص على ان تقوم الجمعية العامة للمحكمة الدستورية على شئونها، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بشئون المحكمة.. إذن فأى تغيير فى تشكيلها أو اختصاصها يجب أن يؤخذ فيه رأيها ، وبالتالى فلا يمكن تعديل قانون المحكمة الدستورية بمجرد اصدار قرار أو قانون بذلك دون اخذ رأيها فى كامل الاعتبار ضمانا للدستورية. من ناحية أخرى ،فإنه من المُسلم به قانونًا أن الرقابة السابقة لا تمنع الرقابة اللاحقة ،وعليه فلا داعى لأى جهد ينتهى الى لا شيء.. ومجلس الدولة هو الذى يقوم بصياغة القوانين وفى ذلك نوع من الرقابة وضمان الجودة، اما المحكمة الدستورية فهى من يقوم بالرقابة اللاحقة.. والمهم فى الحالتين « جودة العمل» . بماذا ترد على اتهام البعض بأن الدستور الجديد كان فيه بعض «الألغام» التى تسببت فى أزمة قوانين الانتخابات البرلمانية التى نحن بصددها الآن؟ هذا غير صحيح ، وكلام مُرسل وسطحي، بل يهدد الاستقرار والامن الوطني، أى ان العكس هو الصحيح، وهو كلام لا يستند الى أى عمق أو دراسة أو فهم ،فالدستور يضع القواعد العامة التى تحكم العمل السياسى والتشريعى والتنفيذى فى الدولة، ويُحيل إلى القوانين التفصيلات المتعلقة بذلك، وهذه ليست «ألغاما» ولكنها عملية دستورية جرى عليها العمل بجميع المجتمعات، وتحدث فى كل الدول التى تتعرض لإعداد وصياغة الدساتير. أما موضوع «الألغام» فهو كلام لا أساس له ،والهدف منه إثارة اللغط والالتباس والبلبلة. البعض طالب بتأجيل الانتخابات عامين أو ثلاثة وتشكيل برلمان مؤقت بقرار سيادى باعتبار أن الأوضاع الأمنية الحالية لا تحتمل إجراء الانتخابات.. ما رأيك ؟ هذا بالطبع لا يليق بمصر.. و»هذا خطر لو تعلمون عظيم» .. وذلك الامر سوف يُوقف مسيرة التطور الديمقراطى فى مصر، فلا توجد دولة ديمقراطية فيها برلمان مُعين، فهذا لا يوجد إلا فى الدول الفاشلة والدول المُغرقة فى الديكتاتورية، والمُطالبون بهذا يريدون عزل الشعب عن إبداء رأيه فى عملية تطوير بلاده عن طريق الديمقراطية. حزب المؤتمر ،الذى قمت بتأسيسه، أعلن على لسان رئيسه الربان عمر صميدة أن قائمة «فى حب مصر» هى قائمة الدولة .. ما ردك ؟ سبق أن قلت إن الانطباع فى مصر يقول بذلك، وأنا شخصيا لا أعرف الحقيقة حول هذا الامر،ولكننى كما قلت من قبل أؤمن بأن الانطباع أحيانا يكون تأثيره أقوى من الحقيقة. ما رأيك فى مهاجمة الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد للدكتور كمال الجنزورى وقائمة فى «حب مصر»؟ لا أريد أن أدخل فى هذا الموضوع ، ولكن يؤسفنى جدا اللغط والاضطرابات الكثيرة فى الوسط السياسى والحزبي، وهو ما دعانى الى أخذ قرار بالابتعاد. برأيك .. متى ستُعقد أول جلسة للبرلمان القادم؟ المادة (115) من الدستور تقول: »يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد السنوى قبل الخميس الأول من شهر أكتوبر» .. وأرجو أن يؤخذ هذا التاريخ فى الاعتبار ليُعقد البرلمان طبقا لهذا التاريخ.